تقرير سري: وضع المنفذ الصحي في مطار جدة خطير جدا

الجهات الصحية تشكل لجنة لبحث دقة المعلومات

TT

في الوقت الذي تتزايد فيه مخاطر الإصابة بالأوبئة والأمراض المعدية في العالم، حذر تقرير سري لإدارة الحج والعمرة التابع لصحة جدة، من خطورة الوضع القائم في إدارة المنفذ الصحي بمطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، الذي يستقبل ملايين المعتمرين والحجاج سنويا.

وطالب التقرير الذي أعده الدكتور أيمن على ملودي مدير إدارة الحج والعمرة التابعة لصحة جدة، وتحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من مديرية الشؤون الصحية بمحافظة جدة، بالتحقيق رسميا في طريقة إدارة هذا المنفذ من قِبل لجنة فنية وإدارية محايدة ـ على حد وصف التقرير ـ على أن يتم سؤال العاملين في المرفق، كل على حدة، مع إعطائهم الأمان الكافي بأنه لن يتم الإضرار بهم من قِبل إدارة المرفق نتيجة لافصاحهم بالحقائق للجنة.

وأشار التقرير إلى مجموعة من النتائج والتوصيات قام برفعها للسلطات الصحية بمنطقة مكة المكرمة في السادس والعشرين من أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، حول «وجود قصور واضح في معرفة مدير المنفذ والعاملين بأنظمة الحجر الصحي وآلية تطبيقها، وأن الكثير من بنود وأنظمة الحجر الصحي لا تطبق على الاطلاق في هذا المنفذ، وتم التنازل عن الكثير من الاشتراطات الصحية». مدللا على ذلك بفسح الطائرات والمواد الغذائية، الأمر الذي يستوجب وقفة ودراسة معمقة وإعادة نظر شاملة في طريقة عمل المنفذ.

وجاء في التقرير أن الدرجة العالية من الأهمية للمنفذ تحتاج إلى طبيب سعودي مؤهل بشكل كامل للقيام بأعباء المنصب، في الوقت الذي أشار فيه التقرير إلى أن المدير الحالي للمنفذ يفتقد للحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة، حيث أكد التقرير أن مؤهل مدير المنفذ الحالي هو (فني سجلات)، في إشارة لعدم قدرته على القيام بالمهام الفنية والإدارية بالشكل الذي يتواءم وحساسية مهام المنفذ في التأكد من سلامة القادمين للبلاد قبل دخولهم!.

وطالب الدكتور ملودي، بتعيين طبيب سعودي مؤهل لإدارة المنفذ وإلغاء وظيفة المدير الفني لمنع الازدواجية القائمة حاليا بين مدير المنفذ والمدير الفني، حيث أشار التقرير إلى أن المدير الفني حاليا يقوم بتحمل وتصحيح أخطاء رئيسه!.

وعلى ضوء ذلك، دعا التقرير نصا إلى »في حال بقاء الوضع كما هو عليه (وهو ما لا أؤيده)، فتعطى الصلاحيات بالكامل للمدير الفني (الطبيب)، على أن تنزع بالكامل من مدير المنفذ الحالي (فني سجلات)، الذي عليه التفرغ للعلاقات العامة فقط».

كما دعا حرفيا كحل بديل «في حالة وجود طبيب سعودي مؤهل على رأس هذا المنفذ (وهو في رأيي الحل المنطقي)، فتنقل هذه الصلاحيات تلقائيا إليه ولا يحتاج الأمر الى تعيين مدير فني».

وزود الدكتور ملودي في التقرير الخاص بالمنفذ الجوي، الجهات الصحية بجداول بيانية وأرقام إحصائية حول آلية العمل وتوزيعه داخل المنفذ، مشيرا إلى أن المعوقات التي يشتكي منها مدير المنفذ الحالي كنقص القوى العاملة من الفئات الفنية من الأطباء وباقي الفئات الفنية، وتذمر العاملين من المناوبات الليلية المستمرة بسبب النقص، وعدم حصولهم على إجازات منذ أكثر من سنة بسبب القصور في أعداد الاطباء، هي معلومات تفتقد للدقة والمصداقية.

