السعودية تحتفل للمرة الأولى باليوم العالمي لزراعة الأعضاء

وسط جدل ديني لم يحسم حول حكم التبرع

TT

تحتفل السعودية مساء اليوم بفعاليات اليوم العالمي لزراعة الأعضاء لأول مرة، المصادف 12 أكتوبر من كل عام، في ملتقى ينظمه مركز الكلى التابع لمستشفى الملك فهد بجدة، وذلك بهدف دعم الجهود الرامية لتقليص أعداد المرضى المتزايدة في قوائم انتظار المتبرعين، ونشر ثقافة جديدة داخل المجتمع، ومناقشة الاجراءات الطبية والأخلاقية والشرعية في هذا المجال.

وقالت منى بنقش، المنسقة لفعاليات اليوم العالمي لزراعة الأعضاء، ان نخبة من الأطباء في مجالات الطب المختلفة سيقدمون محاضرات حول الوضع الصحي للمرضى المصابين باعتلالات وظيفية ويحتاجون للتبرع، وتوعية المجتمع بدور التبرع في إحياء قيم التكافل الاسلامي، إضافة لوضع الجهات الصحية والاجتماعية أمام مسؤولياتها في دعم برامج التبرع وتفعيلها بشكل يحقق التقدم في هذا المجال.

وتعمل الجهات الصحية في البلاد على تنشيط برامج التبرع بالاعضاء بعد الوفاة بعد أن قام مجلس الوزراء السعودي بدعم برنامج زراعة الأعضاء بمكافأة مالية تصل الى 50 ألف ريال لأسرة المتوفى دماغيا، فيما تقوم السلطات الصحية بالتنسيق مع أكثر من جهة حكومية لدعم هذا البرنامج، خاصة وأن أكثر من خمسة الآف حالة مصابة بالفشل الكلوي في قائمة الانتظار. إضافة للحالات الاخرى كزراعة الكبد والقلب والقرنية.

ومنذ الثمانينات ظل الجدل داخل المؤسسة الدينية في السعودية حول التبرع بالأعضاء من أهم العوامل التي أدت لصعوبة إقناع أفراد المجتمع السعودي بأهمية التبرع بالأعضاء وانحسار أعداد المتبرعين، نتيجة الحساسية الشرعية من الإفتاء في مثل هذه الامور وهو ما شكل ثلاث جبهات إفتائية داخل المؤسسة الدينية نفسها حيث ترى مجموعة من المشايخ بحرمة التبرع حرمة كلية فيما يرى فريق آخر بجواز التبرع مشروطا للاقارب، ويتبنى مشايخ آخرون جواز التبرع وكل يستند في فتواه إلى حجج وأسانيد من الكتاب والسنة وحسب مدرسته الفقهية في الفتوى، ممما شكل عبئا إضافيا على المسؤولين الصحيين في مراكز الأعضاء وظهرت نتيجة تلك الضغوط عليهم في تصريحات رسمية بضرورة التعامل مع فقه الواقع بما يتلاءم وانقاذ حياة البشر بشكل أساسي في قائمة الأولويات.

غير أن عدم التبليغ بحالات الوفاة الدماغية في المستشفيات السعودية كما ترى بعض المصادر الطبية، يعد من العوامل السلبية أيضا التي أدت إلى انحدار مستوى الاستفادة من المتوفين دماغيا لزراعة أعضائهم لمرضى في أمس الحاجة للتبرع، وأرجعت المصادر ضعف التبليغ من الطواقم الطبية والادارية العاملة إلى عدة أسباب منها عدم وجود الوعي الكافي بأهمية التبرع بالاعضاء، وعدم تكليف أشخاص محددين بمهام من هذا النوع لايجاد بنك معلومات مركزي يمكن تغذيته يوميا بالمعلومات عن أعداد المتوفين دماغيا ومدى الاستفادة منهم في نقل الاعضاء، إضافة لضعف الحوافز المادية والمعنوية لتشجيع العاملين في القطاعات الصحية الحكومية والأهلية في التبليغ عن الحالات المتوفاة بالسرعة المناسبة. وعدم توافر التجهيزات الطبية الضرورية لجودة الأعضاء وضعف تدريب بعض الطواقم الطبية في التعامل مع المتوفين دماغيا بما يحقق الاستفادة القصوى من أعضائهم في حال الموافقة.

في المقابل قامت وزارة الداخلية السعودية بوضع آلية تنفيذية بعد التنسيق مع وزارة الصحة لتأكيد الموافقة على التبرع بعد الوفاة من خلال الأوراق الثبوتية المتعلقة بالشخص فيما تشكلت لجان عديدة لوضع معايير أخلاقية وقانونية وصحية لضمان حقوق جميع الأطراف وعدم فتح المجال لأي ممارسات تضر بالاهداف النبيلة لهذه البرامج في إنقاذ حياة البشر.

يشار إلى أن فعاليات الملتقى ستشمل بالاضافة للمحاضرات حول التبرع ومعرفة مراحل تطور زراعة الأعضاء في السعودية، لقاءات مع مريض مصاب بفشل كلوي ومريض زارع للكلية للحديث بشكل شخصي عن تجربتيهما من النواحي الانسانية والصحية والاجتماعية حول حالتهما المرضية وتأثيرها على حياتهما.