أول سيدتي أعمال في الأحساء تقتحمان سوق المقاولات والعقارات

ننهي إجراءاتنا بأنفسنا ونواجه منافسة شرسة من الرجال

TT

اقتحمت المرأة السعودية في الأحساء، مجالات عمل غير مألوفة أثبتت من خلالها جدارتها في تخطي الصعوبات، فقد اقتحمت سيدتا اعمال ولأول مرة قطاع المقاولات والعقارات. وتأتي كل من منيرة سعد الدوسري ومنيرة محمد البراهيم لتعملا في مجال المقاولات والذي يعتبر من اصعب المجالات العملية بالنسبة للمرأة لتستطيع كل واحدة منهما ان تترك بصمة واضحة في سجل المقاولات بالاحساء وعملتا بتعب وصدق في التعامل من بدايات المشروع الى نهايته حيث افتتحتا مؤسسة للمقاولات بتصريح من وزارة التجارة وسجل تجاري من الغرفة التجارية وتصريح حكومي من بلدية الاحساء وتديران المؤسسة باشراف مباشر منهما. "الشرق الأوسط" التقت بالسيدتين اللتين اصبح لهما السبق في العمل بمجال المقاولات لتكونا اول سيدتين بالاحساء تديران مؤسسة مقاولات رسمية معترف بها واجرت معهما هذا الحوار:

> ماهي الصعوبات، أو المعوقات التي واجهتكما في بداية عملكما، خاصة كونكما سيدتين؟

ـ نحن نعمل بمتعة وبنفس راضية وبتعب وجد، بقوة الرجل وبصفة المرأة، اما المصاعب فلا تذكر ولله الحمد خاصة اننا ندير المؤسسة بأنفسنا ولم نحتج الرجل في شيء حتى معاملاتنا بالغرفة التجارية والبلدية وشراء احتياجات المشروع بانفسنا.. سوى اننا نعاني من سوء المنافسة من قبل بعض رجال الأعمال حيث نتعب على العامل وندربه حين يعمل لدينا وحين يجيد العمل يأتي من يغريه بالمال ونخسره بعدها.

> ألم تتعرضا لمواقف خداع من الرجال واستغفال او اختلاس كونكما سيدتين تعملان فيما يعمل فيه نخبة الرجال؟ ـ حقيقة هم حاولوا في العديد من المرات استغفالنا والتحايل علينا واستغلالنا اعتقاداً منهم اننا كسيدتين سنكون بسيطتين كما أنهم يجهلون قدراتنا وامكانياتنا ولولا اننا قويتان وقادرتان على العمل والمواجهة لما غامرنا بأموالنا وانفسنا واعصابنا وراحتنا ودخلنا في مثل هذا المشروع العملاق، لكنهم فشلون في التحايل علينا ولا يقدرون على مواجهتنا وفي العديد من المرات استطعنا ان نكشفهم في فواتير ومعاملات نراجعها بدقة وتمعن فنكشف التحايل.

>كيف يمكنكما التعامل مع المؤسسات والشركات والمصانع في بيئة محافظة كالاحساء؟ ـ التعامل مع الرجال ليس بهذه الصعوبة، فالتعامل يكون بالهاتف مع التمسك بحرمة الحجاب وعفة المرأة واخذ الحيطة في الحديث معهم وليس هناك اي عائق يعيقنا من ان نتعامل معهم وحين نتعامل معهم لاول مرة تكون كلمتنا الأولى لهم انس انك تتعامل مع حرمة وراء هذه العباءة رجل رغم ان هناك العديد من الرجال الذين لا ذمة لهم ولا ضمير يحاولون بشتى الطرق التحايل ولكن تعاملنا الجدي والعملي يجبرهم على تقديرنا واحترأمنا.

