صيام الأطفال.. محاكاة للكبار ومحاولة لإثبات قوة الإرادة

TT

تعامل الأطفال مع شهر رمضان يكاد لا يخلو من الطرافة، ويظهر ذلك من خلال حماسهم الشديد وإصرارهم على إتمام صيام يوم كامل كالكبار. وعلى الرغم من طبيعة الأطفال الجسمانية الضعيفة، التي تجعل معظمهم غير قادر على الصمود لنصف يوم بلا طعام أو شراب، إلا أننا نجد التنافس يبلغ أشده في ما بينهم من خلال اتباعهم صيغا مختلفة للصيام، تتنوع بين الامتناع عن الطعام والشراب في أوقات معينة، أو عن أطعمة معينة أو الصيام لنصف يوم.

تقابل مها العطية، صيام أطفالها الثلاثة بشيء من الفخر والإعجاب، كون صيام الطفل منذ الصغر وسيلة لغرس فضيلة الامتثال إلى طاعة الله وتقوية الإرادة من خلال الصبر على الجوع.

وتذكر: «على الرغم من إصرار أطفالي على الصيام يوما كاملا، إلا أنني أرى أن ذلك سيشكل صعوبة لديهم، وقد يدفعهم إلى عدم تقبل الصيام في المستقبل».

وأضافت: «صيام ما بعد صلاة الظهر هو الطريقة التي اتبعها في صيام أطفالي، حيث لا يستطيع أحدهم الأكل بعد ذلك حتى يحين وقت الإفطار».

من جهتها، تقول مها القحطاني: «اتبع ذات الأسلوب الذي اعتاد والدي أن يسلكه معنا منذ الصغر، فقد كنا نصوم إلى أن يحين وقت الظهر في النصف الأول من رمضان، وفي النصف الثاني يستمر الصيام إلى وقت العصر وهكذا، وفي العشر الأواخر نكون قادرين على الصوم يوما كاملا، حيث ساهم ذلك في تنشئتنا على الالتزام والانضباط وتحمل المشقة».

وتتبع عائشة الفراج، أسلوبا مختلفا في التعامل مع صيام ابنها البالغ 7 أعوام، من خلال وسيلة تحقق الهدف من الصيام وتنمي في ذات الوقت قوة الإرادة لدى طفلها. ونظرا لصغر سن ابنها وعدم قدرته على الصيام في النهار، تلجأ إلى السماح له بأكل نصف كمية الطعام الذي اعتاد عليه. فيما تلجأ أحيانا أخرى إلى منعه من تناول طعامه المفضل أو الحلوى المفضلة لديه، حيث عليه انتظار ذلك حتى يحين موعد الإفطار.

وتوضح الاختصاصية النفسية دعد مارديني، من مركز السلوان «انه ومع دخول شهر رمضان، نرى حماسة شديدة من قبل الأطفال على الصيام، خصوصا في النصف الأول من رمضان، إلا أن هذا الحماس لا يلبث إلا ويتضاءل مع دخول النصف الثاني والأخير».

وترجع الاختصاصية مارديني دوافع اقبال الأطفال على الصيام لأسباب متعددة، كرغبتهم بمحاكاة الكبار في ذات المنزل، عزز ذلك ما تنتهجه بعض العائلات من عدم السماح لغير الأفراد الصائمين بالجلوس على مائدة الإفطار، وهذا ما يولد شعورا بالحرج لدى الأطفال.

وتضيف «فيما يلجأ البعض الآخر للصيام للوجاهة بين زملائه في المدرسة وإثبات قوة إرادته، لا سيما مع تزايد عبارات المدح والثناء عليه من قِبل الأساتذة أو الأسرة. فيما ترى فئة أخرى من الأطفال، أن الصيام يوما كاملا يعد مقياسا للنضج واحدى علامات الرجولة وهو ما يجب أن يتصفوا به».

من جانب آخر، تعتبر مساعدة الأم في المطبخ احد أكثر الأمور متعة لدى الأطفال وأحد الأسباب التي يترقب فيها الأطفال شهر رمضان بشغف. ومع تزايد الحاجة لطهي أصناف متنوعة من الطعام في رمضان، تضطر بعض الأمهات إلى الاستعانة بالصغار لمساعدتهن في إعداد المطبخ.

ويجد وليد الراشد، البالغ من العمر 10 سنوات، أن مساعدة والدته، أحد أكثر الأعمال التي تستهويه في رمضان، ويذكر: «أحب مساعدة أمي في تحريك الشوربة، أو مراقبة طبق الحلوى الحارة، أو في المحافظة على نظافة المائدة».

أما سحر الدويش (8 سنوات)، فتقول: »أقوم بمساعدة والدتي في المطبخ حتى أحصل على الثواب، كما أشعر بسعادة عندما يأكل الجميع الطبق الذي أعددته».

وتقول سمر عبد الله: «استعانة الأم بالأطفال في المطبخ يحتاج الكثير من الدعم من قبلها، من خلال الاكثار من عبارات المدح والثناء، إذ أن ذلك يقربهم من الشهر الفضيل ويمنحهم الثقة بالنفس»، وتضيف: «أركز دائما على الاستعانة بأطفالي في أعمال المطبخ، فهي فرصة للتحدث معهم حول الشهر الفضيل، كما استمع أثناء ذلك إلى أسئلتهم حول الصيام، موضحة بعض الأمور المتعلقة بالصوم وبعض الفضائل التي يحب أن يتحلى بها المؤمن في شهر رمضان».