هوامير.. ومغامرون.. وهاربون.. وتذبذب يصيب البعض بالمرض

متناقضات سوق الأسهم السعودية

TT

يعيش المتداولون في سوق الأسهم السعودية متناقضات متفاوتة وتقلبات متنوعة في الأمزجة تتواتر بالتفاوت مع صعود وهبوط المؤشر، وأصبح الحديث عن حال السوق السعودية مالئ الدنيا وشاغل الناس. بداية من شخص غادر النوم جفنيه حزنا أو قلقا على ما تحتويه المحفظة من أسهم لا يعلم ما يخبيه القدر لها من صعود أو هبوط، وآخرين وقع بينهم الخصام لتوصية مربحة لم تصل أو أخرى خائبة كبدتهم الخسائر. والطفرة التي تشهدها سوق الأسهم السعودية، لا يخفى على احد أنها قد انجبت جيلا جديدا من اصحاب الأرصدة والمال والأعمال، وان كانت قد ضاعفت من المخزون المالي لكبار المستثمرين أو «الهوامير» على حد وصف العامة فقد تسببت أيضا في إرباك برامج وبعثرة حياة فئة ليست بالقليلة والحقت بالبعض الآخر خسائر فادحة.

في هذا السياق يعترف حميد الشمري، إن دخوله لعالم الاستثمار وتداول بيع وشراء الأسهم قد تسبب في دفعه للتقصير نوعا ما في مجال عمله، وان كان يقول انه يحاول أن لا يكون هناك ازدواج وتضارب في المصالح من خلال محاولته التغلب على هذه المشكلة بإيجاد حلول مناسبة تكفل له مواصلة العمل والتميز في مجاله الوظيفي الأساسي وفي نفس الوقت الاستفادة من العوائد المجزئة التي تحققها المتاجرة في الأسهم.

وعلق ادهم العتيبي، أسباب الفوضى التي اعترت حياته مؤخرا إلى إقدامه لدخول معترك المتاجرة بالأسهم، مشيرا إلى انه لم يعد يعرف متى يقوم بإنجاز المتطلبات المنزلية لأسرته ومتى سيكون بمقدوره العودة لمحيطه الاجتماعي كما كان، وقال: «مزاجي العام لم يعد كما كان وأصبحت مشتت الذهن اغلب الوقت إن لم يكن مجمله، وحققت بعض الربح والكثير من الخسائر وهذا ما ضاعف من تعاستي، وأحاول الآن إعادة ترتيب أوراقي للخروج برأس المال أو بأقل قدر من الخسائر».

من جانبه أكد سعود فهد الشمري، انه القى بأحلام المشاريع الزراعية التي كانت تحوم في رأسه خلف ظهره واقبل بكل همة ونشاط لدخول معترك التداول، وبين إلى أن ما دفعه لهذا التوجه هو ما وقف عليه من أرباح مجزية وراحة جسمانية غير متوافرة في الوقت الراهن في مجال المشاريع التجارية اضافة الى الطلبات المتوالية من بعض الجهات في حالة تدشينه لمشروع تجاري لكن المتاجرة بالأسهم لا تحتاج سوى الجلوس امام الشاشة والشراء والبيع فقط دون التزامات أخرى وقال: «ما كنت اخطط له واعمل على انجازه من مشاريع زراعية، هي الان متوقفة مؤقتا على الأقل وحال سوق الأسهم المستقبلية هي من سيقرر إن كنت سأهجر الزراعة إلى غير رجعة أو العودة».

وتناول سعد جمعان الدوسري دفة الحديث بالقول: «إن دخول هذا الكم الكبير من المستثمرين لسوق تداول الأسهم قد حقق الملايين وأرباحا مضاعفة لكبار المستثمرين»، وأضاف قائلا: «غالبية المستثمرين الجدد ينقصهم الكثير وتخفي عليهم العديد من أسرار السوق وفي الوقت الذي يحققون خلاله الخسائر يكون هناك على الطرف الآخر «هوامير» ينتظرونهم بفارغ الصبر ويجنون من خلفهم أرباحا وافرة، وعلى ذلك أنا ضد الانجراف غير المحسوب، ويتوجب على الجميع محاولة الاستفادة من تجارب الآخرين ومن ثم الدخول تدريجيا لسوق المال».