> هل هناك ملاحظات لاحظتماها على شغل بعض الرجال المقاولين عند زيارتكما الميدانية للعديد من المواقع فاثارت اشمئزازكما من هؤلاء المقاولين؟ ـ نعم العديد من الملاحظات فذات مرة كنت اتفقد في زيارة ميدانية (الكلام لمنيرة الدوسري) لاحد المنازل الذي يشرف عليه احد المقاولين رأيت ان العمال الذين يشتغلون في البناء يضعون داخل الاسطوانات والجدران أوساخا وعلبا وفاكهة مستهلكة والمقاول لا يعلق على ذلك وهم يسترسلون في عملية البناء والتشطيب مما يؤدي مستقبلا الى ظهور بعض الديدان والالوان الغريبة حول الابواب والحواف والنوافذ فلا بد من مراعاة الضمير في العمل، وان يتقن العمل.

> كيف يمكنكما تصميم المخططات والبدء في العمل على تنفيذها؟ ـ تعجبني التصاميم الجميلة والخاصة بالبيوت الأميركية والاوروبية كنت اقرأ منذ ان كنت صغيرة عنها (الكلام لمنيرة البراهيم) حيث كان اخي يدرس في أميركا ويأتيني بمجلات خاصة بتصميم المنازل فأقرأها بشغف وحين اذهب الى المكتبات انا وزوجي في السنوات الماضية اشتري كل ما اجده في المكتبة من كتب التصاميم، التخطيط للبيوت فتأتي اشكال التصاميم في ذهني فاخططها على ورقة واتناقش فيها مع ام عادل (منيرة الدوسري) وحين تكتمل اللمسات نذهب الى مهندس معماري ونعرض عليه مافي ذاكراتنا من تصاميم او الاوراق التي رسمناها ونقول له نريد هكذا وهكذا من دون ان يعارضنا في شيء وفي الكثير من المرات يعجب المهندسون بافكارنا ويأخذ منا نصف المبلغ بدل المبلغ كامل ومن ثم نبدأ بالتنفيذ ونقوم نحن بمجمل عملية التنفيذ من شراء الخشب والاسمنت والرمل حتى مواسير الحمامات ونشرف على البناء اولا بأول ونراقب العمل في عملية البناء والتشطيب والصباغة ونفتش على المنزل ونراعي ان يكون تسليم المنزل حسب الوقت الذي اتفقنا عليه مع صاحبة المنزل.

> كم يستغرق تقريبا بناؤكما للبيت؟

ـ على حسب مساحته وتخطيطه ولكن اكثر فترة نستغرقها سنتين ونصف السنة عادة وبقية الرجال المقاولين يستغرقون 4 سنوات.

> هل يوجد إقبال على مشاريعكما ومؤسسة المقاولات التابعة لكما؟

ـ في البداية لم يكن هناك اي اقبال وكان الناس يشككون في قدراتنا وشغلنا اما الان بعد ان بنينا البيت الذي نقيم فيه وبيتا مقابلا لنا اضافة الى بيتي ابنتينا وعرفنا وعرف شغلنا بجودته بدأت تأتينا العروض ولكن لا يمكننا القبول بها جميعا وانما تقبل بيتا بعد بيت لكي لا تحصل مداخلات او اي اشكالات اخرى.

> ألم تكونا متخوفتين من هذا المشروع في بداياتكما وخاصة انه متعب للمرأة ويحتاج الى الكثير من القدرات؟

ـ منذ 15 سنة وانا في هذا المشروع (الكلام لمنيرة الدوسري) وهذه الفكرة تجتاج تفكيري وبالفعل اخذت ترخيصا من البلدية وسجلا تجاريا من الغرفة التجارية واتيت بعمال ولكن المؤسسة التي فتحتها كانت تغلق سنوات وحتى وهي مغلقة ادفع رسومها وزكاتها ومستحقاتها ومستحقات العمال الى ان تمكنت من الوقوف على قدمي وارض صلبة وبدأت اديرها انا وصديقتي ام عماد التي تعرفت عليها منذ 5 اعوام وشاطرتني الجهد والعمل والادارة والاشراف انا برأس المال والعمال والمؤسسة وهي بالافكار والاشراف والادارة معي.

