الطوافة.. مهنة خرجت من القضاء وبدأت مع العهد العثماني

الفاروق أول من فرش أرض المطاف بالحصباء

TT

مهنة الطوافة من المهن القديمة قدم المسجد الحرام التي جعلها أهل مكة من أولويات أعمالهم، باعتبارها من الواجبات فيحسنون رفادة وسقاية ضيوف البيت كما أشار لذلك المطوف فيصل رشيدي ويضيف «قد اختلفت تسمية المرشدين الذين يقومون بتلقين الحاج مناسكه ما بين «المطوفين» وهي الكلمة التي يطلقها أهالي مكة على الدليل في حين تطلق كلمة «الأدلاء» عليهم في المدينة المنورة».

وفي منتصف الستينات كان الكثير من شباب البلد الحرام يمارسونها برغم حداثة سنهم، من بينهم العم حسين خياط، الذي كان يحمله الحجيج على أكتافهم لصغر حجمه ثم يقوم بتلقينهم الأدعية والأذكار, وهو لم يتجاوز التاسعة من عمره، يعلق العم حسين عن أهم ما يميز هذه المهنة «تعلمت خلالها مفردات أجنبية كثيرة بحسب جنسية المجموعة التي كنت اقوم على إرشادها».

ويرجع تاريخ صناعة الطوافة إلى العهد العثماني حسبما أشار لذلك الكاتب أحمد السباعي في كتابه «تاريخ مكة» حيث بدأ مع الشراكسة الذين يتحدثون بلغة أعجمية فكان لا بد لهم من مرشد يدلهم على المشاعر ويلقنهم أدعيتها. وقد ظهر في هذه الفترة «ابراهيم بن ظهيرة» كأول مطوف وكان أحد قضاة في أواخر الحكم العثماني خرجت هذه المهنة من ثوب القضاء ليلبسها أعيان مكة، ثم انتقلت إلى كافة الشرائح الاجتماعية في البلد الحرام إلا أن ما كان يتقاضاه المطوف حينها لا يعدو أن يكون شيئا رمزيا من الحاج. كما أوضح محمد الكردي في كتابه «تاريخ مكة القويم» من خلال التقرير الذي صدر أثناء حكم الأشراف ليقر التعريفة الخاصة بكل حاج بحسب المنطقة القادم منها والتي تراوحت بين بضع روبيات هندية وجنيه عثماني إلى الريال المجيدي.

والمطاف أو «الصحن» كما يسميه أهل مكة، كان يعتبر في الأزمنة الغابرة حد المسجد الحرام تحيطه المنازل، حيث جُعل بين كل منزلين طريق ضيق يؤدي إلى المسجد مباشرة قبل أن تجري عمليات التوسعة فيه منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب حتى يومنا هذا، واتخذت المصابيح لها من أسطح تلك المنازل موضعا إلى أن استبدلت بالأعمدة في عهد عبد الملك بن مروان.

وكان المطاف في القديم مجلسا عاما يفترشه الناس للجلوس من التراب والرمل إلا انه وبسبب حرارة الشمس اللاهبة فقد تمت عمارته وفرشه منذ عهد الفاروق الذي يعتبر أول من فرشه بالحصباء من وادي العقيق. أما أول من عمل على فرشه بالبلاط هو عبد الله بن الزبير عام 64هـ.

ثم تعاقب الأمراء والسلاطين على تغيير فرش المطاف، حيث تم فرشه في عام980 هـ بالحجارة الجبلية المنحوتة في عهد سنان باشا ثم من المرمر في 1003هـ أما الرخام الأبيض فقد تم فرشه في عام 1006هـ في عهد السلطان العثماني محمد خان.