الدكتورة وفاء: تمكين المرأة السعودية يكمن في الاعتراف بها كفرد ومواطن لها حق كحق الرجل

من مبدأ المساواة في الفقه الإسلامي

TT

عند الحديث عن المرأة والتنمية في المملكة، فإنه ينبغي التوجه لشخصيات تملك خلفية كافية عن المرأة السعودية وموقعها وموقفها من قضايا التنمية في مجتمعها، ومن بين هذه الشخصيات، الدكتورة وفاء الرشيد، مستشارة مكتب الأمم المتحدة في الرياض، والتي تعد من السعوديات المنشغلات بالشأن التنموي في المملكة، وتحديداً كل ما يتعلق بالمجتمع النسائي، لكونها امرأة وسعودية وأكاديمية، إضافة لامتلاكها خبرة جيدة في قضايا التنمية. وبدافع ما سبق، أجرت «الشرق الأوسط» معها حواراً حول عدد من المحاور التي تتعلق بالمرأة والمجتمع السعودي وأهداف الألفية التنموية، التي تبنتها الأمم المتحدة في عام 2000.

* ما زال هناك جدل حول وجود خصوصية للمجتمع السعودي من عدمه، وهو جدل ذو عمق تاريخي، ولكن الاستمرار في ذكر هذا الجدل في معظم النقاشات والحوارات، يستهلك الوقت والجهد، فما رأيك حيال هذا؟

ـ يعتمد الجدل حول خصوصية المجتمع السعودي من عدمه على المعنى المقصود بهذه الخصوصية، فهل المعنى المقصود أن نأخذ هذه الخصوصية كتبرير وعذر للتقوقع على الذات، وللقول بأننا مخهاتف عن هذا العالم قاطبة، ولذلك لنا الحق بأن ننعزل، أم أن الخصوصية تأتي بمعنى أشمل، بحيث يمكن توظيفها من معنى تراثي، لكنه ليس أخلاقيا أو إنسانيا لأنه في نهاية المطاف، نحن بشر في آخر اليوم، ولا نستطيع أن نعزل أنفسنا عن العالم.

* الحديث عن تمكين المرأة في السعودية، سواء كان في وسائل الإعلام المحلية أو الخارجية، أو نقاش ذلك داخل المجتمع السعودي، هل يعد نقاشاً قافزاً، في ظل بقاء حاجة معظم السعوديات لوسيط ذكوري أو إلكتروني لتسيير معاملاتها اليومية؟

ـ أظن أننا نتحدث عن الأساسيات هنا، وأنا شخصياً عندما أتحدث عن التمكين، فإنني أتكلم عن تمكين المرأة من حقها كمواطنة ابتداء، بغض النظر عن الحديث عن وضع المرأة في الجهات الحكومية، مثل قطاعات التعليم والصحة والمحاكم، أو حال المرأة مع القوانين والتشريعات. وفي اعتقادي أن الاعتراف بالمرأة كفرد ومواطن لها حق كحق الرجل، ليس من مبدأ المساواة المطلقة ولكن من مبدأ المساواة الذي نص عليه الفقه (الإسلامي)، وأن «النساء شقائق الرجال».

* ما رأيك في الجلسة النقاشية التي نظمها مكتب الأمم المتحدة في العاصمة السعودية في 27 يونيو (حزيران) الماضي، والتي ناقشت أهداف الألفية التنموية ومدى تحقيقها في المملكة؟

ـ ما ذكر في الجلسة طرح مختلفٌ ولا شك، ولو قورن بالطرح المسموع في الجهات الحكومية في المملكة، لوجدت أن ما طرح في الجلسة يتميز بوجود بوادر صحية فيه، وهناك مساحة من الشفافية، وفيه حق للمساءلة واسع النطاق، وأظن أن ما طرح في الجلسة بادرة خير، وطبعاً الجزء الأهم في بوادر الخير، هو كيف نأخذ هذه البوادر ونحولها إلى استراتيجيات وإلى رؤية واضحة؟ وأظن أن هناك توصيات سترفع من هذه الجلسة، على حد علمي، وأتمنى أن تتبناها جهة حكومية وتترجمها إلى سياسات في المستقبل القريب».

* لماذا لم تطرح قضية العنف ضد الطفل والمرأة والرجل في الجلسة النقاشية لأهداف الألفية التنموية؟

ـ أظن بأن موضوع العنف من الممكن إدخاله في بند الصحة أو التعليم، لأن بند الصحة لا يشمل فقط الصحة الجسدية والعضوية، بل هناك صحة نفسية وأخرى اجتماعية، ولأن المرأة أو الطفل أو الرجل عندما يتعرضون للعنف، سواء الإيذاء الجسدي أو النفسي أو المادي، فإن كل ما سبق ظواهر غير صحية اجتماعياً، وهذه الأمور تدخل ضمن بند الصحة، ولذلك تعد الأهداف التنموية للألفية الحالية التي حددتها منظمة الأمم المتحدة مظلة كبيرة، وبالإمكان إدخال بنود أخرى تحتها، كالعنف مثلاً.

* هل تتوقعين بأن المملكة ستحقق هذه الأهداف التنموية أو جزء منها عند الوصول للعام 2015؟

ـ أعتقد أننا حققنا في المملكة أموراً عديدة في الأعوام الأربعة الماضية، ولكن في اعتقادي ان المشكلة ليست في نحقق أو لا نحقق، بل المشكلة في أين سنكون بتحقيقنا المتواضع بالمقارنة مع العالم، والسؤال الأكبر في رأيي، يتمثل في هل سنتمكن من اللحاق بالركب العالمي أم لا؟ لأنه عندما يكون هناك شخص ما متخلف عن الركب، فهذا يعني أن الناس تسير وهو يسير خلفهم بصورة بطيئة، ولكن عندما يسير الناس وهو لا يتحرك، وليس ضمن الركب في الأصل، فهذا أمر آخر، لكنه ليس تخلفاً على الإطلاق.

* هل تعتقدين أن الجلسة النقاشية للأهداف التنموية كانت كافية للدفع بالتنمية الى الأمام، وخصوصاً في مجالات التعليم والصحة وتمكين المرأة والمشاركة في التنمية العالمية وغيرها من الأمور؟

ـ طبعاً لا، نحن في حاجة ماسة إلى جلسات أخرى ومشابهة، ونحتاج إلى حوارات مع القطاع الخاص ومع المجتمع المدني، وحتى مع دول الجوار، لأنه ينبغي أن يكون الحوار موجوداً معهم، ومثاراً دائماً على المستويين المحلي والأقليمي، ومنها يصل إلى العالم.