التغرير بالمتعاطفين مع الإرهاب إحدى وسائل الخلايا لإجبارهم على الاستمرار

TT

أفادت المعلومات التي رشحت من التحقيقات الأمنية مع احد المطلوبين الذين تم القبض عليهم أخيرا، أن احد أسباب انخراطه المباشر في العمل الإرهابي في السعودية، يعود إلى تورطه في تقديم تسهيلات للمجموعات الإرهابية بحكم تعاطفه معهم.

وأظهرت التحقيقات أن مجموعة من الإرهابيين طلبوا من المحتجز إعارتهم سيارته لقضاء حاجة، وما كان منه إلا أن لبى طلبهم، لكنه تفاجأ لاحقا أن سيارته استخدمت في تنفيذ عملية إرهابية، ليبلغه الإرهابيون بعدها أنه أصبح متورطا بشكل مباشر معهم. وفي شهادات الإرهابيين التي عرضها التلفزيون السعودي مع عدد من المتورطين في أعمال الإرهاب، أشار عدد منهم إلى أنهم خدعوا بالشعارات التي كان يرفعها الإرهابيون في بداية عملهم. وأضافوا أن الأعمال التي نفذت ضد المدنيين والمنشآت السعودية أدت إلى تغير أفكارهم، لكن قادة التنظيم اخبروهم أن تورطهم مع التنظيم في البداية وتراجعهم لن يشفع لهم في نيل أحكام مخففة أو في صدور عفو في حقهم. ويرى المراقبون لحركة الإرهاب في السعودية، أن احدى ابرز الركائز التي يعتمد عليها قادة التنظيم الإرهابي في الداخل، تجنيد الشباب من صغار السن، خصوصا المتحمسين منهم في أعمال بسيطة، مثل الدعم وتأمين المأوى والتنقلات. وعند تقرير المجندين الجدد الخروج عن أفكار التنظيم، يلجأ قادة التنظيم إلى شيطنة صورة الدولة والحكومة، خصوصا أجهزة الأمن لإيجاد نوع من الإرهاب الذي يدفع بالمتراجعين إلى الأمام خوفا من القبض عليهم. وبشأن أساليب التغرير الأخرى، فإنه حسب الجهات الأمنية، تبقى احدى وسائل الخداع الأخرى التي تحرص التنظيمات الإرهابية عليها، حيث ان الغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لهم، إضافة إلى أنهم يستحلون الدماء المعصومة وما يقل عنها مثل الأموال، فالإرهابيون يبيحون سرقة الأموال، وهذه إحدى الوسائل التي يستفاد منها من المجندين الجدد الذين كانوا من اللصوص، فيخبر أنه في السابق كان يسرق تحت إغواء الشيطان، أما الآن فالوضع مختلف، فهو يسرق لإقامة شرع الله من وجهة نظرهم.

وبالعودة إلى هذه الأساليب، يلاحظ المراقبون أنها متشابهة لدى معظم حركات العنف المسلحة التي اتخذت الدين شعارا لها، فهي ترى في المجتمع والدولة حالة من الجاهلية التي يجب الخروج عليها ومحاربتها، ما يعني أن هذه المجتمعات والحكومات غير معصومة وما يستفاد منها يعد بمثابة غنائم الحرب.وتبين المؤشرات الأمنية لمتابعة العناصر الإرهابية في الداخل، أن التضييق على الخلايا الإرهابية أدى إلى تقليل هامش الحركة الذي كانت تتمتع به لتجنيد الأعضاء الجدد، الأمر الذي جعلها تتخذ قرارا بتوريط المنخرطين الحاليين والمفترضين، وذلك لإجبارهم في الاستمرار في العمل الإرهابي. وفي الشهادة التي قدمها المطلوب على قائمتي 19 و26، عثمان مقبول العمري، أن جهوده مع التنظيم الإرهابي لم تتجاوز تقديم الدعم لهم من خلال توفير الأسلحة، وأنه اتخذ قرار الفرار من أجهزة الأمن ومن العناصر الإرهابية، مشيرا إلى أنه لم يكن يتوقع أن يتعامل معه الأمن السعودي بهذه الصورة الجيدة، بحكم أن الصورة الذهنية التي رسمها قادة الخلايا كانت مأساوية عن التعامل مع المقبوض عليهم.

ودعا العمري بقية المتورطين في العمل الإرهابي الى الاستسلام وذلك للثقة التي توفرت لديه من خلال التعامل الأمني معه، مبينا أن القناعة الحالية أن المتورطين سيحاكمون وفقا للجرم الذي ارتكبوه، وأن الاستسلام دليل على تراجعهم عن الأفكار التي خدعوا بها. من ناحية أخرى، شهدت العمليات الأمنية الأخيرة التي قتل فيها عدد من قيادات التنظيم والمرافقين لهم في حي التعاون في الرياض، أو في مدينة الرس في منطقة القصيم، لبس أفراد المجموعات الإرهابية للأحزمة الناسفة في القتال ضد سلطات الأمن، وذلك لمنع فرص القبض عليهم، ما يشير إلى أن التعبئة الفكرية جعلتهم لا يرون إلا مسار الاستمرار في العمل الإرهابي والموت عليه.