الجماعات الإرهابية توفير المخدرات مقابل الحصول على المال

TT

شهدت السعودية في الأعوام الثلاثة الماضية تحولا في عمليات التهريب، وأظهرت الفترة الماضية ارتفاعا ملحوظا في أعداد الأسلحة التي تمكن حرس الحدود من ضبطها.

وباتت الجماعات المتخصصة في التهريب على الحدود تزاول إلى جانب إدخال الممنوعات إلى البلاد الأسلحة والمتفجرات، وتم ضبط العديد من الذخائر والقذائف والمتفجرات على الحدود.

وبحسب المصادر الأمنية فإن هناك ارتباطا بين تجارة المخدرات والإرهاب وعمليات غسيل الأموال، وعمليات التهريب المحبطة في السعودية تبين أن الحمولة المهربة عبارة عن مخدرات وأسلحة ومتفجرات.

وترى مصادر أمنية أن صناعة الإرهاب تحتاج إلى تمويل وأن الإجراءات الدولية التي اتخذت في التضييق على منابع الإرهاب أدت إلى لجوء الإرهابيين إلى الابتعاد عن المؤسسات المالية مثل المصارف والاستعاضة عن ذلك بتهريب الأموال بالطرق التقليدية، كما أن الجماعات الإرهابية تعتمد إلى تمويل نشاطها المحلي بعد هذا التضييق من خلال عقد شراكات مع المنظمات الإجرامية، حيث تتولى الجماعات الإرهابية توفير المخدرات في غالب الأحيان مقابل الحصول على المال أو الأسلحة والعتاد وبعض خدمات الدعم التي تتمرس فيها منظمات الجريمة المنظمة من حيث كفاءة التزوير والتنقل والاختباء. وترجع الدراسات التي تناولت شأن الإرهاب إلى أن المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة أو تكون مكان صراع عسكري تزدهر فيها صناعة المخدرات على وجه التحديد كون هذا التجارة تدر دخلا مرتفعا تستطيع من خلاله المنظمات المسلحة المسيطرة الاستمرار في الإنفاق على أتباعها، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تستفيد منها الجماعات الإرهابية خصوصا تلك التي توجد في مناطق القلاقل والأماكن النائية والخارجة عن السلطة المركزية. والتغير الذي بدأ يظهر في السعودية على منهج الجماعات الإرهابية عائد بدرجة كبيرة إلى النجاح الأمني المحقق حيث تم قطع صلات بين المجموعات الإرهابية الأمر الذي أدى إلى سقوط بعض أعضائها بسبب محاولات الاتصال الفاشلة، إضافة إلى أن عمليات الإعداد الإرهابية تمكنت الأجهزة الأمنية من إحباطها ما أصاب الإرهابيين بالإحباط وعليه تشكل توجه يرى أن الإعداد من الممكن أن ينجح لو تم بعيدا عن سيطرة الأمن السعودي. والجدير بالذكر ان سلاح الحدود تمكن أول من أمس امن ضبط كمية من المتفجرات المصنعة بطريقة يدوية من خلال استخدام الأكواع الحديدية الخاصة بالمواد الصحية الداخلة في البناء، وهذا الاستخدام اشتهرت به الجماعات الإرهابية بحكم أن هذه الخلائط بات من الشائع ضبطها في أماكن الإرهابيين. وكان في الفترة السابقة يتم تهريب المواد الخام للمتفجرات إلى داخل السعودية ثم تتولى عناصر مؤهلة من الإرهابيين التعامل معها وإعدادها الأمر الذي عانى منه الإرهابيون في الفترة الأخيرة بحكم التضييق الحدودي الكبير على السلع الداخلة بطرق نظامية وإحباط العديد من محاولات تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى جانب إلزام الشركات العاملة في مجال بيع المواد المتفجرة أو المستفيدة منها بتحديد هوية المشترين والأغراض منها إلى جانب تحديد الكميات المستخدمة وتقديم تقارير دورية عن الكميات غير المستفاد منها في خطوات لمنع المجموعات الإرهابية من الإفادة منها، يضاف إلى ذلك سقوط العديد من خبراء المتفجرات قتلى في المواجهات الأمنية والذين يعتبر الكثير منهم ممن سبق لهم القتال في الخارج أو من العناصر غير السعودية التي تدعم العمل الإرهابي في المملكة. وتشير عملية ضبط المتفجرات الأخيرة في السعودية إلى وجود مجموعات تدعم العمل الإرهابي داخل السعودية في بعض دول الجوار حيث تتولى هذه المجموعات في الفترة الحالية مهمة الإعداد والتجهيز وذلك لتلافي الفارق الزمني على أن تتولى مجموعات عاملة في داخل السعودية عملية النقل والتخزين والتنفيذ.

