استشاري فيروسات: تناول الدجاج المصاب بالمرض لا ينقل العدوى للإنسان

الفيروس الذي يعيش في دماء الطيور هو الخطر القادم بعد جنون البقر

TT

حذر الدكتور احمد عشي استشاري الفيروسات ومدير المختبر وبنك الدم ومختبر أطفال الأنابيب بمستشفى حراء بمكة المكرمة من مغبة عدم الاهتمام بوباء انفلونزا الطيور، خاصة ان الاصابة به تتم عادة في فصلي الخريف والشتاء.

وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن إنفلونزا الطيور من الفيروسات الخطيرة التي انتشرت في جميع أنحاء العالم وباتت تهدد الشعوب، خاصة، ان عائله هي طيور الماء المتوحشة التي اتفقت بعض النظريات على أن طيور الماء هي التي تنقله إلى الدواجن. وأعتبر عشي ان الفيروس الذي يعيش في دماء الطيور هو الخطر القادم بعد جنون البقر، وقال ان الخطورة تكمن في ان الاصابة تماثل الاصابة بالانفلونزا العادية، لكنها أكثر حدة ومضاعفاتها سريعة، فتبدو الاعراض في ارتفاع دائم في درجة حرارة الجسم (حمى)، صداع، ارتجاف وقشعريرة، احتقان في الحلق، فقدان للشهية، ألم في المفاصل، سعال جاف وشعور بالتعب وأحيانا تصل إلى تورمات في العين والتهابات رئوية تؤدي في النهاية إلى أزمة في التنفس ثم الوفاة.

> اصدرت السلطات الصحية السعودية عددا من القرارات الهادفة للحد من وباء انفلونزا الطيور، فهل بات الامر قريبا من المملكة، وما مدى خطورته؟

ـ انفلونزا الطيور مرض فيروسي خطير يصيب الإنسان والحيوان وتكثر الاصابة به في فصل الخريف والشتاء وينتج عنها نزلات برد تشبه نزلات البرد العادية والرشح والزكام، لكنها تكون شديدة جدا. والفيروسات المسببة للانفلونزا كثيرة جدا، وتنتمي جميعها إلى فئة «المكسوفيريديا»، وتعني باليونانية "اللزوجة" أي مقدرة الفيروس على الالتصاق بسطح الجلد. ومن خصائص الفيروس القدرة على إحداث طفرات تؤدي لظهور سلالة جديدة، لا يملك البشر مناعة ضدها، بحيث يحتاج الجهاز المناعي لتصنيع أجسام مضادة غير الأجسام المضادة التي تم تصنيعها في إصابات أخرى وإجبار الجهاز المناعي مقاومتها، وبالتالي التسبب بإمراضه.

لذلك تتضافر الجهود على مستوى العالم من خلال التعاون مع منظمة الصحة العالمية لعزل الفيروس في بداية فصل الشتاء والتعرف على نوع السلالات المنتشرة وعزلها، والاستعانة بها عند تحضير الأمصال الواقية للفيروس بشكل مستمر، علما بأن التغير الذي يحدث في الفيروس على نوعين هما «شفت» و«درفت». شفت تعني اختلاط المادة الوراثية لهذا الفيروس مع مادة وراثية لفيروس آخر، مسببة بذلك ظهور نوع فيروسي جديد مختلف عن النوعين الآخرين، وبالتالي تتكون مناعة مضادة ضده ولا تتوفر لقاحات للوقاية منه.ويطلق على الانفلونزا التي تصيب الطيور مصطلح «أفيان» أو انفلونزا الطيور أو الدجاج وقد اكتسبت هذه التسمية لأن الدجاج هو أكثر الطيور الحاضنة لهذا الفيروس والناقلة له.ويتبع انفلونزا الطيور عدة سلالات أو فصائل تختلف باختلاف البروتين الموجود على سطحها وهناك نوعان من البروتين Hemagglutinine وNeuramidinase ويرمز لها بالرمز N H، واختلاف هذه البروتينات يحدد سلالة الفيروس الذي يصنف على أساسها.ـ لقد استطاع العلماء حصر 15 نوعا من هذه الانفلونزا واكتشفوا بأن 5 منها تصيب الإنسان وهي H1، N1، H2، N2،H3 وأكثر السلالات خطراً على الدجاج هيH5 و H7 نتيجة انتشارهما بسهولة وإحداثهما مشاكل في جميع أجهزة الطيور التنفسية.ومن الأمور المقلقة للعلماء أن تنشأ سلاله جديدة نتيجة اندماج الفيروسات المسببة للمرض عند الطيور بمثيلاتها من البشر بحيث يمكن أن ينتقل بسهولة بين البشر الأمر الذي يهدد بنشر نوع قاتل من وباء الانفلونزاH5N1 وان هذا الوباء يمكن أن يشكل خطرا على حياة عدة ملايين من البشر في حالة تفشيه وانتقاله من إنسان إلى آخر.

> كيف يمكن التعرف على أعراض المرض؟

ـ أعراض المرض متشابهة مع أعراض الانفلونزا العادية، ولكنها أكثر حدة ومضاعفاتها سريعة، فهي تتمثل في ارتفاع دائم في درجة حرارة الجسم (حمى)، صداع، ارتجاف وقشعريرة، احتقان في الحلق، فقدان للشهية، ألم في المفاصل، سعال جاف، شعور بالتعب أحيانا تصل إلى تورمات في العين والتهابات رئوية تؤدي في النهاية إلى أزمة في التنفس ثم الوفاة.

