موقع مجهول على الإنترنت للدفاع عن معتقلي غوانتانامو يصدر الكراهية ويختزل القصة الرئيسية

TT

تعتبر قضية المعتقلين في غوانتانامو واحدة من أبرز قضايا حقوق الإنسان في الوقت الراهن حيث توجه العديد من الهيئات والمنظمات الدولية انتقادات للولايات المتحدة بسبب المعاملة التي يتعرض لها السجناء الذي لم يحاكموا بعد أو توجه لهم تهم واضحة على الرغم من احتجازهم لفترة قاربت 4 أعوام.

المعتقلون في غوانتانامو من جنسيات متعددة ما جعل فرق من المحامين المحليين يتولى الدفاع عنهم حيث حملت بلدانهم على عاتقها تسهيل مهام المحامين المكلفين الدفاع عن مواطنيها المحتجزين إلى جانب ظهور تجمعات حقوقية دولية تدافع عن المعتقلين بشكل عام على اعتبار أن احتجازهم يعد اختراقا لمواثيق حقوق الإنسان الدولية.

وفي السياق ذاته ظهر على الإنترنت موقع «فكوا العاني» وهو متخصص في الدفاع عن قضية المعتقلين وحسب الإشارة في الموقع فإنه لا يتبع لا جماعة أو تيار لكن الهدف منه العمل على نصرة المحتجزين.

الموقع مجهول النسب حيث لا يعرف منشأه إضافة إلى أن اللغة التي عرفت بالموقع والمرتكزات التي يقوم عليها متناقضة حيث انها داعمة بشكل قوي للعمل القتالي الذي ترى أنه لازمة من لوازم الإسلام في حين يعتبر من المحرمات في الأعراف الدولية لكنها تعود أيضا إلى الاستناد على الأعراف الدولية في ما يخص معاملة الأسرى.يضاف إلى ذلك أن التعريف بالموقع يأتي في السياق الفكري للجماعات الإسلاموية التي أفرزت الإرهاب حيث ان التعريف استهل بـ « يأتي موقع (فكوا العاني) أثناء حملة شرسة تقوم بها الولايات المتحدة على العالم الإسلامي كله لإتمام السيطرة، ومنع المارد من الخروج من القمقم.. في وقت يوشك العملاق النائم أن يستيقظ من نومه، ويتشافى من مرضه.. تأتي الضربات الأميركية هنا وهناك في محاولة للإجهاز عليه، أو تأخير استيقاظه.. ولكن يبدو أن هذه الضربات لا تزيد العملاق إلا استيقاظا.. وقد قدمت الولايات المتحدة للعالم الإسلامي أجمع خدمة كبيرة، يوم عرّفتهم بالوجه الآخر للحضارة الأميركية العنصرية، الذي يؤمن بكافة الحقوق والحريات لكل رجل أبيض، ويتعامل مع «الملونين» على النقيض من ذلك تماماً».وإشكالية اللغة المتطرفة التي تغلب على الموقع تتعدى التوظيف اللفظي إلى المغالطات حيث عمد القائمون على الموقع إلى اختزال السياق الزمني لمشكلة الاحتلال الأميركي لأفغانستان، حيث تجاهلوا الأسباب التي دعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار الحرب والتي بنيت على أعقاب الهجمات الإرهابية على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 والتي شنها تنظيم «القاعدة» من أفغانستان وتحمل مسؤوليتها لاحقا، والاختزال جاء في عدم الإشارة إلى الأسباب والاكتفاء برواية النصف الآخر من القصة والتي تبدأ بالأسر حيث يقول «جاء موقع (فكوا العاني) ليتناول حقاً من هذه الحقوق المنتهكة، ولوناً من العدوان الأميركي على عدد من إخواننا العاملين في المجال الجهادي والإغاثي والدعوي والتعليمي، حيث تم القبض عليهم بالغدر والخيانة، ثم إذلالهم وقتل من أمكن منهم، وترحيلهم بطريقة غاية في التخلف والدناءة إلى أقفاص في جزيرة جوانتانامو الكوبية». ومن خلال مراجعة بعض مفردات المقدمة أو العبارات الموردة في الموقع والمشاركات يتضح أن هناك تشددا فكريا في الطرح ينزه نفسه ويجرم الجانب الأميركي إضافة إلى أن العديد من الألفاظ انطباقها اصدق على الجماعات الفكرية المتشددة، فالخيانة والغدر والتخلف صفات إلى الإرهابيين اقرب من غيرها إضافة أن أسر المقاتلين في الجانب المعادي أهون من أسر المدنيين المسالمين وقتلهم مثلما حدث مع بعض الرعايا الأجانب في السعودية أو مقارنة مع ما يحدث في العراق، وتجاوزا جنود قوات التحالف إلى المدنيين وخصوصا المسلمين.ويكتفي الموقع بالتركيز على بث الكراهية في الإطار الفكري المتشدد من دون تقديم خدمات من الممكن أن تسهم في الوصول إلى آلية من شأنها إطلاق المحتجزين إضافة إلى أن المعلومات الواردة في الموقع لم توضح بالقدر الكافي المهام التي كان يؤديها المعتقلون في أفغانستان.من جانبه علق أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين السعوديين في غوانتانامو على أن الموقع أو ما ينشر في الإنترنت لا يعتد به إضافة إلى أنه لا يمثل المحتجزين وأن هذه مجرد كتابات شخصية تعبر عن كاتبيها إلى جانب أن الفريق لا يتعامل إلا مع الجهات الرسمية في استقاء المعلومات ومن هذه الجهات وزارة الداخلية السعودية والسفارة الأميركية والصليب الأحمر والجهات ذات العلاقة في قضية المحتجزين إضافة إلى أن فريق المحامين ينشر الأخبار والمعلومات والتصاريح في المؤسسات المعتمدة مثل وسائل الإعلام المعترف بها.أما الجانب الأميركي ـ الذي تلقى لوماً عالمياً على الصورة السيئة التي طالت حقوق الإنسان في بلد يعد نفسه في مقدمة المدافعين عنها بسبب الانتهاكات الكثيرة التي ارتكبها المحققون إلى جانب أساليب التحقيق التي ترى فيها منظمات حقوق الإنسان تعديا على المعتقلين ـ عبر في أكثر من مرة وعلى لسان كبار المسؤولين أن المحتجزين أناس حاربوا مع القاعدة ومع طالبان وهم ليسوا سجناء حرب في رأي الإدارة الأميركية إلى جانب ترسخ قناعة تنحو إلى أنهم لا يستحقون هذه الميزة ـ أسرى حرب ـ لكن الحكومة الأميركية ستعاملهم وفق متطلبات مواثيق جنيف.