التصوير.. أصبح هواية من لا هواية له

بعد أن كان الحصول على «كاميرا» أمرا صعبا

TT

تورتة بالكريمة البيضاء محشوة بالفراولة، على سطحها مكتوب «عيد ميلاد سعيد يا حلوة»، وغرست بها ثلاث شموع صغيرة ملونة على وشك أن تطفأ، وزين الحائط بالبالونات وزينات الحفلات، وتتوسط الصغيرات بنت بيضاء ترتدي فستانا أبيض واسعا وتحاول أن تطفئ تلك الشموع. كان هذا المشهد ذو اللوني الأبيض والأسود لقطة من لقطات العمر التي مضت أعادها ألبوم الصور الذي يحجز مكانا من خزانة ملابس نايلة عبد الصمد وهي الآن سيدة في عقدها الثالث وأم لثلاثة أبناء تقول وهي تقلب الألبوم «الصور التذكارية قادرة على إعادة الأيام في لحظة».

في هذه اللحظة أحاطها صغارها وهم يلقون الأسئلة «ماما من هذه؟ ومن تلك؟ وأين كانت جدتي؟ وأين جدي» تتركهم في ثرثرتهم وهي تتذكر والديها وصديقاتها اللاتي اجتمعت معهن في هذه الصورة بتركيا، وظلت تقلب أناملها الألبوم وعيونها كلها حنين لأيام الطفولة والمراهقة.

وبينما كانت تقلب الصفحات وقعت عيناها على صورة تذكارية مع صديقاتها في الكلية بالقاهرة «التصوير كان ممنوعا في السابق بالسعودية وكانت مهنة غير مفضلة فكان من الصعب أن نحصل على صورة» تقول هذا وهي تشير إلى صورة زفافها وتضيف نايلة «اليوم صارت هواية من لا هواية له».

يشاركها زوجها سامي بركاتي مهندس كومبيوتر (45 عاما) ويتذكر معاناة ليلة الزفاف وهم يبحثون عن آلة تصوير وبعد حصولهم على مناهم كانت المشكلة في الشخص الذي يصور يقول ضاحكا «كنت الوحيد ليلتها الذي اعرف كيفية التصوير خاصة بكاميرا قديمة جدا»، ويضيف ساردا تلك الذكرى «لذلك كل الصور تخص زوجتي».

اليوم أبناؤهما يلتقطون صورا في كل مكان ويصورون كل ما وقعت عيناهم عليه، حاملين في جيب بنطالهم جوالات الكاميرا وكاميرات الديجيتال وغيرها من الأجهزة الحديثة، ويتصورون مع والديهما في المنتزهات والمراكز الترفيهية بكاميراتهم الخاصة أو بالتقاط الصورة الفورية من خلال لعبة شبيهة بالكشك المسدول عليها ستار أسود خصصت لالتقاط الصور الملونة أو باللونين الأبيض والأسود وطريقتها سهلة جدا وتبقى حلاوتها في الصورة الفورية.

وإذا كان المهندس بركاتي حرم من صورة واحدة تجمعه مع زوجته في ليلة زفافهما فإن اليوم يحظى العريس والعروس بألبوم صور تزيد على الـ 40 صورة، وتفنن المصورون بالصور وعالجوها بالكومبيوتر مستخدمين برامج خاصة لتعيد إلى الوجه بريقه وربما جماله بعد أن أذابته السنون. المصورة الفوتوغرافية إيمان سعيد 35 عاما تزاول هوايتها منذ عشر سنوات وعانت كثيرا ليتقبلها المجتمع فبدأت كهاوية بتصوير صديقاتها وأخواتها حتى زاولتها كمهنة وتقول «التصوير سيد الفنون»، وهي تشجع الصغار على اكتشاف سر الكاميرا والبحث عن آخر صيحاتها، وتلقائيا عندما تمر بغرف التصوير في المنتزهات تدخل لتلتقط لها صورة مع ابنها الوحيد ياسر وتعلق قائلة «أجمل من اللقطات التلقائية لا يوجد فهي معبرة أكثر عن روح الذكرى الصامتة».