معارك بين المطاعم على مسمى «الكبسة السعودية»

TT

يتنازع اصحاب بعض المطاعم الشهيرة التي تقدم «الكبسة السعودية» مع بعض المستثمرين الجدد، الذين يستخدمون اسماء مطاعمهم بدون وجهة قانونية. وتقدم المطاعم الجديدة نفس نوعية الطعام ولكنها لا تحمل اسما تجاريا مشهورا و«رنانا» كي تكتسب عملاء وتحقق مبيعات مماثلة، فهي ببساطة تفتقر الى الشهرة. وقد تجد بعض المطاعم الجديدة ضالتها في استراق اسم تجاري لمطاعم شهيرة، او الاقتراب من الاسم بما يوحي في تشابهه بأنه تابع للاسم الشهير.

وتنوعت الخلافات وتعددت المنازعات على اسماء مقدمي الكبسة السعودية، وظهر على السطح اخيرا ما حدث من نزاع بين شريكين على اسم «الكبسة السعودية" حسن الزبيدي، وسامي سالم.

والذي حكم فيه للأول بان يحتفظ باسم «الكبسة السعودية» وطلب منازعه على نفس الاسم التجاري ايجاد اسم آخر، غير ان الاخير كما اخبر محاميه عبد الرحمن حجاف، سوف يستأنف الحكم. وكانت جريدة «الشرق الأوسط» قد اطلعت على المنازعة بين الزبيدي وسالم منذ ان نشبت ونشرت ذلك بتاريخ 16 ديسمبر (كانون الأول) 2004.

وبناء على توضيح من محمد السليماني من فرع وزارة التجارة في جدة فان هناك قضايا اخرى مشابهة ومتعددة تتعلق بهذا النوع من المنازعات ولكنها كما قال، غالبا ما تحل سلميا، ولم يرغب السليماني ان يسمي احدا من اصحاب تلك القضايا.

والخلافات على الاسماء التجارية، ربما تكون مع صاحب مطعم جديد استخدم اسما مشهورا وموجودا مسبقا في السوق وهذا الذي حدث مع سلسلة مطاعم شهيرة، مطاعم ريدان، فكما صرح احد المسؤولين في ادارة مطاعم ريدان ان اسم ريدان يتعرض وباستمرار "للسرقات" كان آخرها ان احدا فتح مطعما جديدا واستخدم اسم ريدان وطالبت ادارة ريدان بأحقية مسمى ريدان، ولكن المستخدم الجديد اضاف اسما آخر على اسم ريدان لكي يفصله عن اسم مطاعم ريدان، واضاف المسؤول ان ذلك غير كاف، فالعميل ربما يعتقد انها تتبع مطاعمنا، مطاعم ريدان، والحقيقة خلاف ذلك.

وهناك مطاعم للكبسة السعودية اشتهرت منذ السبعينات ولكن لم يعتد احد على اسمائها وربما يعود ذلك لاستخدامهم اسمائهم الحقيقية كمسمى مطعم الخلاقي، وبالتالي فالاسم سجل او لم يسجل في وزارة التجارة فقد بقي لمالكه.

وهناك طرق اخرى يستغل فيها اسم المطاعم الشهيرة وهو ان يتخذ الوانا مشابهة للالوان التي يتخذها صاحب سلسلة المطاعم في تمييز مطاعمه من الداخل والخارج، ومثال ذلك ما تعرض له احد مطاعم الوجبات الخفيفة الشهيرة والتي لطالما سرقت الوان مطاعمها واستهلكت، وممكن كذلك ان يجد صاحب المطعم الجديد مدخلا على اسم شهير ويحاكيه في حروف متشابهة وعلى وزن واحد عند نطقها.

فكما تشتهر السعودية ودول الخليج بـ"الكبسة" فكذلك يتميز كل بلد بوجبته التقليدية وطبقه الخاص، فعلى سبيل المثال، طبق الكشري في مصر، والكسكسي في المغرب، والسمك والبطاطا في بريطانيا، وهكذا..

