العود والبخور.. رموز من التراث تزاحم العطور الفرنسية

تجاوزت استثماراته في السعودية ثلاثمائة مليون ريال

TT

ارتبط العود والبخور في المجتمع السعودي بكثير من المناسبات السعيدة وكذلك الحزينة، فلا تكاد تخلو أي مناسبة منه بين الرجال والنساء، حيث كان قديما يعكس المكانة الاجتماعية للمضيف ولا يزال يعتبر في مقدمة الهدايا المرموقة التي يجري تبادلها.

ويعد العود رمزا في ثقافتنا الخليجية والمحلية فقد أفردت له الكثير من الأمثال واستهلت به مطالع قصائد الشعراء.

وفي حين يكتفي البعض بحرقه في المناسبات يداوم البعض على استعماله بشكل يومي، ويختلف نوع البخور المستخدم باختلاف المناسبة كما يقتصر البخور الرجالي عادة على حرق العود وحده بينما تستخدم النسـاء نوعـاً من البخـور اسـمه «الدخون» يتفنن في صناعته ويعرفن جيداً مكوناته ونسبه.

فالدخون تصنعه النساء من عجينة مكونة من العود والمسك والعنبر وقد يضاف إليها دهن الورد ومجموعة من العطور ثم تخلط معاً وتعجن، وتشكل على شكل أقراص مستديرة، وتستخدم بعد أن تجف كالعود تماما بوضعه مع الفحم المشتعل تحية للضيوف.

وتعد شجرة العود من الأشجار المعمرة فيتراوح عمرها بين 60 و100 عام ولكنها تحتاج مناخا مرتفع الحرارة والرطوبة.

وعرف ان العرب تولعوا بالطيب والتطيب حتى أصبح أحد مظاهر حياتهم اليومية، وفي العصر الإسلامي ازداد اهتمام العرب بالطيب فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث أهل بيته على استعماله وأمر أن يجعل في جهاز السيدة فاطمة عند زواجها من الإمام علي رضي الله عنهما في ثيابها.

والبخور كلمة تطلق إما على مفردات عطرية أو على مخاليط عطرية توضع على الجمر فبتأثير حرارة الجمر على المواد العطرية المكونة لها يتحول المخلوط إلى دخان عطري جيد الرائحة، ويستعمل لذلك مباخر ذات أشكال وألوان متعددة بعضها يعمل على الكهرباء، والبعض الآخر على الجمر الطبيعي أو الصناعي.

وهناك العديد من الدول التي يحظى بها سوق عود البخور وزيوته بمكانه خاصة، حيث يرتبط سوق العود والبخور بثقافات تلك الشعوب وبعضها يرتبط بكثير من طقوسها وعاداتها وتقاليدها الشعبية، فاليابان على سبيل المثال تستورد من هذه العطور ما يعادل واردات دول الخليج نتيجة لدخوله في طقوسهم التعبدية، كما يستخدمونه كنوع من الرفاهية.

وفي الهند كان يستخدم قديما لتعقيم غرف العمليات قبل إجراء العمليات الجراحية، ويستخدم في الطقوس الدينية، كما تستخدم أخشابه لحرق جثث الموتى من كبار الشخصيات.

كما توارثته كثير من الثقافات الأخرى نظرا لعلاقة تربط البخور بعوالم السحر والشياطين أو الأجواء الروحانية، وتناقلت بعض الثقافات الأخرى فوائد أو مضار تطبيبية للعود وزيوته العطرية.

ويقدر حجم السوق السنوي للعود وبخوره في السعودية بأكثر من ثلاثمائة مليون ريال سعودي، وتتفاوت أسعاره تبعا لجودته وثقله في الوزن ودرجة سواده فكلما كان أسود وخاليا من الحشو كان أجود وعموماً يفضل شراء العود على حالته الطبيعية أي غير مصبوغ (ملمع أو منظف)، ما بين 100 ريال للكيلو الى ما يفوق الاف الريالات بينما يمتاز الدخون بكونه ارخص نسبيا عن العود وقد يباع لدى بعض المحلات بالحبة* ومن أطرف ما يروى عن تقاليد استعمال البخور قديما، انه اذا ضاق صاحب البيت بزواره بعد ان طالت فترة زيارتهم أو مل حديثهم، فإنه يهرع الى المبخرة، ويشعل فيها المسك ويطوف عليهم متمتماً «ختام مسك»، فينهض الضيوف للانصراف، فالقول الشائع بينهم هو «ما بعد العود قعود».