> آمالكما وتطلعاتكما في المستقبل لمشروعكما ولهذه المؤسسة؟ ـ نفتخر ونعتز باننا اول سيدتين في الاحساء تديران مؤسسة رسمية للمقاولات ونتمنى في المستقبل ان تتحول المؤسسة الى شركة كبيرة ننفذ فيها كافة المشاريع التنموية والتي من شأنها ان تخدم البلد وتطوره حضاريا واقتصاديا ونحن نسعى بكل جهد وبصدق واخلاص متبادل كي نصل بها الى ذلك المستوى.

> كيف تتعاملان مع العمال بالمؤسسة وفي تنفيذ المشروع؟

ـ لا يوجد اي صعوبة في التعامل معهم ونعاملهم بمنتهى الانسانية والتعاون المثمر بيننا ولكن في بعض الاحيان اشد عليهم اذا تقاعسوا عن العمل أو تهاونوا في اداء مهامهم او كثر غيابهم في وقت العمل من دون سبب مقنع فأضطر الى ان اقسو عليهم واحيانا اضطر الى ان اخصم من رواتبهم كي يعتبر غيرهم ويجدون في العمل. والكثير من المرات كشفت تحايلهم علي وتصيدت هفواتهم وسرقاتهم واعتقد انهم يخافون مني اكثر من الرجال.

> بعد عمليات البناء والمقاولات التي تديرانها وتشرفان عليها الم تتطرقا الى ديكور المنزل؟

ـ بيتنا الذي نسكن فيه والذي سبق وان خططناه واشرفنا على بنائه طوبة طوبة الى ان سكنا فيه نحن من قمنا باختيار الديكور والجبس وطريقة وضع التكييف به واعتقد انها غدت مترابطة مع بعضها حيث اقوم بالتنسيق بين المخطط المعماري والجبس والتكييف واحدد لهم وقتا واحدا ليتم تنفيذ ما اردت تنفيذه.

> ماذا عن المبالغ المادية التي تتقاضيانها من عملكما في المقاولات؟

ـ مناسبة جدا للعمل الذي نقوم به وليست بالصعبة او التي يأخذها المقاولون الرجال الذين اتوقع انهم يبالغون فيها وانما نحن نتقاضى مبلغا مناسبا ولم يشتك احد من اسعارنا ومبالغنا مقارنة بشغلنا ونظافته.

> عملتما في المشاغل النسائية والبيع والشراء والمقاولات هل تعتقدان ان المقاولات اربح لكما من بقية المشاريع الخاصة بالمرأة؟ ـ نعم العمل بالمقاولات ممتع ومتعب ومفيد جدا ومربح للغاية وربحنا منه اكثر من بقية المشاريع الاخرى. > والغرفة التجارية بالمحافظة هل ادت دورها حيال سيدات اعمال المحافظة؟ وما آمالكما التي تناشدان بها الغرفة؟

ـ نتمنى لو افتتح قسم نسائي خاص بالنساء لسيدات اعمال المحافظة وتكون هناك الاجتماعات الدورية المتكررة مع بعضهن البعض وبتوجيهات الغرفة او عبر الشبكة المغلقة والاجتماع مع رجال اعمال المحافظة والشخصيات الناجحة اقتصاديا وسرد تجاربهم في عالم الاقتصاد والتجارة والصناعة وادارة المشاريع التنموية التي من شأنها ان تخدم الوطن لكي يتسنى لسيدات الاعمال الاستفادة منها وممكن مناقشة قضاياهن ومساعدتهن على حل مشاكلهن وتوجيههن للمشاريع التي يمكن ان تبدع فيها كل امرأة وتستطيع ان تستثمر اموالها بطريقة مدروسة.

