تشو وي ليه: تراجع ملحوظ في الإقبال على تعلم اللغة العربية لصالح الإنجليزية بسبب عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط

في محاضرة ألقاها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عن آفاق التعاون العربي ـ الصيني

TT

«إذا كان اليونان هو عقل البشرية الذي يفكر، والعرب لسان البشرية الذي يتكلم، فإن الصين هو يد البشرية التي تنفذ». هذا الوصف صدر عن الصيني المستعرب، الدكتور تشو وي ليه، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي، في محاضرة ألقاها مساء الأحد الماضي في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في قاعة المحاضرات التابعة للمركز بمبنى مؤسسة الملك فيصل الخيرية، وكان عنوان المحاضرة «آفاق التعاون بين الصين والعالم العربي»، والتي تطرق فيها المحاضر إلى جميع مجالات التعاون بين الصين كدولة، وبين العالم العربي كإقليم أو كتلة.

تلقى الدكتور تشو وي ليه، 66 عاما، تعليمه في قسم اللغة العربية بكلية اللغات الشرقية في جامعة بكين، ثم استكمل دراسته في جامعة القاهرة حتى 1980، وعمل مدرساً للغة العربية في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، ورأس مركز بحوث اللغة العربية والحضارة العربية الإسلامية في الجامعة نفسها، وعمل وكيلاً في كلية الدراسات العربية، ثم عميداً للكلية نفسها. بعدها رأس أكاديمية العلوم الاجتماعية حتى عام 2000، وأصبح مديراً لمعهد الدراسات الشرق أوسطية، إلى جانب رئاسة تحرير مجلة العالم العربي الصادرة في الصين، وعضو مراسل لمجمع اللغة العربية في القاهرة، وعضو مجلس الإدارة لجمعية الصداقة الصينية العربية.

وفي بداية المحاضرة، قدم الدكتور عبد العزيز بن سلمة تعريفاً بالمحاضر، بدأه بالحديث النبوي «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وانتهى بالإشارة إلى أن المحاضر مستعرب منذ أكثر من 45 عاماً. ثم بدأ الدكتور تشو وي ليه محاضرته بوصف نفسه، انه أكبر المستعربين الصينيين العاملين حالياً، وأضاف أن التعاون الصيني والعالم العربي ليس وليد قرن أو قرنين من الزمان، بل ممتد منذ قرون كثيرة، وكانت طريق الحرير بشقيها البري والبحري، رابطاً حقيقياً بين العرب والصين، مضيفا أن عدد سكان الصين يبلغ حالياً مليار وثلث المليار نسمة، 900 مليون منهم يعيشون تحت الحد الأدنى (الفقر)، وان هناك 26 مليون مسلم صيني يعيشون في مختلف الأقاليم، وان حالتهم تتحسن من يوم لآخر.

وقال أن مسجد هوايشنغ في قوانغتشو أقدم المساجد في الصين، حيث يرجع تاريخ بنائه إلى عهد أسرة تانغ، الممتد بين العامين 618 و908، إضافة إلى مسجد نيوجيه الذي يقدر عمره بـ 1100 عام، مضيفاً «هناك قانون جديد للأديان أصدر قبل شهر تقريباً، يعتبر أكثر تسامحاً مع الإسلام مقارنة بالقوانين السابقة».

ثم تطرق المحاضر إلى حال اللغة العربية في الصين، وذكر بأن هناك تراجعاً ملحوظاً في الإقبال على تعلم اللغة العربية لصالح اللغة الإنجليزية، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب، من أهمها: عدم الاستقرار السياسي في بعض منطقة الشرق الأوسط، والشركات الأوروبية والأميركية العاملة في الصين، وثورة الاتصال والكومبيوتر، لكن في المقابل، هناك 14 جامعة صينية ما زالت تدرس اللغة العربية، بخلاف المعاهد والمدارس، وترجم إلى الصينية 100 مؤلف عربي، من أهمها مؤلفات معاني وتفسير القرآن الكريم والحديث النبوي، والأعمال الكاملة لجبران خليل جبران ومعظم روايات نجيب محفوظ، ومؤلف ابن بطوطة، الذي وصل الصين، ووصفها ببعض الأوصاف التي ربما اختلطت عليه، فالصينيون لا يركبون الفيلة، بل الجاليات الصينية المقيمة في تايوان وجزيرة مالاوي، ولكن هذا لا يؤدي لإنكار وصوله إلى الصين.

وعلى الصعيد البحثي والعلمي، أعلن الباحث أن إسرائيل تبذل جهداً كبيراً في إقامة علاقات بحثية وعلمية مع الصين، بخلاف العالم العربي، والذي لا يوجد به سوى مركزين للدراسات الاستراتيجية في الامارات وسورية، وجامعة صينية في القاهرة، وهذا المستوى المتدني في العلاقات العلمية والبحثية، انعكس على الباحثين الصينيين، حيث لا تتعدى المراكز الخاصة بدراسات الشرق الأوسط أو العالم العربي ثلاثة مراكز، بينما تكاد تكون مراكز دراسات الولايات المتحدة الأميركية موجودة في معظم الجامعات الصينية.

وطالب جبّار، وهو الاسم العربي الذي ارتضاه الدكتور تشو وي ليه لنفسه، بتنظيم ندوة عن الصين في المملكة، للتعريف أكثر ببعض المجالات والتعمق فيها.