مركز جدة للنطق والسمع: 13 % من الأطفال مصابون بصعوبات في السمع

50 في المائة من المرضى يتلقون مساعدة من صندوق المؤسسة

TT

«المجتمعات المتحضرة لا تقاس بمبانيها ولا بشوارعها.. بل بمدى اهتمامها بذوي الاحتياجات الخاصة من أبنائها وبناتها..»، كانت تلك هي إجابة الدكتور الشريف زيد بن حارث آل غالب، وهو مدير عام مركز جدة للنطق والسمع (جش)، على سؤال «الشرق الأوسط» حول الهدف من إنشاء المركز.

وأسهب آل غالب في الحديث بطموح عن نظرة مستقبلية ليصبح المركز الذي يتسنم إدارته رائدا في تشخيص وتأهيل مختلف اضطرابات التواصل وليضاهي البرامج العالمية المعتمدة من قبل الجمعية الأميركية للنطق والسمع، ولكن بتطوير البرامج باللغة العربية والعمل عبر مركز الابحاث في المركز على ابتكار طرق جديدة تخدم تطور العملية العلاجية في هذا المجال الهام.

وكشف الدكتور آل غالب عن دور ريادي للمركز في تدريب وتعليم معلمي فصول الدمج في المدارس الحكومية عبر دورات خاصة بالتنسيق مع ادارة التربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة لسد الفجوة في مستوى تأهيل معلمي فصول الدمج والمساهمة في إنجاح هذا المشروع الاجتماعي التعليمي الوطني. فيما أشار لكون المركز رائدا في تصدير بعض البرامج الهامة باللغة العربية الى المعاهد المحلية والعربية لحل المشاكل الناجمة عن البرامج المعدة باللغة الانجليزية. وأضاف بأن المركز يقدم المساعدة العلاجية لحوالي 60 في المائة من مراجعي المركز من خلال صندوق يقوم المركز بتمويله لإعانة المرضى غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج والتأهيل بعد دراسة حالتهم الاجتماعية ليحقق الصندوق أهدافه، واصفا نشاط المركز بأنه رغم كونه أهليا لكنه (غير ربحي) ويهدف لتطوير الكفاءات البشرية والامكانات العلاجية وتشجيع البحث العلمي ونشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع. إلى نص الحوار: > هل لديكم احصائيات دقيقة عن المصابين بمشاكل السمع في السعودية تعتمدون عليها في وضع خططكم التطويرية؟

ـ ليس هناك نسبة دقيقة نعتمد عليها ولكن هناك أرقاما تقريبية بناء على دراسة أجريت قبل نحو ثلاث سنوات على عينة عشوائية من حوالي عشرة آلاف طفل تشير لوجود حوالي 13 في المائة من الاطفال في السعودية يعانون من مشاكل مختلفة في السمع وهي نسبة عالية مقارنة بالنسب العالمية التي هي في حدود 10 في المائة وهو ما يعني أهمية الاهتمام بتثقيف المجتمع لاكتشاف حالات ضعف السمع وصعوبات النطق في وقت مبكر من عمر الطفولة لتحقيق معدلات أعلى في الاستفادة من الامكانات العلاجية المتاحة.

> على موقعكم على شبكة الإنترنت تشيرون إلى أن المركز ليس ربحيا رغم التكلفة العلاجية الكبيرة للمريض والتي تصل أحيانا لحوالي 100 ألف ريال.. كيف تفسرون ذلك؟

ـ نعم مركز (جش) ليس ربحيا إذا عرفت أن حوالي 60 في المائة من المرضى يتلقون العلاج من خلال صندوق اعانة المرضى غير القادرين وفق دراسة لحاجة الاسر التي قد يوجد بها أكثر من حالة مصابة، حيث يقوم مالك المركز بتمويل الصندوق بشكل كامل إذ يبقى الهدف المادي في المركز هو تغطية التكاليف لتأمين رواتب موظفيه وتدريبهم وتأهيلهم وتجهيز المركز بالامكانيات التي تخدم أكبر شريحة من الحالة التي تتعالج لدينا، سواء من السعودية أو من الدول العربية الأخرى.

> هل ترون أن مخرجات التعليم في مجال التربية الخاصة كافية لإشرافها على متابعة وعلاج المرضى؟

ـ نحن في مركز (جش) طورنا أكثر من برنامج تأهيلي لتدريب موظفينا وهو الدبلوم الأول من نوعه في الشرق الاوسط في التأهيل السمعي اللفظي واقتصرناه على موظفينا لحين تقييمه من الجهات الصحية في السعودية لتعميمه بعد ذلك على الراغبين والراغبات في ظل وجود نقص كبير في مستوى تأهيل خريجي اقسام التربية الخاصة وحاجتهم لتأهيل عال ينعكس على المرضى بشكل ايجابي وهو ما نسعى إليه، كما ابتعثنا 12 أخصائيا واخصائية لبرنامج الماجستير في مجال اضطرابات النطق واللغة وحصولهم بعد ذلك على شهادة الجدارة الاكلينكية من قبل الجمعية الأميركية للنطق والسمع(asha) مدته اربع سنوات وهي الجمعية التي لها الريادة في هذا المجال على مستوى العالم.

