مسجد «جواثا» في الأحساء .. 14 قرنا مهددة بالانهيار

أقيمت فيه ثاني جمعة في الإسلام

TT

يعد مسجد جواثا في الأحساء من المواقع الأثرية القليلة التي لا تزال قائمة ويعرف موقعها، وزيارته متاحة للزائرين بشكل يومي، رغم ان بعض الباحثين اكدوا ضرورة ترميمه، لانه مهدد بالانهيار. وتشير كتب التاريخ إلى أن ثاني جمعة في الإسلام اقيمت في هذا المسجد، بعد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.

ويعود تاريخ بنائه إلى السنة السابعة من الهجرة، بناه بني عبد القيس بعد وفادتهم الثانية من رسول الله. وقد روى البخاري بالسند عن ابن عباس أن «أول جمعة جمعت في الإسلام بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مسجد عبد القيس في جواثا»، وهو قائم حتى الآن ويقع شرق قرية الكلابية، إحدى القرى الشرقية في الأحساء.

وتذكر كتب الحديث ومصادر التراث أن جواثا حصن أو قصر لعبد القيس في «البحرين»، وهو الاسم القديم لمنطقة تشمل كلاً من البحرين والأحساء والقطيف، أو الساحل الشرقي من السعودية، وأن حصن جواثا اعتصم به المسلمون الذين ثبتوا على دينهم عندما حاصرهم أهل الردة، وقد استنجدوا بخليفة المسلمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه على لسان شاعرهم عبد الله بن حذف الكلابي، وقد أنجدهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق بجيش يقوده العلاء بن الحضرمي وقضى على الفتنة، ويعتقد أن الأراضي في الجنوب الغربي من جواثا، تضم رفاة من استشهد من المسلمين في حروب الردة، ومنهم الصحابة عبد الله بن سهيل بن عمرو، وعبد الله بن عبد الله بن أبي، حيث تحصن مجموعة من المسلمين داخل أسوار المسجد حين حاصرهم المرتدون في عام 14 هجرية (635)، كما تشير إلى ذلك مصادر تاريخية، ومنها العلامة حمد الجاسر في كتابه «المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية».

ويبعد المسجد الذي يقع ضمن متنزه يعرف بالاسم نفسه، نحو 17 كيلومتراً شمال شرقي مدينة الهفوف، وقبل سنوات اكتشف أن المسجد الحالي أقيم فوق أنقاض مسجد أقدم منه، ويشير الشيخ عبد الرحمن الملا في كتابه «تاريخ هجر»، إلى أن المسجد الذي غطت الرمال أغلب أجزائه، قد تم ترميمه في عام 1210هـ، الذي قام بترميمه الشيخ أحمد بن عمر آل ملا، ويرى المهتمون بالآثار أن أطلال المسجد السابق هو مسجد جواثا.

لكن الباحث في الآثار خالد أحمد الفريدة، يؤكد اكتشاف مسجد أقدم من المسجد السابق، وذلك من خلال أعمال التنقيب الذي خضع لها المسجد من خلال وحدة الآثار في إدارة التربية والتعليم في محافظة الأحساء بصفتها المشرفة على المسجد.

ويضيف الفريدة، الذي شارك في عملية الترميم في عام 1412هـ، إلى أن عملية الترميم كشفت أنه لم يبق من المسجد سوى رواق القبلة والرواق الشرقي، فبقي في القبلة أربعة أعمدة تحمل ثلاثة أروقة مدببة، أما الرواق الشرقي فبقي منه ثلاثة أعمدة تحمل رواقين مستديري الرأس، وهذا يعني أن هذين الرواقين الباقيين من المسجد ليسا من فترة معمارية واحدة لعدم تجانس شكلهما ومادة بنائهما، حيث لوحظ أن الشرقي مجصص، أما الغربي (رواق القبلة) فهو غير مجصص، وفي الجهة الشمالية منه انتهى كتف العمود الشمالي بكتلة كبيرة من الطين بدلاً من أن ينتهي بقوس كما في الجهة الجنوبية، ويفسر خالد الفريدة ذلك، بأن المسجد مر بعدة عمليات ترميم وإعادة بناء لأكثر من مرة.

ويشير الفريدة إلى المتابعة المستمرة والمراقبة الأسبوعية من قبل وكالة الوزارة للآثار والمتاحف وإدارة التربية والتعليم، موضحا أهمية حاجة المسجد للترميم العاجل وخطورة الوضع الراهن، حيث إنه معرض للانهيار في أي وقت.

=