الزحام في جدة يتحول إلى مسلسل «مكسيكي» والجهات المختصة أبرز «المتفرجين»

هيئة الجيولوجيا: لدينا الحل وننتظر مبادرة ذوي العلاقة

TT

هل يأتي اليوم الذي يكتب فيه الانسان رواية من 500 صفحة خلال رحلته اليوميه من منزله إلى عمله أوكتابة عمل درامي على طريقة المسلسلات «المكسيكية» من 1000 حلقة، أو يخترع علاجا لأحد الأمراض المزمنة وهو ينتظر عند الإشارة الحمراء التي تفتح وتقفل مرات عديدة قبل أن تسمح له بالمرور.

الفكرة قد تبدو نوعا من «الفانتازيا» أو «اللامعقول» غير أنها ستبدو طبيعية لشخص يقود سيارته في أحد الشوارع الرئيسية في مدينة جدة قياسا بالوقت الطويل الذي يقضيه الانسان، جراء الزحام المروري وردود فعل السائقين والبيئة المكانية التي توفر مناخا خصبا لخيالات الروائيين وأحلام المخترعين.

وبعد أن كانت صورة الازدحام المروري مرتبطة بفترات معينة من السنة في العاصمة الاقتصادية للبلاد كأوقات الصيف أو مواعيد الذهاب والعودة للمدارس، أصبحت مشهدا يوميا يمتد لساعات طوال في معظم الشوارع نتيجة عوامل مختلفة صناعية وإنشائية وسلوكية وهو الأمر الذي جعل من أزمة الاختناقات المرورية أحد أصعب التحديات التي تواجه أمانة المدينة في القضاء عليها.

وكان العقيد محمد القحطاني وهو مدير إدارة المرور في محافظة جدة، أرجع في حديث لـ«الشرق الأوسط» مطلع الشهر الجاري، أسباب الاختناقات المرورية لوجود مشاريع تتطلبها البنية التحتية لبعض الخدمات، وعدم وعي السائقين بالتخطيط لرحلاتهم اليومية في وقت مبكر، نافيا أي دور للمرور في المشكلة سواء بنقاط التفتيش المنتشرة في أكثر من مكان أو بنمط تدخل رجال المرور لفض الاختناقات المرورية.

وعلى صعيد البدائل التقنية الممكنة، أبان محمد عمر مرابط وهو مدير إدارة تقنية المعلومات في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، أن استخدام التقنية أصبح أحد الخيارات الهامة للقضاء على المشكلة أو التخفيف من حدتها، مشيرا الى أن نظام الخرائط الرقمية بواسطة الأقمار الصناعية يوفر قاعدة بيانات هائلة تسمح بالاستفادة منها في أعمال توجيه السائقين الى الطرق الاقل ازدحاما ومساعدتهم في تحديد الزمن الممكن للوصول إلى نقاطهم المفترضة عبر أكثر من خيار.

وأضاف أن العائق الوحيد أمام استخدام تلك التقنية هو عائد بالدرجة الأولى الى التكلفة المادية التي قد لا تساعد الجميع في استخدامها، غير أنه أشار لوجود بدائل أخرى تقنية ممكنة مثل إنشاء إذاعة خاصة للمدينة تهدف الى ارشاد السائقين بالطرق التي تعاني اختناقات مرورية ودلهم على طرق أخرى وتوعية السائقين بجرعات معلوماتية تدعم نظرتهم لاستخدامات الطريق.

وأكد مرابط أن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، جاهزة لتقديم الخدمات الاستشارية والفنية للجهات المعنية بسلامة الطرق سواء الطرق الداخلية أو السريعة، وأن الأمر لا يحتاج سوى لمبادرة من تلك الجهات لعرض خبرات وتقنيات الهيئة عليهم في هذا المجال وأن التكامل في الدورة الخدماتية بين الجهات المعنية هو ما ينقص المخططين لاستغلال الامكانات الكبيرة الموجودة في مختلف القطاعات الحكومية والأهلية.

وترى السلطات الصحية أن ازدياد مخاطر السمنة وارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة السكري وبعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والامراض العصابية كلها من الأمراض التي تساهم الاختناقات المرورية والزحام الطويل في ازديادها لدى أفراد المجتمع، إضافة لتأخر كثير من الحالات الاسعافية في الوصول للمستشفيات في الوقت المناسب وهو ما يعرض حياة المرضى للخطر في ظل عدم تعاون كثير من السائقين في إفساح المجال للحالات الطارئة وعجزهم في أغلب الأحيان عن المساعدة نتيجة التكدس الهائل للمركبات.

ويرى خبراء التربية والمجتمع أن الوقت الذي يقضيه السائق في السيارة يترتب عليه عادات اجتماعية سلبية منها ما هو مرتبط بقلة الوقت الذي يقضيه الأب أو الأم مع ابنائهم ومنها إشكالات سلوكية مرتبطة بالعادات الخاطئة التي يتعلمها الأطفال مثل الأكل في السيارة وحب الفضول في متابعة الغير نتيجة مللهم من البقاء طويلا في المركبة، وتقليد الوالدين في بعض الالفاظ البذيئة التي هي نتاج نفاد صبر الأب في السير بأمان وانسيابية.