حصة العون: العضوية في الغرفة التجارية حق مكتسب ولو كانت لبائع «بليلة»

غياب القوانين البديلة وضعف الرقابة سبب توسع السوق السوداء في جدة

TT

خلال الأسابيع القليلة المقبلة ستعبر المرأة السعودية مرحلة جديدة في ثقافة الانتخابات السعودية للمرة الثانية على التوالي، بعد تجربة انتخابات سابقة شاركت بها ضمن مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين العام الماضي، والتجربة الحالية ستخوضها سيدات الأعمال في مدينة جدة للمرة الأولى، حيث الترشح لعضوية مجلس إدارة الغرفة التجارية.

الكاتبة وسيدة الأعمال السعودية حصة العون، رئيس مجلس إدارة شركة البداية للتجارة والصناعة المحدودة بجدة، احد الأسماء المرشحة والفاعلة، كونها كانت سببا في تفعيل هذه الخطوة بعد خطابها الذي وجهته لوزير التجارة والصناعة الذي تجاوب معه بإتاحة الفرصة للمرأة لخوض تجربة الانتخابات.«الشرق الأوسط» التقت بها في جدة وحاورتها حول إمكانية نجاح التجربة وقضايا عالقة بالغرفة التجارية والسوق السوداء بجدة.. فكان هذا الحوار:

> أخيرا سيتم ترشح المرأة في الانتخابات بالغرفة التجارية، لكن هل تتوقعين نجاح التجربة؟

ـ نعم، أخيرا سُمح لها بممارسة حقها المستحق في الغرفة التجارية وفي كل غرف التجارة بالسعودية، وكل ذلك سيتم في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، الذي يتحسس ما تحتاج إليه المرأة السعودية، ويفعل ما تمليه عليه المصلحة الوطنية، خاصة أن المرأة كان ولا يزال لها النصيب الأكبر من رعايته الأبوية. إلى جانب ذلك حصول هذا الأمر في ظل تجاوب وزير التجارة والصناعة، الدكتور هاشم عبد الله يماني، مع كل طرح ورأي وتوصيات تصب في معين المصلحة العامة ومصلحة المرأة وفق ضوابط الشريعة التي أعطتها حقوقها كاملة. أما عن نجاح التجربة فهذا متروك للتجربة ذاتها، ولمدى جدية سيدات الأعمال ومعرفة دورهن، ومدى تقبل الأخوة والزملاء أعضاء المجلس للتفاعل مع هكذا مشاركة، فمن أبجديات النجاح الإعداد الجيد للفرد والحماس مع الشجاعة وتثقيف الذات بكل أمر يقدم عليه الفرد، كما أن الثقة بالنفس في ممارسة الحق المستحق تنعكس إيجابا على كل من يقدم على مثل هكذا خطوات، ومشاركة المرأة في مجلس الإدارة ليس غريبا، والغريب ألا تمارس المرأة حقها المستحق الذي تأخر كثيرا رغم عضويتها بها منذ زمن طويل، لكن علينا ألا ننظر للخلف، فمن يريد أن يحدث حركات تصحيحية فلينظر للأمام، خاصة في ظل حكومة رشيدة لن ترضى للمرأة السعودية إلا ما يتناسب مع كينونتها ومكانتها العالمية التي استطاعت النجاح من خلالها وفازت كعادتها بالسبق كامرأة سعودية لها كفاءتها المعترف بها.

> قلتِ ذات مرة أن سيدات الأعمال السعوديات ليست لديهن رؤية واضحة ويتسمن بالتردد والتبعية.. فلماذا كان حكمك هذا عليهن؟