وأوضح أنه بمقارنة بسيطة لعدد الأطباء العاملين الأساسيين الذين هم عشرة أطباء يتم دعمهم بأربعة أطباء مكلفين لموسم العمرة، أي أن المجموع الاساسي 14 طبيبا مع جداول الأطباء، تبين منح ثلاثة أطباء إجازات اعتيادية، بالاضافة لمنح طبيب مكلف آخر إجازة اعتيادية في ذروة موسم العمرة لمدة 20 يوما، ابتداء من 14 سبتمبر (ايلول) الماضي، من دون طلب بديل له، وهو ما اعتبره ملودي هدرا واستهتارا للمجهودات التي تقوم بها عدة مرافق وادارات لتوجيه هذا الطبيب لموقع عمله في فترة العمرة.

وأبان ملودي إلى أن تذمر الاطباء الموجودين يعود لمنح إجازات اعتيادية خلال ذروة الموسم وما يترتب عليه من قيام البقية بتغطية مواقع عملهم بصفة اضافية، علاوة على تمييز بعض الاطباء من دون تقديم مبررات غير منطقية أو مقنعة، وعليه طلب من مدير المنفذ تعديل الجداول بشكل فوري.

وأبان التقرير إلى أن توزيع القوى العاملة من جميع الفئات على الأماكن التي تقع تحت مسؤولية المنفذ، وهي الصالة الشمالية للمطار والصالة الجنوبية ومستوصف مدينة الحجاج، يتم بشكل منطقي وإداري، حيث بيّن التقرير أن الصالة الشمالية للمطار تتميز بكثافة في أعداد القادمين للعمرة تصل إلى 44 في المائة من الحجم الكلي، فيما لا تستقبل الصالة الجنوبية سوى ما نسبته عشرة في المائة من القادمين للعمرة، غير أن الصالة الجنوبية تستأثر بوجود كثيف من القوى العاملة في المنفذ وبأضعاف ما يتم من دعم للصالة الشمالية، وأرجع الأمر حرفيا في التقرير المكتوب من تسع صفحات كاملة، لمعلومات ذكرت لهم من بعض العاملين في المنفذ، بأن الوضع القائم هو: «نتيجة لمجاملات وعلاقات شخصية، ولأن معظم المسؤولين والنافذين بالوزارة يستعملون الصالة الجنوبية ويمكنهم رؤية وزيارة وتفحص مستوصفاتها في أي وقت من دون حاجة لتصريح، أما الصالة الشمالية المهملة والأهم بالنسبة لعمل المنفذ، فلا يمكن دخول مستوصفاتها من دون تصريح رسمي حتى للمسؤولين بالوزارة. ومن الواضح والمؤكد أن هناك خللا إداريا متعمدا في توزيع العاملين على المستوصفات بالمنفذ، تطبيقا للمصلحة الشخصية للإدارة وضد مصلحة العمل وأنظمته».

وأرفق الدكتور ملودي جدولا يضم أسماء لـ 13 شخصا منحوا إجازات، أوضح في سياق تقريره المرفوع لمدير صحة جدة، أن الأسماء تلك وجد أنها غير مسجلة على الإطلاق بأي جدول من جداول المستوصفات الثلاثة التابعة لإدارة المنفذ، وأضاف أن هناك بعض الأسماء الأخرى التي لا تعمل في أي جهة محددة، وبعضها غير معروف لدى العاملين بالمنفذ.

وتساءل كاتب التقرير لماذا لم يقم مدير المنفذ الحالي بمعاقبة المقصرين، ومفتعلي المشاكل حسب الأنظمة والكتابة لمديرية الشؤون الصحية بالمنطقة حول الاجراءات والجزاءات التي اتخذها بحق المقصرين؟.

من جهته أكد الدكتور عبد الرحمن خياط، مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة، أن لجنة مشكّلة باشرت أعمالها للتحقق من صحة المعلومات الواردة في التقرير، ومعرفة مكأمن القصور في حال وجوده، مشيرا إلى أن المؤهل الاكاديمي لمدير المنفذ ليس بالضرورة أحد أسباب الخلل، لكون الهيكل التنظيمي يضم طبيبا فنيا يتحمل القيام بمتابعة النواحي الفنية للمنفذ ويتمتع بالصلاحيات الكاملة.

وأضاف الدكتور خياط ان اللجنة المشكّلة ستقوم بمناقشة كافة الاطراف في المنفذ للتأكد من عدم وجود خلافات شخصية قد تضر بانسيابية العمل والأداء، فيما أكد أن الشؤون الصحية تتابع الموضوع بشكل كامل مع اللجنة القائمة حاليا لحين انتهائها من أعمالها ورفع تقرير رسمي بنتائجها.