وبحسب مصادر مطلعة فإن العمليات الأمنية الأخيرة والتي أدت إلى اكتشاف العديد من مخابئ المتفجرات أدت إلى نقص حاد في مخزون التنظيم الإرهابي في السعودية مما جعل عملية تزوده بالمتفجرات من الخارج أمرا ضروريا للاستمرار في عمله. وأضافت أن التتبع لعمليات التفجير التي شهدتها السعودية في العامين الأخيرين تشير إلى أن التنظيم الإرهابي يعاني بشكل واضح من نقص المتفجرات وجودتها حيث ان عمليات التفجير الأولى التي طالت المجمعات السكنية في 12 مايو (أيار) 2003 ومجمع المحيا السكني في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 تم استخدام مادة متفجرة من نوع C4 وهي مادة توفرت بشكل كبير في دول الكتلة الشرقية لأوروبا بعد سقوط الشيوعية، حيث تمكن العديد من عصابات الجريمة المنظمة من شراء كميات كبيرة منها إلى جانب الاستيلاء على الكثير من الأسلحة وفيما بعد زودت تلك العصابات المنظمات الإرهابية بالمتفجرات في صفقات كان كثير منها يتم من خلال تبادل المتفجرات بالمخدرات. وكانت وزارة الداخلية السعودية بينت في الورقة التي قدمتها في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في الرياض في فبراير (شباط) 2005 أن مناطق عسير وجازان ونجران (جنوب السعودية) هي من أكثر مناطق البلاد التي تهرب عبرها الأسلحة والمتفجرات. وأرجعت السعودية أسباب تعرضها لحملات تهريب المخدرات والأسلحة إلى المساحة الكبيرة للبلاد وتنوع تضاريسها حيث تزيد حدودها البرية عن 4500 كيلومتر مع سبع دول في حين تشترك بحريا مع عشر دول إضافة إلى أنها حلقة وصل ومرور بين دول عديدة مما جعلها بيئة مناسبة للعمل الإرهابي. وبينت الإحصائيات الخاصة بوزارة الداخلية السعودية أنه تم ضبط 14.8 مليون قطعة ذخيرة و16.3 ألف سلاح و240 قنبلة و1282 كيلوغراماً من المتفجرات بين عامي 2000 و2004 اغلبها عثر عليه في المنطقة الجنوبية للمملكة. وبالنسبة لتهريب الأسلحة إلى المملكة أوضحت الورقة أن جهات دولية أرسلت إلى إحدى المجموعات المقاتلة في دولة عربية سفينة محملة بالأسلحة تكفي لتجهيز 15 ألف مقاتل إضافة إلى أن الفوضى التي شهدتها دول شرق أوروبا أدت إلى الاستيلاء على ملايين القطع النارية وآلاف الأطنان من المواد المتفجرة حيث نهب من ثكنة عسكرية البانية واحدة عام 1997 أكثر من 36 ألف طن من المتفجرات. وللتعامل مع خطر الإرهاب، أفادت السعودية أنها طورت أجهزتها للتعامل مع الخطر إلى جانب تشكيل 40 فريق عمل في مجال برنامج المتفجرات وإنشاء أجهزة متخصصة للتعامل مع العمليات الإرهابية ميدانيا ومعلوماتيا والعمل مع الدول الصديقة في التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الإجراءات الوقائية.