ـ سيدات الأعمال ينقسمن إلى عدة أقسام، فكثير منهن لسن على الخريطة بحكم أن أكثر هذه السجلات التجارية المسجلة، لا تمارس المرأة فيها التجارة، إنما هي أصلا لرجل من عائلتها لا يستطيع ممارسة التجارة بحكم وظيفته الحكومية. وعندما نبحث عن عدد سيدات الأعمال فسنجد أن الرقم كبير، إلا أنه عند فرزه سنراه صغيرا، ومن هذا الرقم تجدين سيدات أعمال حقيقيات يمارسن العمل التجاري والصناعي كما يجب، مع مراعاة أنهن كن قبل فترة بسيطة لا يحق لهن تمثيل مؤسسات تجارية لوجود شرط الوكيل أو المدير أو الكفيل المالي وغيرها من الأسماء التي تعددت، لكنها في النهاية تؤكد أن الوصاية كانت مفروضة عليها وعلى مكاسبها إلى أن استطاعت سيدات الأعمال تفعيل مطالبهن، وإيصالها لولاة الأمر بآلية مباشرة وغير مباشرة. ويشرفني أنني كنت وما زلت وسأظل أتابع كل هذه الأمور في كل القنوات ذات الصلة من وزارات وجهات حكومية، خاصة حتى أنه أُطلق عليّ لقب «المعقبة رقم 1»، وهذا إنما من إيماني بأن جهودنا لم ولن تذهب سدى في ظل تجاوب هذه القنوات وفي ظل قدرات المرأة السعودية التي تطمح لأن تكون أحد صناع النهضة السعودية الحالية والقادمة بإذن الله.لكن في المقابل هناك فئات أخرى من سيدات الأعمال لا همّ لها إلا تجيير جهود المخلصات لأنفسهن أو الآخرين طمعا في فلاش إعلامي، كما أن أعداء النجاح كثر، والمترددات الخائفات على كراسي اللجان أو المجالس المتنوعة التي ترسم لهن بالقلم والمسطرة من قبل جهات تريد إكمال العدد ليس إلا، وعلى النقيض توجد هناك نساء على الخط لديهن الحماس والفكر المستنير والثقة في القدرات، لكن ليس لهن ذلك الطموح فالميل للدعة والسكون أصبح ديدن الرجال فما بالك بالنساء، أضيفي لذلك المصالح التجارية العائلية التي تلعب دورا سحريا يجعل بعضهن ينسين الأدوار الريادية المطلوبة منهن، ولا ننسى أن بعضهن يتقدمن خطوة للأمام وعشر للخلف خوفا وهلعا من المجهول ومن المستقبل، ولهذا فاللاتي يهمهن الشأن العام موجودات ويمكن عدهن على الأصابع وحتى على مستوى الرجل.

> إن كان مجتمع سيدات الأعمال هكذا.. فهل تعتقدين أنهن سينجحن في عضوية مجلس الإدارة بالغرفة التجارية رغم ضعف الرؤية والقدرة على القيادة الإدارية؟

ـ اعتقد أن من يريد لنفسه النجاح ولا يتسلح بعوامل المعرفة سيفشل بالطبع، حتى لو كانت هذه المرأة تدير قدر الطبخ في المنزل، وهناك أمور ليست للجميع، فالقيادة والريادة وخلق الفرص والمتابعة والاهتمام والثقة في الحق والحفاظ عليه ليس متوفرا في كل الناس، فهناك أناس كالببغاء يرددون ما يقال سلبا أو إيجابا بدون معرفة، ونصيحتي لهن بالكف عن الدخول في مغامرات غير محمودة العواقب، وليكتفوا باستحلاب ما ينتج عن جيل الرائدات والاستفادة من خطواتهن الدؤوبة والموفقة، وهذا الأمر ينطبق على كل الأطراف في كل الاتجاهات، فليس بالضرورة أن يقف الجميع في صف واحد، وإلا لن نجد مكانا يتسع لهذا الكم الكبير، لكن ما يزعجنا حقا هو عدم إحقاق الحق وإسناد الفضل لأصحابه، وما يعزينا في ذلك أن الحياة بها هذه الفئات وأكثر ولا يجدون من يوقفهم عند حدهم، والأمل كبير في كثير من الأوفياء والأصحاء أخلاقيا الذين يقدمون الدعم والتعويض عما يصيب البعض منا وما يلقاه من جحود ونكران، وسلب الحقوق الأدبية لا حصر لها.

> هل أنت حقا محاربة من قِبل رجال الأعمال كما يقال؟ ولماذا؟ ـ والله العظيم لا أعلم ذلك، وكل ما أعلمه أن من يحاربني رجلا كان أو امرأة، فإنما يحارب مصداقيتي وسعيي المتواصل للحق، وتمكين المرأة والرجل على حد سواء من أعضاء الغرف التجارية الذين لا يلقون اهتماما من مجالس إدارتها، ولا يهمهم إلا من حضر القسمة فليقتسم، والشهرة والمصالح الخاصة والشراكات الإيجابية بالنسبة لهم، وإن حاربني هؤلاء الأخوة الأعزاء فلأنني كاتبة مهمومة بالشأن العام وقلمي سيف حاد لإطلاق كلمة الحق في وجه كل من يحاول تحييدها عن صاحبها، والغرفة التجارية أحد الحقوق المهدرة التي لا يحصل عليها كل الأعضاء كما يجب، أو كما هو مدون ضمن اللوائح والأنظمة الخاصة بنظام هذه الغرفة أو تلك، وهؤلاء لم يتعودوا على أن ينبري لهم أحد بهذه المطالب من الرجال، فما بالك بسيدة تظل تتابع شطحاتهم وتجاوزاتهم وتحصيها وتركز عليها في كل اللقاءات والمؤتمرات والمنتديات للوصول إلى هدف هو إعطاء كل ذي حق حقه، خاصة ونحن ننتمي لدولة لا تسمح بأن يظلم فيها أحد، مع العلم أن كثيرا من الأخوة رجال المال والأعمال تربطني بهم علاقة أخوة واتحاد آراء دائما وكثير منهم يدعمني بالكلمة والتوجيه والتقدير، لكن رضا الناس غاية لا تدرك، واعتقد أن ذلك هو نفور واستغراب منهم وليس حربا لأنهم لم يعتادوا على أن يواجههم أحد بنواحي قصورهم، لكنهم سيعتادون على ذلك عندما تتحرك الكراسي ذات اليمين أو ذات الشمال، والمصلحة الوطنية ستتغلب في النهاية على كل هذه المشاحنات والحروب اللطيفة.