ويقول عايد الحمدان، إن إخفاقات العديد من المقربين له في سوق الأسهم وما تكبدوه من خسائر، قد دفعته للتراجع وعدم محاولة التفكير بدخول هذا المجال بعد أن كان على مشارف الاستثمار بالأسهم، وأردف قائلا: «اهتديت للاستثمار في مجال الإبل، ووجدت راحة البال وإذا كان البعض يبحث عن الثراء في عالم الأسهم وهو قد يكون على مشارف الإفلاس في غمضة عين فأنا على الأقل اشعر براحة بال كبيرة بين ابلي وتحوم في مخيلتي أحلام الثراء، فمن يدري قد انجح في عقد صفقة بملايين الريالات دون عناء، فجنون الأسعار لم يعد وقفا على الأسهم دون سواها ولسوق الإبل من الغلاء والثراء نصيب».

ولم يترك فهد بن عبد الرحمن بن بصيص شاردة ولا واردة دون أن يعلقها بكبار المستثمرين فهو يصف من قال عنهم «الهوامير» بالوقوف أمام احلام الصغار بالتربص بهم ودفعهم للخسائر من خلال الطرق الملتوية التي يمارسونها بوسائل احترافية يقول انه لا يجيدها سواهم.

وبين رجل الأعمال علي خلف البلوى، انه حاول كثيرا مقاومة جاذبية ودعوات المقربين له بدخول هذا المجال، غير ان ما كان يصل إلى مسامعه من أرباح يومية وهائلة دفعه بجدية للعمل على التسلح بالمعرفة وأسرار هذا العالم الغامض بالنسبة له ومن ثم العوم في بحر عالم الأسهم، ولا يعرف ما يخبيه له القدر وان كان سيغرق أو يتمكن من الوصول لشاطئ النجاة والتلذذ بنكهة الأرباح.

واكد جزاع بن عبد الله الشملاني ان الواقعين في حبائل الخسائر هم المتبعون لسياسة «معهم معهم عليهم عليهم» على حد وصفه، وقال: «مع الأسف، إن بعض صغار المستثمرين لا يجيدون من المتاجرة في الأسهم سوى الاسم فقط ومهمتهم تنحصر في التواجد في الصالة والشراء مع من يشتري والبيع مع البائعين، وهذا أسلوب وطريقة غير مجدية، والبيع والشراء يستوجب دراسة وخبرة كافيتين ومن الطبيعي ان نشهد بين فترة وأخرى وقوع العديد من الضحايا». ويقول محسن الشلوه: «أمضيت فترة طويلة وأنا في حيرة من الأمر بين الدخول وعدمه للمتاجرة في الأسهم، وأخيرا اهتديت لفكرة الاستعانة بصديق سبقني في هذا المجال ومنحته ما لدي من مال والحمد لله أحقق مكاسب عديدة واستمتع براحة البال والابتعاد عن الهواجس ومخاوف الخسارة».

ووصف عبد الله بن حسين السبيعي حاله في سوق الأسهم، بشبيه من يسير على حافة حبل يتمنى الوصول لخط النهاية في أسرع وقت، في الوقت الذي هو عرضه للسقوط في أي وقت، وبين أن عدم سقوطه حتى الآن اكسبه بعض الخبرة التي ستفيده في تعاملاته المقبلة. وأجاب فراج بن سعود العماني، بتعقل عن حاله مع سوق الأسهم بالقول: «اتوقع الخسارة في أي وقت وابحث عن الربح في نفس الوقت، ويجب أن يكون لدى الجميع قناعة كاملة بأن السوق ربح وخسارة ومن لم يخسر فلن يربح والعكس صحيح، والاهم أن يتسلح الجميع بالقناعة فهي كنز لا يفنى».

ولم تجرف سوق الأسهم رجل الاعمال جمال هاشم حتى الآن رغم انه يقول كانت له تجربة مثمرة في هذا المجال: «دخلت عالم المتاجرة في الأسهم منذ وقت مبكر وخرجت منه قبل حدوث الطفرة الاخيرة ودخولي الاول كان قبل سنوات عديدة واكتتبت في العديد من الشركات التي كانت اسعارها متدنية للغاية وكان دخولي للمتاجرة في الأسهم في ذلك الوقت للاستثمار وليس المضاربة والحمد لله، بعد زمن ليس بالطويل تمكنت من تحقيق مبالغ طائلة وأرباح غير متوقعة، ورغم ان السوق الآن يثير الشهية، لا اعلم السبب الذي يجبرني على عدم الانجراف والاقتناع بما احققه من دخول ثابتة ومقنعة في مجالات تجارية أخرى».