> لماذا الاستفادة من العلاج أو سماعات الأذن ضعيفة عند كثير من المرضى؟

ـ الوعي شيء أساسي في تحقيق الاستفادة.. لا يمكن لأي مركز في العالم أن يقدم العلاج على طبق من ذهب. لا بد أن يكون للاسرة دور كبير فالطفل المصاب بضعف السمع مثلا يأتي مرتين الى المركز بمعدل ساعتين لكل جلسة واذا لم يكن الوالدان لديهما الوعي والتأهيل والاستعداد لمتابعة حالة طفلهما لن تكون هناك استفادة كاملة، لذا نشترط في مركز (جش) على الوالدين الدخول في دورة تأهيلية لتدريبهم على الدور الذي يجب أن يقوموا به في المنزل، كما تشارك الأم في الجلسات العلاجية داخل المركز ولهذا نحن نرفض قبول أي حالة في حال رفض الوالد او الوالدة هذا الشرط الذي نراه أساسيا ونعتب كثيرا على بعض الاباء الذين يعتقدون أن دورهم ينتهي بدفع مبلغ العلاج ونسعى لتغيير هذا النمط من التفكير بخلق مناخ من الوعي المدعوم ببرامج التأهيل.

> هل تقدمون خدمات استشارية للجهات الحكومية في مجالكم؟

ـ يسعدنا ذلك وسبق أن خضنا تجربة ميدانية مع احدى المدارس الحكومية بعد مبادرة شخصية من مديرها لحل المشاكل التي نجمت لديه في فصول الدمج وقمنا بعمل فحوصات سمع وأعدنا توزيع الفصول في أمكنة بعيدة عن ضوضاء ساحة المدرسة حيث كانت، وقدمنا دورات تدريبية لمدة سنة لمعلمي المدرسة وهو ما انعكس على وضع المدرسة بعد أن كانت نشأت مشكلة في التأقلم بين طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والطلاب العاديون فيما كان المدرسون يواجهون مشكلة في شرح المنهج والسيطرة على جو الفصل والتعامل مع السماعات التي كانت تحدث صوتا في بعض الاحيان داخل الحصة الدراسية وهي التجربة التي شجعت على التنسيق بيننا وادارة التعليم بعد ذلك.

> أين شعرتم أنكم تواجهون تحديا طوال الــ 13 عاما الماضية من عمر المركز؟

ـ أتذكر ونحن نقوم بتجهيز المركز عندما وصلنا للسماعات التي تلتقط الصوت داخل غرفة الجلسات والفحص كانت السماعات كبيرة لدرجة لافتة مما كان سينعكس على تركيز الطفل أثناء الجلسة ويصعب من مهمة الاخصائي في لفت انتباهه للحصة العلاجية وعندما خاطبنا الشركة المصنعة في اليابان (باناسونيك) عن حاجتنا لسماعات صغيرة جدا (ديجتال) ذات نقاوة عالية في الصوت استغربوا لطلبنا كونها المرة الاولى لهم في صناعة سماعات صغيرة ديجتال ولما علموا بهدفنا من ذلك تحمسوا للفكرة وقاموا باختراع السماعات التي طلبناها وتصنيعها لأول مرة لنا في المركز ولتصبح بعد ذلك احد منتجاتهم التسويقية في انحاء العالم. كانت سعادتنا كبيرة والشركة المصنعة تشكرنا على اهتمأمنا بأدق التفاصيل ومن يومها ونحن نتعامل مع التحدي بسعادة لأنه يساعدنا على تطوير أنفسنا ومجتمعنا من حولنا.

> ما هي مشاريعكم الحالية أو القادمة في تطوير علاج ضعف السمع واضطرابات النطق في السعودية؟

ـ قمنا بعمل مجموعة النطق بسهولة وسلسلة الاسماء المتشابهة وهي برامج باللغة العربية عملنا على تطويرها عن طريق مركز الابحاث في المركز لكون البرامج العالمية هي باللغة الانجليزية وهو ما كان يعيق التعامل مع بعض المشاكل الناجمة عن اختلاف اللغتين، لذا عملنا على تطوير هذه البرامج لكي يستفيد الناطقون بالعربية حتى أننا بدأنا في تصدير هذه البرامج للمعاهد العربية وهي الأولى من نوعها.. نحن نحاول ان نحول القول المعروف (الحاجة أم الاختراع) إلى معمل للابحاث يفكر يوميا بالجديد.