ولما كانت اكلة الكبسة السعودية لا غنى لها عند السعوديين فقد قامت عليها تجارة رابحة واتجه كثير من اصحاب الاموال الى الاستثمار في المطاعم بانواعها، وشهدت المطاعم الشعبية التي تقدم اكلات شعبية سعودية معروفة مثل الكبسة، تنافسا وتسابقا ليس في تقديم افضل انواع الكبسة، بل في رقعة الاتساع وفتح اكبر عدد ممكن من الفروع داخل المدينة الواحدة او في مدن أخرى من السعودية.

والانتشار الواسع لهذا النوع من المطاعم ربما يكون فيه دليل على رغبة الكثير من الاسر السعودية في الحصول على الاكل من خارج المنزل وبمواصفات تفي برغبة الاسر. ومنها مطاعم تحسن طهيها، واخرى تبيعها بدون اتقان لطبخها وسرعان ما يكشفها ذواقي الكبسة بانها من الدرجة الثانية او الثالثة.

وهناك من يتفنن في طبخها واعدادها ولهم مطاعم شهيرة ومعروفة في السعودية ولهم روادهم من العملاء الذين يفضلونهم على غيرهم وان بعدت مطاعمهم عن اماكن سكنهم. ونظرا لما تشهده مدينة جدة من ازدحام من المواطنين والخليجيين المعتمرين والسياح خلال اجازة الصيف، فإن مطاعم الكبسات السعودية تشهد اقبالا كبيرا ومنافسة في تقديم الافضل.

وتشتهر الكبسة السعودية والتي تتكون من ارز ولحم، او ارز ودجاج بأنها سيدة مائدة الطعام لدى الخليجيين وتعتبر اهم الوجبات اليومية لديهم ولكنها لا تدخل في وجبات الافطار لدى الخليجيين مثل ما هو الحال عند الصينيين وبعض دول شرق آسيا.

ولكون الكثير من عرب الخليج رحالة، ويكثرون السفر، فكان لا بد لبعض مطاعم تايلاند واندونيسيا والمغرب ان تتفنن في صناعة الكبسة لضيوفها الخليجيين، واخذ المغتربون من اصحاب المطاعم في لندن ودول الغرب عامة ان تكون مطاعهم غنية بالكبسة الخليجية لكي تفي بحاجة المغتربين والزوار العرب. والدول الغربية لا شك تشارك العالم في وجبة الارز ولكنها لا تبالغ في استهلاكه، واذا اضيف اليه اللحم عند طبخه في تلك الدول، فهو لا يعني انه يماثل الكبسة الخليجية، فهو بنكهة وطابع مختلف.

ولم تكن الكبسة الخليجية والسعودية بأوصافها الراهنة، قبل اربعة او خمسة عقود من الزمن مثلا، فقد طرأت عليها تغييرات وتطورات تتماشى مع اختلاط الشعوب وتنقل الثقافات بين الدول بما في ذلك «ثقافة الاطعمة» فقد اضفى البخاريون المهاجرون والذين استقر معظمهم في السعودية، الى الكبسة السعودية الكثير من التحسينات فأضافوا اليها المكسرات، ومنها اللوز، الى جانب اثرائها بالزبيب والجزر فأصبحت الكبسة بحليتها الجديدة التي تعرف بها الآن.

وكانت الكبسة تعتمد في الدرجة الاولى على قليل من البهارات الخفيفة والتي غالبا لم تكن تتعدى الفلفل الاسود والكمون بكثير، ولكن بعد ان دخلت العمالة الهندية السعودية في اواسط السبعينات، فقد اضيف اليها من البهارات المتنوعة والمتعددة ما جعلها كذلك تضيف حلية جديدة الى طعمها ورائحتها.

وهناك أصباغ تضاف لتلوين الأرز، ومنها الاصباغ الطبيعية كالكركم والزعفران والجزر، ولكنها لا تستخدم الا نادرا في تلوين الكبسة السعودية.

ويعرف الارز في بعض مناطق المملكة باسم (العيش) وربما سمي كذلك لان شعوبا تعيش عليه فهو بحق غذاء الشعوب، فالارز يشكل طعاما للملايين من سكان الكرة الارضية الا ان الصين ودول آسيا هم من اكثر شعوب العالم استهلاكا للارز.