الإعلانات تحمِّل الأهل فاتورة باهظة.. والحل إغلاق التلفزيون

الأطفال يقودون حركة الشراء استعداداً للمدرسة

TT

يسارع الطفل محمد الى الركن المخصص للحقائب المدرسية لينتقي الحقيبة الجديدة للعام الدراسي. يعرف مسبقاً ما يختار إنها الحقيبة التي تحمل علامة بطله التلفزيوني الشهير «باتمان». يؤكد أبو محمد أن ولده اشترط عليه أن يشتري هذه الحقيبة منذ فترة «كلما شاهد إعلانات الحقائب المدرسية يسألني متى سنذهب لشرائها». ومحمد ليس الطفل الوحيد في العائلة الذي يريد بطله الكرتوني على حقيبته فأخته هند حضرت لائحة طويلة من المستلزمات المدرسية من بينها الحقيبة والمقلمة وجميعها تحمل صورة الدمية «فلة». يؤكد والد الطفلين أن الاعلان يدفع الأطفال لاقتناء هذه اللوازم المدرسية وهذا يتطلب خصخصة ميزانية مرتفعة للشراء.

ويبدو أن سطوة موضة شراء الماركات لم تعد تقتصر على الكبار بل امتدت للصغار وذلك بفضل الإقبال على مشاهدة التلفزيون والإعلانات التي تعرض أجمل السلع بأسلوب مغر يدغدغ العقول الفتية. وما يظهر في هذه الحالة هو عجز الاهل عن التأثير على اولادهم وبالتالي التسليم للطفل ولخياراته مهما كانت مكلفة. ولا يختلف الأمر بالنسبة لوليد هاشم الذي رأى أن أطفاله الخمسة «يريدون منذ الآن شراء الحقائب والقرطاسية التي تحمل صوراً لأبطال الرسوم المتحركة لأن عملية التسويق الإعلاني تعزف على وتر حساس لدى الأطفال ويقول «هذا يزيد من قيمة مشترياتنا لأن أسعار هذه البضائع مرتفعة أكثر من غيرها». ولا يفكر وليد بشراء بضائع مقلدة «خاصة الحقائب لأنها تتلف بسرعة، لذا إذا قررت الإنصياع لرغبات الأولاد عليّ التحضر لدفع فاتورة كبيرة». وبالنسبة له يكون الحل الوسط شراء قرطاسية وحقائب من النوعية الجيدة «لكن ليس بالضرورة أن تكون مدموغة بالصور الكرتونية لأنها أغلى نسبياً من غيرها كما لاحظت خلال عملية التسوق».

وتشكل محلات التخفيضات المنوعة فرصة للبعض لإيجاد الحل لهذه المشكلة، حيث تقول سعاد محمد أنها تلجأ إلى محلات «10 ريالات» لشراء بعض المستلزمات المدرسية «ولأني أوفر نسبة معينة من المصاريف يمكنني شراء بعض متطلبات أولادي الدراسية خاصة الحقائب ذات النوعية الجيدة».

ويرى يوسف الأحمد أحد العاملين في محل لبيع القرطاسية في الدمام أن «الأطفال اصبحوا الآن يختارون أغراضهم من دون العودة الى رأي الاهل، ولم يعد مألوفاً رؤية الأم تشتري لابنها لوازم المدرسة بمفردها كما كانت الحال عليه في الماضي». ويؤكد أن أكثر كلمة يسمعها تتردد هي «رفيقي لديه حقيبة كهذه وأنا أريد مثلها، أو رفيقي سيشتري مثل هذه الحقيبة لذا أريدها». ومن وجهة نظر المسؤول عن بيع الحقائب في إحدى المكتبات في مدينة الخبر أن «الطفل هو الذي سيحمل الحقيبة لذا هذه الصور الملونة تشجعه وتحفزه». وأمام الرفوف التي تعرض أشكالاً منوعة وألواناً مختلفة من الشنط المدرسية تقف أم بلال محاولة التوصل على حلّ وسط مع أبنائها الأربعة في عملية الاختيار». لا جدوى من محاولة إثنائهم عن اختيار الحقائب التي يرونها على شاشات التلفزيون»، تقول مستسلمة بعد أخذ وردّ، فابنها محمد يفضل ان تزين رسوم السيارات والدراجات النارية دفاتره وحقيبته، «أنا أحب السيارات والدراجات لذا أحب رؤيتها على أغراضي» وتتعب أمه في محاولة إقناعه بأن الحقيبة ذات اللون الواحد »أرتب وأجمل للتلميذ لكنه يظل مقتنعاً برأيه ولا يرضى بالإستماع إليّ فأرضخ لقراره في النهاية». ولا تبحث مهى،7 سنوات، في المكتبة الكبيرة عن القرطاسية التي تحمل صور الأزهار والألعاب فقط بل هي تحاول قدر المستطاع أن تنتقي ما يمثل كل برامجها التلفزيونية المحببة، «لم تترك بطلاً كرتونياً إلا واختارت غرضاً يمثله فالقلم عليه صورة باربي والحقيبة عليها «فلة» وحقيبة الطعام عليها دورا وإذا استمرت على هذه الحال سنشتري كل المكتبة تقول الوالدة بحدة محملة المسؤولية للاعلانات التلفزيونية التي تؤثر على الأطفال بما تعرضه من إعلانات خاصة في موسم العودة للدراسة. لكن زوجها يؤكد أن الأهل يتحملون جزءاً من المسؤولية يتمثل بعدم إيضاح «أهمية التركيز في عملية الشراء على النوعية وليس الشكل، وكذلك على السعر الذي سيدفع لأن معظم الأهالي لديهم ولدان أو أكثر في المدرسة وبالتالي سيتحملون كلفة تفوق قدرتهم». ويكمل ممازحاً «على الأهل إلغاء قنوات الأطفال قبل العودة للمدارس».