>كيف تقيمان مستوى سيدات أعمال المحافظة؟

ـ لا بأس به ولكنهن يحتجن المزيد من الخبرة والكثير من التطور وعليهن الثقة بأنفسهن وبطريقة تفكيرهن وادارتهن للمشروع وعليهن الابداع في المشاريع التجارية بما يتناسب مع العصر فمشاريعهن مازالت تكرر نفسها بين المشاغل النسائية وبيع وشراء الملابس ومستحضرات التجميل والاكسسوارات بعيدا عن التجديد، فأتمنى لو تم التجديد في ذلك والتنويع ودراسة المشروع اكثر من مرة قبل المغامرة في الدخول فيه.

>البعض يقول ان العمل في المقاولات لا يتوافق مع طبيعة المرأة ما تعليقكما على ذلك؟

ـ ينبغي على سيدة الاعمال ان تعرف مدى قدرتها وتحملها على الاستمرار في النشاط حينها لا يهم ماذا يقول الناس وما هو رأيهم والدليل على ذلك ان هناك عددا من السيدات يمارسن هذا النشاط خارج المنطقة ويدرن مؤسسات كبيرة ايضا.

> اين انتما من المشروعات الزراعية المنتجة والتي تتسم وطبيعة الاحساء كواحة زراعية فذة؟ ـ رغم انني املك مزرعة كبيرة جدا في الاحساء (الكلام لمنيرة الدوسري) وبها دواجن واغنام وارانب ولكني لم اقدم على انشاء مشروع زراعي ذي صبغة استثمارية تجارية لكونه يحتاج الى متابعة دقيقة واشراف مباشر لذلك لم اقدم على هذه الخطوة وربما هذه اهم وابرز سمات العمل في القطاع الزراعي ولكن في الفترة الاخيرة راودت صديقتي (منيرة البراهيم) فكرة انشاء منتجع سياحي زراعي في مزرعتي اسمته مشروع النخلة ويتضمن استثمار النخيل الموجود بكثرة في الاحساء بطريقة ملفتة للانتباه.

> هل هناك مشروع تجاري مازال جنينا لم يخرج الى الحياة؟ ـ افكر بانشاء مجمع تجاري خاص بالنساء يتضمن كافة الخدمات التي تحتاجها الاسرة خلال عملية التسوق من اماكن للالعاب والمحلات النسائية على ان تكون ادارته ومن يعمل فيه نسائية بالكامل على غرار ما هو قائم في الدمام.

> هل لك تجارب في الاستثمارات البنكية؟ ـ المضاربة في الاسهم والتعامل مع البنوك يحتاج الى وقت وصبر والحقيقة بالنسبة الي لا اجد الوقت الكافي للدخول في مثل هذه المشاريع لانني اتابع اعمالي بنفسي مباشرة ولا أحبذ ان يدير اعمالي احد غيري.

> كيف تقيمان المناخ الاستثماري التجاري النسوي في الاحساء؟

ـ لا بأس به ولكن الشيء الذي نراه هو التكرار الذي يغلب على المشروعات النسائية فالاغلبية حينما يفكرون في العمل في هذه المجالات ليس لديهن الا المشاغل النسائية او استوديوهات التصوير النسائي ويقتصرن على هذين الخيارين بينما المطلوب هو الاستثمار في مجالات اكثر واعمق وارى ان نقص التعمق في فنونها وعدم الاستفادة من ذوات الخبرة في المجتمعات الاخرى كان سببا رئيسيا في تكرار المشروعات النسائية.

> كيف تريان مستقبل مساهمة المرأة السعودية في الانشطة التجارية والاستثمارية؟ ـ نرى انه سوف يتطور مساهمتها اكثر لو طورت اداءها وعملت بجدية اكثر ونمت قدراتها بالثقافة التجارية والوعي التنموي الاستثماري للمال.