مرضى سعوديون يطالبون بإنشاء جمعية لهم وأشهرهم ينشيء موقعا إلكترونيا للتعريف بتجربته

في ندوة تبحث الحقوق الإنسانية لمرضى الإيدز

TT

طالب عدد من المرضى السعوديين المصابين بمرضي «الإيدز» و«الهيموفيليا»، بإنشاء جمعية خاصة بهم تتخذ من أحد المستشفيات الاستشارية مقرا لها، كما طالبوا وزارة الصحة باستصدار بطاقة علاج لهم تخول مستشفيات البلاد باستقبالهم وعلاجهم، في ظل رفض كثير من المستشفيات الحكومية الكبرى استقبال هؤلاء المرضى.

وتأتي مطالبات مرضى الإيدز هذه قبل ساعات قليلة من إقامة الندوة الإقليمية الأولى والخاصة بـ«حقوق الإنسان ومرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)»، والمقرر عقدها صباح غد السبت، والتي ينظمها كل من مكتب منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة في السعودية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» بالتعاون مع وزارة الصحة السعودية والمكتب التنفيذي لدول مجلس التعاون.

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» بأشهر مريض سعودي مصاب بفيروسHIV يدعى رامي الحارثي وهو من أوائل المصابين بهذا المرض في السعودية منذ بداية الثمانينات الميلادية، أوضح أن إصابته بالإيدز نتجت عن طريق نقل دم مستورد ملوث له في المستشفى العسكري بجدة، حيث كان عمره في ذاك الوقت 8 سنوات.

وأشار الحارثي الذي يبلغ من العمر 29 عاما قضى واحدا وعشرين منها في صراع مع المرض إلى إن والديه كان لهما الفضل الأكبر بعد الله في تجاوز هذه المحنة التي أصابته، منتقدا في ذات السياق خطاب بعض المتدينين الذين يعتقدون بأن هذا المرض عقاب من الله، معتبرا أن ما يصيب الإنسان من مرض أو وصب إنما هو ابتلاء وامتحان يمحص الله به الإنسان ليدخله الجنة في الآخرة وهو طاهر من الذنوب.

الحارثي الذي كان من أوائل دفعته التي تخرجت في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، روى لنا قصة كفاحه في سنوات التعليم، ابتداء من المراحل الأولية، وانتهاء بتحضيره لرسالة الماجستير في علم التأريخ الحديث، إلا أن مرضه أعاقه عن إكمال الرسالة نظرا لظروف صحية ألمت به جعلته ينقطع عن الدراسة لفترة، الأمر الذي على إثره تم طي قيده من الجامعة التي يدرس فيها.

وأبرز أشهر مريض سعودي بالإيدز مشكلته في إيجاد وظيفة تلائمه من الناحية الصحية حيث ان مرضه يجبره على الانتقال إلى العاصمة السعودية كل شهر لمتابعة حالته الصحية هناك في مستشفى الملك فيصل التخصصي.

وكشف رامي الحارثي عن تزايد أعداد مرضى الإيدز في السعودية بشكل ملحوظ، منتقدا رفض المجتمع لمريض الإيدز ونبذهم له، لافتا إلى وجود عائلات سعودية رفضت استقبال أبنائها بعد ما تأكدت إصابتهم بالمرض، متسائلا في ذات الوقت: ما هو المصير الذي سيئول له مريض الإيدز بعد رفض أقرب الناس له، ليعود ويجيب عن تساؤله المشروع بقوله: إما إن ينتحر، وإما إن ينتقم من المجتمع، ليفجر بإجابته هذه مخاوف محتملة من إقدام مرضى الإيدز على الانتقام من المجتمع إذا لم يجدوا الاهتمام الكافي الذي يكفل لهم الحياة الكريمة. وانتقد الحارثي رفض بعض المستشفيات الحكومية استقبال مرضى الإيدز، مبرزا معاناته في هذا الجانب خلال عدة عوارض صحية ألمت به، مطالبا في ذات السياق وزارة الصحة السعودية باستصدار بطاقات لمرضى الإيدز والهيموفيليا كونه يعاني من هذا المرض أيضا، تجبر المستشفيات الحكومية على استقبالهم وعلاجهم في حال تعرضهم لأية أزمات صحية، مشيرا إلى ان كثيرا من المستشفيات رفضت استقباله أيام تعرضه لمرض الحزام الناري.

ويعمل أشهر مريض إيدز سعودي في الوقت الحالي على تصميم موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية ليسرد فيه معاناته وليعرف العالم بتجربته مع المرض التي دامت 21 عاما ولا تزال مستمرة حتى الآن. وعودة إلى الندوة وفي إطار المشاركة الحقوقية فيها ستمثل الدكتورة لبنى الأنصاري الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من خلال ورقة عمل ستتحدث فيها عن مفهوم حقوق الإنسان وموقف بلادها من تلك الحقوق بالإضافة إلى المعاهدات التي صادقت عليها الرياض بهذا الخصوص.

واعتبرت الأنصاري أن مفهوم «حقوق الإنسان» من المفاهيم الجديدة على القطاع الطبي والصحي، مشددة على ضرورة التوجه للتعامل مع مرض «الإيدز» بالاعتماد على الحقوق المتنوعة والتي كفلتها الاتفاقيات التي صادقت عليها بلادها.

وحول موقف الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من مرضى الإيدز أشارت الأنصاري في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى اهتمام جمعيتها المتنامي بالمجال الصحي بشكل عام، ولعل من أهمه مرض الإيدز، مرجعة هذا التوجه لزيادة أعداد مرضى الإيدز في بلادها، مما أبرز العلاقة بين الصحة وحقوق الإنسان بشكل كبير، مشيرة إلى أن مشاركة الجمعية بهذه الندوة تعد أول خطوة من أجل الحفاظ على حقوق هؤلاء المرضى.

وأعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق أنّ نحو خمسة ملايين شخص في العالم أصيبوا في عام 2005 بفيروسHIV المسبّب للإيدز فيما يمثل واحدة من أكبر القفزات منذ الإعلان عن أول حالة عام 1981م، وبهذا الإعلان يصل عدد الحاملين للفيروس ممن هم على قيد الحياة إلى مستوى قياسي بلغ 40.3 مليون نسمة، كما توفي أكثر من3.1 مليون شخص هذا العام بسبب الإيدز من بينهم 57 ألف طفل، وهو عدد يتجاوز بكثير العدد الإجمالي للقتلى في جميع الكوارث الطبيعية منذ كارثة موجات المد العاتية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث لا تزال أفريقيا تتصدر المناطق المتضررة من هذا الوباء.

وتتجه وزارة الصحة السعودية إلى إدراج الأمراض الجنسية ضمن الفحوص الإلزامية قبل الزواج، حيث شكلت أخيراً لجنة علمية تضم مختصين من جهات دينية واجتماعية لدرس الموضوع، بحسب أنباء صحافية تحدثت بهذا الخصوص.