قصر المربع.. نواة الرياض الحديثة وتحفة الماضي القديم

أول المباني الرسمية التي بنيت خارج السور القديم للمدينة

TT

يعد الكثير من المعماريين قصر المربع الذي بني في الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي البداية الفعلية للعاصمة السعودية الحديثة باعتباره آنذاك أحد الرموز المهمة التي عبرت عن الدولة الجديدة.

ويعتبر المبنى من أهم العناصر الموجودة حاليا في مركز عبد العزيز التاريخي ومن أهم العناصر من حيث القيمة التاريخية كونه يحمل قيمة تراثية عالية باعتباره أحد أول المباني الرسمية التي بنيت خارج السور القديم للمدينة إلى جانب أنه من أواخر المباني الطينية المهمة التي أقيمت في المدينة، حيث يحتل القصر وحده مساحة قـدرها 1680 مترا مربعا بينما تبلغ المساحة الإجمالية 2957 مترا مربعا.

ويطل القصر على الميدان الرئيسي من جهة الغرب حيث جرى ترميمه وإصلاح الأجزاء المتداعية فيه لإعادته إلى الوضع الذي كان عليه تماما في أواخر عهد الملك عبد العزيز إضافة إلى تأثيثه بالطريقة نفسها التي كان عليها الوضع في ذلك الوقت مع الاحتفاظ بالطابع المتحفي لتتواءم مع بقية العناصر في مركز الملك عبد العزيز التاريخي.

وكان القصر يقع في الجهة الشمالية من مدينة الرياض حيث اتخذه الملك عبد العزيز في البداية مقراً له عام 1938 ثم أصبح فيما بعد قصراً للحـكم. وقد أسسه خارج أسوار مدينة الرياض القديمة وكان الملك يستخدمه لسكنه الخاص ولمباشرة الأعمال الرسمية في الفترة المسائية.

والقصر مستطيل الشكل يبلغ عرضه 30 متراً وطوله 40 متراً وبارتفاع طابقين مع سترة السطح وبني بأسلوب البناء المحلي واستخدم في بنائه الطين واللبن وجذوع النخيل والأثل.

واكتسب مكانة تاريخية حيث انعقد فيه العديد من الاجتماعات وتوقيع العديد من الاتفاقيات بـين الملك عبد الـعزيز وعدد من قادة الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة.

أما ما يخص البناء والتصميم فقد استعملت المواد المحلية في بناء القصر فالجدران مبنية من مادة الأرض نفسها بينما سُقفت الغرف بالأخشاب المحلية وجريد النخيل. كما تم استغلال الأحجار المحلية في وضع القواعد وبناء الجدران بالإضافة إلى تشييد الأعمدة الطليقة. وتولى بناء القصر العمال المحليون من ذوي المهارات التقليدية في فن البناء الذي كان يُمارسُ في شبه الجزيرة العربية منذ مئات السنين.

وعمد البناؤون إلى جعل جدرانه من الطوب المجفف بأشعة الشمس وطليت الأسطح بالجير أو الجص لتكوين أجزاء بيضاء بارزة في سور الشرفة والأعمدة وحول الأبواب وزخرفت الجدران بأنماط هندسية منقوشة في الجص بينما تحمل عوارض السقف صفوفاً من الخطوط المطلية بألوان مختلفة ونقط سوداء وحمراء فوق خلفية من اللون الأصفر الفاتح.

واتسم تصميمه بالبساطة، ويشبه تصميم معظم المباني الطينية في ذلك العهد ويتكون من طابقين مؤلفين من أجنحة وكل جناح مكون من غرف واسعة وقاعات ودرج وباحات. ويتميز تصميم القصر التقليدي أيضاً بفنائه الواسع الذي تُفتح نحوه جميع الغرف فيوفر لها الستر والنور والهواء.

ويتكون الطابق الأرضي من غرف خاصة بالحراس أو ما يعرف محليا وموقد لتجهيز القهوة ومخازن للمواد الغذائية والحطب والمؤن الخاصة بتجهيز الطعام. ومكاتب رئيس الحرس الملكي الخاص ونائبه ومساعده.

أما الطابق الأول فيضم مجالس استقبال وهي مجلس رئيسي وصالة انتظار للضيوف وكذلك مكتب الشعبة السياسية، وحجرة تابعة له إلى جانب ممر يؤدي إلى الجامع ومكتب مسؤول شؤون الخويا. وحجرة تابعة له وصالة لضيوف وجلساء ومستشاري الملك. وهناك مجلسان رسميان أحدهما صيفي والآخر شتوي ومكتب المعاريض والشكاوى والاتصالات والبرقيات.

ويعد قصر المربع من أجمل التحف الفنية التراثية التي لا يتوانى أي زائر لمنطقة الرياض عن زيارته لمشاهدة تحفة من التراث السعودي العريق ومن الشواهد على التطور المعماري للرياض.