الرياض: عصام حاج علي

TT

يشهد معرض «تذهيب المصحف الشريف وزخرفته» الذي يقيمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وجمعية المكنز الإسلامي اقبالاً من الزوار والمتخصصين للإطلاع على محتوياته الثمينة من مصاحف تعود لقرون سابقة تم استخدام أنواع جميلة من الخط في كتابتها وزخرفتها.

ويكتسب المعرض أهميته كونه يقام بمناسبة الاحتفال بمكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية ولكون المصحف الشريف أول نص كامل يكتب على شكل كتاب ويعتبر أول مخطوط عربي تجلت فيه مظاهر فن الكتابة العربية، علما أن الزخارف لم تستخدم الا في القرن الثالث الهجري على الأرجح وتوسع فيما بعد استخدامها.

وأوضح ابراهيم الهدلق المشرف على ادارة التراث والثقافة بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية أن الفنانين العرب في القرن الخامس الهجري بدأوا باستخدام الزخارف في المصاحف وظهرت أشكال اطارات أو جداول وحليات مستطيلة مذهبة وملونة تمتد بطول الأسطر المكتوبة وتنتشر داخلها زخارف دقيقة وأشكال هندسية ونباتية لتفصل بين السور أو تحمل أسماء هذه السور.

وقال إنه كان لمكانة المصحف وعظمته دافع كبير لدى المشتغلين عليه لتقديم كل طاقتهم واظهار ابداعهم بأقصى حدوده ليتناسب مع المكانة الكبيرة له، وتحدد عملهم الفني في لونين هما الزخرفة الجمالية والتذهيب وكان نتيجة ذلك ما نشاهده من نماذج رائعة بقيت للأجيال.

وتطور الاهتمام الجمالي الفني ليصل إلى تجليد المصحف الذي يعد أيضاً أول مخطوط عربي يتم تجليده وفق المعايير الحديثة للتجليد نوعا ما· ووصل فن التجليد الاسلامي مرتبة راقية حتى أصبحت شرائط الزخارف النباتية اطاراً لاغنى عنه في زخرفة المخطوطات وتبعتها الزخارف الهندسية لتملأ الفراغ الأوسط في جلدة المخطوط، مع التأكيد أن دقة التجليد اختلفت من فنان لآخر ومن عصر لعصر وظهر شكل يعرف باللسان وهو امتداد في الجلدة اليسرى يثنى حتى يغطي أطراف الأوراق ويقيها عوامل التمزق والتلف.

وأشار الهدلق إلى أن المعرض الذي يتزأمن مع اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الاسلامية يأتي للتعريف بالجوانب المشرقة من الحضارة الاسلامية التي تميزت بالثراء والاصالة في كل ميادينها من علوم وثقافة وفنون.

وكان لافتاً في محتويات المعرض مصحف شريف يعود تاريخه للقرن الثأمن الهجري وهو من مقتنيات الملك فيصل رحمه الله، ولفافة ورقية كتبت عليها آيات قرآنية وسور متفرقة في جداول وأشكال هندسية يرجع تاريخها للقرن العاشر الهجري، إضافة إلى مجموعة مصاحف من الروائع المملوكية ومصاحف بالحجم الصغير وصناديق لحفظ المصاحف بأشكال مختلفة ومن مصادر متعددة ونماذج لخطوط اشهر من كتب القرآن الكريم مثل محمد عماد، ومحمود الشيرازي، ومحمد مراد، وحمزة الشكري العلائي.

وأشاد بالمعرض ومحتوياته الدكتور سالم عيد العيد رئيس قسم التربية الفنية بجامعة الملك سعود وأكد أن طلاب مقرر (الزخرفة الاسلامية والخط العربي) بالجامعة زاروا المعرض للاطلاع على ما يتضمنه من روائع وأثنى على جهود المنظمين والقائمين عليه.

يذكر أن المعرض يقام في قاعة معارض مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية بالرياض ويستمر لغاية السادس والعشرين من اكتوبر (تشرين الأول) الحالي.