> هل حقا الغرفة التجارية تعاني من شللية وتكتلات بعض رجال الأعمال الهوامير.. ما وجهة نظرك في ذلك؟

ـ في كل مكان هناك تكتلات وشللية، وفي الغرف التجارية من الطبيعي أن يوجد بها ذلك، خاصة في ضوء أسلوب العمل القديم الذي يعتبر أن لهذه التكتلات ردود فعل إيجابية، لكن كما هو معروف أن للإدارة فنونها وأنظمتها، وروح الفريق نكاد للأسف نفتقرها في هذه الجهات، لاعتقاد البعض أن هذه الغرف خاصة لفئات وأسر محددة، وتكاد تكون حقا حصريا لهذه الفئة أو تلك، كما درجوا على ذلك طوال السنوات الماضية، مع أن أنظمة الغرف التجارية تخالف ما يطبق، وهنا السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل قرأ هؤلاء الأعضاء لوائح وأنظمة غرفتهم جيدا ليدركوا أن هذه اللوائح تفرض عليهم الاهتمام بالجميع، وأن هذه الغرفة أو تلك بكل الأعضاء صغارا وكبارا، رجالا ونساء، إنما هم أعضاء من ضمن هذه المنظومة، ويجب أن يسري عليهم نفس النظام ونفس الواجبات ونفس الحقوق ولا فرق بين هذا أو ذاك، فالعضوية التي يمتلكها الجميع هي حق مكتسب ومتاح لكل الأعضاء، حتى لو كان هذا العضو بائع بليلة ما دام يملك سجلا تجاريا وعضوية مجددة ومكانا تجاريا حسب الأنظمة والقوانين من الجهات ذات العلاقة، ولكن الزمن كفيل بعلاج هذه التجاوزات.

> هناك من يقول إن الغرفة التجارية بجدة ينبغي ألا يأخذ عضوية مجلس الإدارة بها سوى أبناء العائلات الجداوية، فكيف تنظرين لذلك؟

ـ نعم هناك طرح حول ذلك ولا أعلم من الذي سن هذه الأنظمة والقوانين التي تفرق بين أهل الوطن، فكل سعودي هو من أهل جدة ومن كل مدن السعودية، ولو كان الأمر كما يقول هؤلاء لأسموها غرفة جدة الحصرية، والحمد لله أننا أبناء وطن واحد وليس هناك عنصرية أو إقليمية ولم نسمع بمثل هكذا أقوال وأفعال وحكومتنا الرشيدة ترفض هذا الطرح، والمجتمع يرفض هذه التعديات، ومن يريد ذلك فليبحث له عن وطن غير بلادنا ليس بها قوانين أو أنظمة، ولا مكان هنا إلا للمواطن الصالح الذي يعتبر كل هذا الوطن الكبير وطنه بدون تمييز أو عنصرية، وفي النهاية لا يلتفت لمثل هكذا طرح وآراء لأنها للأسف صدرت من أناس لا ناقة لهم ولا جمل.

> ما مشاريعك التي ستنهضين بها إذا ما تمّ ترشحك لمجلس الإدارة؟

ـ المشاريع كثيرة، لكن أبرزها تمكين صغار المشتركين من الرجال والنساء للتمتع بخدمات الغرفة التجارية، والاهتمام بتوظيف الشباب من الجنسين، وتخفيف رسوم الاشتراك، وتخيير العضو من دفع قيمة الاشتراك أو رسوم مطابقة التوقيع التي للأسف الشديد تضايق الكثير من الأعضاء، وللأسف أيضا تتغير للأعلى عاما بعد الآخر دون مراعاة قدرات هؤلاء الذين لا يكسبون كثيرا، وأمور كثيرة تحتاج لوقفة جادة وتفعيل يتناسب مع حاجاتنا لها، خاصة ونحن مقدمون برمتنا على الدخول في عصمة التجارة العالمية التي ستحل ضيفا ثقيل الدم شيءنا أم أبينا.

> ماذا عن السوق السوداء في مدينة جدة.. كيف ترينها؟ ـ إشارتك صحيحة، فهناك سوق سوداء في جدة بمجالات كثيرة، وللمثال ليس للحصر في مجال التدريب والتعليم، والتستر التجاري، سواء من قبل المرأة للرجل وللرجل العامل الأجنبي، وهذه الأمور يؤسفني أنها قد استشرت استشراء النار في الهشيم، والأسباب للأسف تتمثل في غياب الأنظمة والقوانين البديلة لمثل هكذا إجراء إضافة إلى غياب الضمير والحس الوطني وضعف الرقابة والمتابعة المستمرة.