«محلقات نحو السماء» يحولن الاحتفالات الاجتماعية لحلقات ذكر

TT

«نحن محلقات نحو السماء» هذا ما قالته سيدة خمسينية وصفا لها ولصديقاتها ممن خلقن من فضاء فراغهن حلقات للذكر حتى في الاحتفالات الاجتماعية. هذا الأمر لفت نظر سمر الحسيني حينما دعيت لمناسبة الاحتفال بمولود جديد أطل على عالمنا الذي بات يحتمل الغرائب حيث تقول «في العادة وفي مثل هذه المناسبات وبحكم العادات والتقاليد نعرف ما الذي يصاحب هذه الاحتفالات من موسيقى وغناء ورقص وهذا أمر طبيعي اعتدنا عليه ولا يحتاج منا لتوقعات أما أن نفاجأ بأن الاحتفال أمسى درسا وعظيا يتناول يومياتنا بالتحريم أو التحليل وغالبا الأولى حتى أصبحت الحياة مجردة من معناها فهذا الغير مقبول».

وتشير إلى أن هذه المناسبات الاجتماعية النسائية قد باتت أخيرا مزيجا من الدروس الوعظية والإرشادية يتخللها بعض الترفيه ممثلا في المسابقات الثقافية إن جاز أن نطلق عليها ذلك» وقالت «إنها لا تكاد تتعدى أن تكون من قبيل (من أول من هاجر مع الرسول من الرجال؟ من هي أول زوجة له؟) وغالبا هذه الدروس تعد من تلك الموضوعات التي تتناول الأمور الحياتية البسيطة منطلق متشدد يتخذ من التهديد والوعيد أسلوبا ومنهجا للوعظ والدعوة هذا إن كان ثمة دعوة في مجتمع اسلامي يعرف كل ابنائه ما لهم وما عليهم».

أما ما يثير الحيرة والتساؤل فهو من أين جاءت الفكرة وما هو مصدرها، تقول السيدة نورة مكي وهي إحدى السيدات التي ترى أن هذه المناسبات فرصة جيدة لنشر الوعي الديني «حينما أقمت احتفالا لابني بمناسبة تخرجه من الجامعة قدمت خلاله إحدى السيدات حلقة وعظ تطرقت فيها لبعض السلوكيات التي نمارسها نستهين بها لبساطتها ولكنها تعد من الأمور المنهي عنها دينيا وقد تم التطرق إليها من باب التذكير ليس إلا، خاصة في مجتمعاتنا النسائية التي تعتبر الأكثر انغماسا في ماديات الحياة اليومية إلى جانب أن هذه الاجتماعات في العادة لا تخلو من الغيبة والنميمة ومن باب الحرص وكسب الأجر».

وعندما سألناها عن السيدات اللاتي يلقين هذه الدروس أو المواعظ أجابت «عادة لا يكون هناك تنسيق أو إعداد مسبق لمثل هذه الدروس حيث انها وليدة اللحظة وغالبا ما تتبرع إحدى الحاضرات بإلقائها»، وعن الموضوعات المتناولة في هذه الجلسات تقول «هي من اليوميات أو بحسب المناسبات الدينية كحلول شهر رمضان أو العشر من ذي الحجة يتم تناولها في المناسبات الاجتماعية كاحتفالات الزواج والإنجاب والنجاح»، والسبب كما تقول «لتجلب البركة للزوجين وللوالدين في ابنهما».

لكن صفاء وهي مرشدة طلابية بإحدى مدارس التعليم الخاص تؤيد وجود هذه الحلقات الوعظية ولكن بشروط ينبغي مراعاتها من حيث نوع الموضوع والمدة الزمنية وأسلوب الإلقاء لكنها في ذات الوقت لا تؤيد هذه الحلقات في مناسبات الزواج والأفراح وكما تقول «من المفترض أن تكون هذه المناسبات لإدخال الفرح والسرور«لا أن تقيس مستوياتنا الثقافية من خلال هذه المسابقات التي تتخلل حلقات الوعظ التي لا تؤيدها لأنها بحسب تعبيرها «غير مجدية ولا تخلو من الاستهزاء بعقولنا».

وترى الطبيبة نسوم خلوفة أن هذه المجالس الوعظية «غير مقبولة اجتماعيا، وأن لكل مقام مقال» إلا أن هذه المجالس تعتبر مجالس طيبة ولا ترى فيها أي غضاضة «إن وظفت توظيفا صحيحا في الوقت المناسب لها وبشكل يحترم خصوصيات الآخرين».

وكان للسيدة لطفية سراج ربة منزل تساؤلها حيث تقول «هل من المفروض كي أكون قريبة من الله تحويل زواج ابني أو ابنتي إلى حلقات ذكر؟! بالطبع أريد أن أفرح بهم «بعكس زينب سعيد التي التحقت أخيرا بقافلة «محلقات نحو السماء» هي وصديقاتها وتقول «لم نكن نعرف شيئا من أمور الدين كما هو الحال الآن وأنا أحاول أن استدرك ما فاتني عسى أن يغفر لي الله جهلي في الماضي».