رمضان موسم تجاري كبير للأسرة السعودية.. لكنه يفتقد للمعلومة الدقيقة

TT

الكل يعلم أن مصاريف الأسرة السعودية تزداد بشكل كبير في شهر رمضان المبارك، إلى درجة أن هذه الزيادة قد تمتد إلى مدخرات الأسرة لتعويض النقص في ميزانية الشهر الكريم. هذه الزيادة تصرف في كل اتجاه، من المواد الغذائية إلى الملابس إلى الأثاث، وقد تصل أحياناً إلى السيارة، وتزداد شهية الأسرة إلى الشراء وكأنه هدف بحد ذاته.

يقول أحد المواطنين تندراً: «فهمنا الإكثار من شراء المواد الغذائية والزحام عليها، لكن ما سبب الإقبال على شراء الأواني، هل أكلنا أواني الطبخ في البيت مع ما أكلناه الشهر الماضي؟ أم لم يكن لدينا أوان للطبخ واكتشفنا ذلك مع حلول الشهر الكريم؟».

هذا التصور يعطي صورة لما يحدث للأسرة السعودية، فقبل دخول الشهر الفضيل بعدة أيام، تقبل الأسر السعودية على شراء مستلزمات الشهر الفضيل من مواد غذائية وأواني سفرة بكميات كبيرة، هذه السوق التي تواجه شهية استهلاكية كبيرة، تفتقد للمعلومات عن حجمها ومدى الفرص التي ستخلقها للمستثمر أو لطالب العامل.

يقول جاسم العطية: «سفرة رمضان عامرة لأن التزاور يكثر في شهر رمضان، إضافة إلى كثرة العروض والتنزيلات التي تطال كل شيء، بدءا من المواد الغذائية وانتهاء بالسيارات التي يروج لها في هذا الشهر».

ويضيف: «رمضان مناسبة، فالكل يستغلها، فتجد كثيرا من الناس يؤجلون شراء بعض الأشياء إلتي يحتاجونها إلى رمضان، لأنهم قد ينتظرون أن تكون هناك عروض على هذه المواد»، ويقول العطية: «في الشهر الكريم يكثر التزاور بين الزملاء والأقارب والأهل، لذلك الكل يريد أن يظهر بالمظهر المطلوب، فأثاث البيت لا بد أن يكون جميلاً، ولا بد أن تكون السفرة مليئة بما لذ وطاب كي تكون العزيمة مشرفة لصاحب البيت ولضيوفه، لذا كيف تعزم زميلا أو قريبا ولا تبدو في مستواه؟!».

هذه السوق الرمضانية فتح شهية الشركات والمؤسسات لجني أرباح كبيرة، لكنها تبقى سوقاً هلامية، فلا توجد معلومات دقيقة تبين توجهات الأسرة وما تحتاجه فعلاً.

يقول الاقتصادي عادل العبد الكريم: «ليس هناك إحصاءات ومعلومات دقيقة تبين حجم هذه السوق، فلو وجدت هذه المعلومات لأعطت الكثير من المشاريع الاقتصادية المعلومات التي ستبني على ضوئها خططها الإنتاجية، وستضيف للاقتصاد الوطني إضافات كبيرة مثل خلق الفرص الوظيفية والفرص الاستثمارية، لكن غياب هذه المعلومات يجعل السوق مجالا للتقديرات والتوقعات من قبل الشركات المستفيدة». ويضيف العبد الكريم: «الأسواق العالمية تتأثر بمعدل الإنفاق الشهري للأسرة، لذلك تجد بيانات الإنفاق الأسرى تعلن بشكل شهري وهذه البيانات تؤثر على هذه الأسواق بالسلب والإيجاب». ويقول العبد الكريم إذا تم جمع المعلومات الدقيقة عن حجم هذه السوق فإن هذه الممارسة (الإقبال على الشراء بشراهة)، التي يعتبرها الكثير من الناس ميزة سيئة ستتحول إلى ميزة إيجابية، لأنها ستبين حجم السوق في هذا الشهر ومدى الفرص الاستثمارية فيها، كذلك الفرص الوظيفية.

كما يبين العبد الكريم أن ما تمارسه الأسرة من إقبال شديد على مواد بعينها في موسم واحد، هو تخطيط سيئ للعملية الشرائية، فكثير من الأسر تشتري في آخر لحظة أسوأ البضائع بأغلى الأثمان، وكثير من المواد كانت متوفرة طوال العام، فلماذا الإقبال عليها قبل الشهر الكريم بيوم أو يومين؟!.

يقول عبد المحسن العجاجي، الذي يعمل في إحدى الشركات الكبيرة: «دخلت إلى إحدى الأسواق التجارية، كانت ممرات السوق مليئة بالمواد الغذائية بشكل كبير، وكأنها كانت ممنوعة طوال العام وغير مسموح بها سوى في رمضان».

العجاجي الذي يتحدث عن سوق رمضان إذا صحت هذه التسمية من واقع تجربة، فهو يعمل في شركة متخصصة في المواد الغذائية، يقول: «المعلومات الحديثة عن السوق، سواء في رمضان أو غيره، تكاد تكون معدومة، وإن وجدت فهي قديمة منذ عام تقريباً، فعندما ترغب في الحصول على معلومات عن المواد المستوردة، فلن تجد معلومات قبل شهر أو شهرين، بل تجد معلومات العام الماضي».

ويضيف: «التجار الصغار ليس لديهم أية معلومات حتى وإن كانت قديمة، بينما التجار الكبار لديهم معلومات قديمة، وبعض الشركات تعتمد على معلوماتها الخاصة، فتحسب كمية المواد التي باعتها في السنة الماضية وتضيف هامش نمو بنسبة بسيطة، وعلى ضوء ذلك تبني معلوماتها عن السوق وتستورد أو تصنع لهذا العام».