«النكتة».. من بذخ المجالس.. إلى متنفس من ضغوط السياسة والاقتصاد

الشعوب العربية الأكثر حبا لها

TT

يعتبر العرب من أكثر الشعوب حباً للنكت، ففي البلدان العربية لا تجد بلداً إلا وشعبه يتابع النكت والجديد منها، بعضها يكون ساخرا من الواقع الاجتماعي والسياسي في البلد، والبعض الآخر يكون عن قصص لشخصيات وهمية وخيالية لا يمكن أن تحدث ولكنها تظل مضحكة.

ومرت النكتة بتدرج منذ ان كانت مظهرا من مظاهر البذخ وتقال في بلاط الحكام والعظماء في عصور ماضية، الى ان اصبحت متنفسا لأناس يمرون في ظروف اقتصادية وسياسية سيئة.

ففي العصور القديمة كان هناك الكثير من كتب الطرائف منها كتاب (أخبار الحمقى والمغفلين) لأبو الفرج بن الجوزي و(البخلاء) للجاحظ الذي كان يتكلم بطريقة ساخرة عن قصص البخلاء. ولكن يظل جحا اكثر الشخصيات إثارة والذي نقل عنه الكثير من الطرائف، واختلف اين عاش جحا والزمن الذي عاش فيه ولكن أقرب الروايات أن أسمه (أبو الغصن دُجين الفرازي) عاش نصف حياته في القرن الأول من الهجرة والنصف الآخر في القرن الثاني، وعاصر الدولة الأموية ومات في عصر خلافة المهدي، واختلف المؤرخون في جحا فبعضهم قال انه مجنون وأحمق والبعض الآخر قال انه عاقل ولكنه كان يتحامق ليستطيع السخرية من الحكام بحرية تامة وتوفي وعمره 90 عاما.

ومنذ ذلك الحين أخذت الشعوب المتوالية تنسب جحا لها ويقومون بصياغة القصص على محيطهم وحياتهم الاجتماعية ولكن تظل شخصية جحا هي الشخصية نفسها والقصص كثير منها جرى تداوله بنفس الأسلوب.

وفي العصر الحديث أخذ الشباب يتبادلون النكت بشكل كبير في حياتهم بل وأصبحت هي الشيء الوحيد الذي يرسم الابتسامة في بعض البلدان التي تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية.

وقد وصفها أحد الأشخاص بالماء الوحيد الذي يتناول بالأذن، وتختلف النكت في البلدان عن بعضها البعض فكل بلد له مناطق معينة دائماً يلصق النكت بها، وتذكر النكت وكأنها حصلت لأحد الأشخاص من هذه المنطقة، وفي بعض البلدان أيضاً ترجع النكت لبعض الشرائح الاجتماعية وهكذا.

ويقول أحمد وهو من أبناء احدى المدن التي طالما رميت عليهم النكت: حقيقة لا نعلم لماذا تلصق الكثير من النكت بنا، لدرجة أن بعض النكت التي يسمعها الأشخاص في بلدان عربية أخرى يأتون ويضعونها على أبناء مدينتنا.

ويضيف أحمد: ربما لأننا أناس طيبون ولسنا متصنعين ونحب جميع الناس ومشهود دائماً لنا بالطيبة وحسن النية في أغلب الأمور، يستغل البعض بعض الأحداث التي قد تحدث لأقربائنا نتيجة عفويتهم.

وعن النكت عموماً يقول أحمد: النكت أصبحت في هذا الوقت كثيرة جداً، ومع ظهور الرسائل في الجوالات زادت بشكل كبير، لدرجة أننا كل يوم نسمع نكتة جديدة وغير مكررة، وأحياناً تظهر نكت مواكبة للأحداث التي تحصل في وسطنا.

ويشير أحمد إلى أن النكت أصبحت مقياساً للمونه بين الزملاء حيث كلما زادت النكتة جرأة كان بين المرسل والشخص المرسل إليه صداقة ومونه زايدة.

ويقول فراج الشهراني أستاذ التاريخ بأن لصق النكت في بعض المناطق ليس له أي أصل تاريخي، ولكن تلصق النكت في الأشخاص العفويين والذين على طبيعتهم، وهذه هي صفات أبناء تلك المنطقة، حيث يتمتعون بالعفوية والصدق في جميع الأمور.

وعن أصل النكتة أكد أنها كانت من مظاهر البذخ عند الحكام والتجار في العصور الماضية، بأن يأتوا بأشخاص في مجلسة يهرجون ويضحكون بتصرفاتهم وأحاديثهم.