> ما الاحتياطات الواجب اتخاذها عند الإصابة؟

ـ بالنسبة لوسائل الوقاية التي يمكن اتخاذها فان التشخيص المبكر للمرض يساعد على الحد من انتشار المرض والتخلص من الطيور المصابة وإعدامها، ولا يقل ذلك عن أهمية وقاية الأشخاص العاملين في مزارع الدواجن ومراعاة لبس الأقنعة والقفازات أثناء الاقتراب منها، أما على المستوى الدولي فيتم حظر استيراد الدجاج والطيور والبيض من الدول التي توجد بها حالات عدوى بانفلونزا الطيور.

وإذا بدأ ظهور الفيروس في الإنسان يمكن التدخل بالأدوية المضادة للفيروسات مع دعم ذلك بتدابير علمية صحية أخرى لمنع الفيروس من مواصلة انتشاره على المستوى الدولي.

> هل هناك لقاح واق متوفر حاليا؟

ـ لقد أظهرت اختبارات حديثة للقاح ضد إنفلونزا الطيور فعاليتها في نظام المناعة عند الإنسان. وقد اتضح بأن اللقاح، الذي لا يزال في طور الاختبار قد أثبت قدرته على تحفيز نظام المناعة البشري لمحاربة هذا الفيروس. ورغم اعتبار نتائج الأبحاث خطوة نحو التوصل إلى لقاح، إلا أن العقبة الرئيسة هي القدرة على إنتاج لقاح كاف في حال تفشي هذا الوباء، ذلك لأن اللقاح يتم إنتاجه من بيض الدجاج، وهي عملية تستغرق شهورا عدة. وقد كانت الاختبارات الأولية على أصحاء تجاوزوا عمر الـ65 أظهرت رد فعل قوي في نظام المناعة. وتنتج هذا اللقاح الشركة الفرنسية Sanofi- aventis لصناعة الأدوية، وقد اختبرته على قرابة 450 شخصا، ويتوقع أن تستكمل على أشخاص أكبر سنا في الأشهر المقبلة.

> هذا عن اللقاح الواقي، لكن هل هناك علاج فعلي لهذا المرض؟

ـ نعم يوجد حاليا علاج ضد الإنفلونزا يسمى «تاميفلو» Tamiflu وقد حثت منظمة الصحة العالمية باستخدام هذا العلاج والذي يستخدم في علاج جميع أنواع أمراض الإنفلونزاA & B وسلالاتها وكذلك بعض أنواع سلالات أنفلونزا الطيور بما فيهاH5N1 والتي تعد اخطر سلالات الإنفلونزا. ويقلل العلاج أيضا من مضاعفات الالتهابات الناتجة عن الإنفلونزا، ويستعمل وقائيا ليمنع من انتشار الإنفلونزا وبذلك فان استخدام «تاميفلو» له ثلاثة اتجاهات ـ حماية، وقاية وعلاج ـ ولتقليل انتشار الفيروس يعطى أيضا للأشخاص المعرضين للإصابة ويؤدي إلى انخفاض نسبة الوفيات وعدم نشر الوباء إلى أماكن أخرى والسيطرة على الموقف ولكن في الوضع الراهن ينصح باستخدامه وقت الإصابة بالإنفلونزا وخلال 48 ساعة للحصول على أفضل النتائج.

> لماذا ينتقل الفيروس الى الانسان من الدواجن فقط؟

ـ ينتشر هذا الفيروس في جميع أنحاء العالم وقد تم اكتشافه في طيور الماء المتوحشة حيث انها العائل له، وقد اتفقت بعض النظريات على أنه تم انتقال الفيروس من طيور الماء إلى الدواجن.

ـ ويعيش هذا الفيروس في دماء الطيور وأمعائها ولعابها وأنوفها، ويكمل دورته داخل الطير ويفرز بعد ذلك بكميات عالية في برازها، ومن الأنف والعين وعند جفاف البراز يتحول إلى ذرات غبار يسهل انتقاله إلى طير آخر، وبهذه الطريقة ينتقل الفيروس من الدجاج المصاب إلى السليم ومنه إلى الإنسان. أيضا الاحتكاك غير المباشر مثل المياه المحيطة بهذه الطيور أو وجود هذه الطيور في حظائر الدجاج.وينتقل الفيروس إلى الإنسان عبر الرذاذ المتطاير من أنوف الدجاج وإفرازات الجهاز التنفسي، وعن طريق الملابس والأحذية الملوثة في المزارع والأسواق.وعبر الأدوات المستخدمة والملوثة بالفيروس مثل أقفاص الدجاج وأدوات الأكل والشرب وفرشة الطيور، وبواسطة التركيز العالي للفيروس في فضلات الطيور وفرشتها نظراً لاستخدام براز الطيور في تسميد الأراضي الزراعية.

> إذن، هل تناول لحوم وبيض دجاج مصاب بالفيروس يمكن ان ينقل العدوى؟

ـ لقد ثبت بأنه لا يمكن أن ينتقل الفيروس من الدواجن والبيض الحاملة للمرض إلى الإنسان عند أكله إذا كان مطهوا جيدا.

> أصابت اخبار الوباء الناس بالهلع، وأصبحوا يتساءلون عن طرق الوقاية منه! ـ للوقاية من الفيروس يجب طهو جميع أنواع الطيور جيدا وعلى حرارة مرتفعة قبل أكلها، وينسحب ذلك على مشتقاتها كالبيض مثلا، كما ينبغي غسل الأيدي بالماء والصابون مدة تتراوح بين 15 ـ 20 ثانية، ويجب على جميع من لهم علاقة بتقطيع اللحوم أو نقلها أن يتقيدوا بلبس القفازات الواقية والكمامات (N95) والمعاطف الطويلة.