استشاري مياه: تسعة محاور كفيلة بمعالجة قضايا ومشاكل المياه السعودية

ناشد بتخصيص 2% من المبالغ المتحصلة عن استهلاك المياه لدعم البحوث المائية

TT

ناشد استشاري مائي سعودي بدعم البحوث المائية من خلال تخصيص 2% من المبالغ المتحصلة عن استهلاك المياه وخدمات الصرف الصحي بالسعودية.

وقال مصطفى نوري عثمان، المتخصص في إدارة وتخطيط موارد المياه في جدة، لـ«الشرق الأوسط»، ان قضايا المياه ومشاكلها بالسعودية ينبغي ان تعالج من خلال تسعة محاور، وأولها مشاركة المجتمع في قضايا المياه ومشاكلها، ورفع درجة توعيته وتثقيفه وتخفيض الفاقد في الشبكات العامة والخاصة.

وتابع عثمان: اما المحور الثاني فهو سن التشريعات والقوانين التي تحد من استهلاك المياه بمختلف الحوافز وإكمال دارسة الخطة الوطنية للمياه واصدارها وتحديث المعلومات المائية. مضيفا ان المحور الثالث هو استمرارية تنمية وتطوير المصادر المائية التقليدية وزيادة فاعلية إنتاج المياه العذبة والعمل على إعادة استخدام المياه المعدومة بعد معالجتها وتنقيتها.

اما المحور الرابع ـ والحديث لعثمان: فيتمثل في بناء وتشييد خزانات استراتيجية في أمهات المدن لخزن المياه الصالحة للشرب تكفي سكانها ثلاثة أشهر على الأقل، مع إعداد خطط لعملية توزيع المياه في حالات الطوارئ.

ولم يغفل عثمان الجانب الاقتصادي في حل قضايا المياه، اذ اقترح عبر المحور الخامس تشجيع ودعم القطاع الخاص للاستثمار في إنشاء محطات أعذاب المياه ومعالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها، مطالبا بتأسيس صناديق وشركات استثمارية في صناعة المياه وقطع الغيار اللازمة.

ودعا عثمان في المحور السادس الى تشجيع ودعم البحوث المائية، خاصة في ما يتعلق بخفض الطاقة، وتكاليف أعذاب المياه، ورفع كفاءة فاعلية مصادر المياه، على ان تخصص نسبة 2% من المبالغ المتحصلة من استهلاك المياه وخدمات الصرف الصحي، مشيرا الى ان المحور السابع يتمثل في إيجاد آلية معينة لاطلاع صانعي القرارات على نتائج وتوصيات البحوث لتبني أفضلها وأنسبها.

وأضاف: المحور الثامن هو محور تعليمي، يتمثل في تكثيف التعليم والتدريب على العلوم والتقنيات الحديثة واستمرارية حصول منسوبي المياه على دورات تدريبية وحضورهم الندوات والمؤتمرات لصقل مواهبهم واكتساب الخبرات العالمية في المجال المائي وتطبيق محصلاتهم بعد عودتهم بما يتناسب مع الوضع المائي.

واما المحور التاسع والاخير، فيتمثل في استنباط النظم والأساليب التي تؤدي إلى خفض استهلاك المياه في الزراعة ورفع كفاءة الري وإيجاد أصناف وأنواع تتحمل الجفاف وملوحة المياه، خاصة إذا ما علمنا ان 37% من مياه الري، تستهلكه النباتات فقط، والباقي يذهب هدرا.

وطالب عثمان ان تشمل عملية التخطيط والإدارة للمحافظة على مصادر المياه وبكل الوسائل الممكنة وتعظيم وتنقية وتوزيع المياه، وسن الأنظمة والقوانين لإعادة استخدامات المياه، واتخاذ الخطوات المناسبة لحماية الحياة والممتلكات والأراضي من السيول والفيضانات، على ان تشمل السياسية السليمة لمصادر المياه ارشادات أساسية لتحديد نطاق المسؤولية للقائمين على تزويد المياه والمستخدمين لها والجهات المختصة الأخرى في البلاد.

وحول أهم أسباب استنزاف المياه في السعودية والخليج، بين عثمان ان التقنيات الحديثة في آلات حفر آبار المياه، الذي وصلت بتطورها إلى حفر أكثر من 2000 متر عمقا في باطن الأرض، بحثا عن المياه، ساهمت بصورة سلبية الاستخراج الجائر على مكامن المياه، خاصة التي تجمعت منذ آلاف السنين في باطن الأرض.

وكان الاستخراج لا يعتمد على أي تخطيط أو نظرة مستقبلية، إنما يستخرج بناء على حجم الطلب على المياه لتلبية الاحتياجات المختلفة، خاصة في النصف الأخير من القرن العشرين، كذلك عدم التوازن بين الطلب المتزايد على المياه وبين قدرة المصادر المائية التقليدية وغير التقليدية على تلبية الطلب، مما جعل التوازن يختل ويتسبب في ندرة المياه اقتصاديا، وأيضا عدم الاكتراث في المحافظة على المياه في الزراعة، خاصة الزراعات غير المستقرة، وفي مشاريع انية الأرباح توقفت أو اضمحلت بتقلص الدعم الحكومي، ومزاولة إدارة سيئة للماء، وعدم كفاءة وفاعلية استخدام المياه والفشل في وضع قيمة اقتصادية للماء خاصة في تدني النوعية بسبب تملح الجوفية وتلوث طبقاته.

وفي جانب آخر أشار عثمان بقوله: لإثراء المياه الجوفية قامت السعودية بإنشاء العديد من السدود، إلا انه عند بناء السدود، لم تؤخذ في الاعتبار النواحي البيئة منذ التخطيط وعند التنفيذ والتشغيل، مما أثرت على الحياة البيئة في مناطق وجود السيول ولم يتم تشغيل السدود المقامة في المناطق الصحراوية وصيانتها بشكل مدروس ومنظم، مما أدى الى حجز كميات من الطمي في بحيراتها، والى ترسب المواد وعدم السماح للمياه ان تتخلل وتتسرب إلى باطن الأرض، وبذلك أدى إلى نقص في العمر الافتراضي للسدود والى تبخر المياه من بحيرات السدود.

ولفت عثمان الانتباه إلى ان استهلاك المياه في شتى الاغراض ينتج عنه فضلات مؤذية وخطرة على البيئة وصحة الإنسان، لذا وجب معالجة تلك الفضلات المائية بدرجات متفاوتة تتناسب مع الغرض الذي يعاد فيه استخدامها. وقد خلف القرن العشرون ملايين الأمتار المكعبة من المياه الملوثة بالفضلات الإنسانية والزراعية والصناعية، وهي في ازدياد مستمر، بالرغم من جهود كبيرة وأموال كثيرة صرفت في سبيل التخلص من مياه الصرف الصحي والصناعي، إلا انها لم تكن كافية أبدا ولم تواكب مشاريع إمدادات المياه والحل يكمن في خفض التلوث إلى ادنى صوره ومستوياته، وتفعيل تنقية المياه.