«الوضيحي» في عددها الجديد: مدن تلتهم الأشجار.. وباقات من الحياة البحرية.. ونعي مفاجئ لغابات العرعر في عسير!

TT

المها العربي الشعار الذي يطالعك من فوق غلاف مجلة »الوضيحي« بعينين ممتنين لإعادة توطينه في بيئته الأصيلة، يبدو وكأنه راو لحكايات تنسج في براري صحرائنا العربية بحثا عن أذن واعية. فواقع البيئة العربية من الماء الى الماء اليوم مترنح بين الرغبة في الإفصاح عن حجم الإهمال الذي يلتف حول بيئتنا من جهاتها الأربع، وبين المحاولات الجادة الى عودة الروح فيها من خلال مؤسسات تعنى بحق الحياة الفطرية في التنفس وإظهار جمالها المخبوء خلف أرتال الرمال.

وكشف المشرف العام على المجلة الأمير سعود الفيصل في مقاله (رسالة الحياة) أن السعودية تحث الخطى نحو تطبيق شعار البيئة العالمي لهذا العام (المدن الخضراء) وأنها حققت من خلال منظومة المناطق المحمية ما يعادل 5 في المائة من مساحتها الجغرافية (2.5 مليون كيلو متر مربع تقريبا) سعيا لتحقيق عملي لمفاهيم التنمية المستدامة وتكريسا للتكامل البيئي مع العالم.

وفي كلمة التحرير أكد البروفيسور عبد العزيز أبو زنادة رئيس التحرير أن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية تسعى الى تمكين المواطنين من الاستفادة من 103 محميات طبيعية في السعودية عبر السياحة البيئية وفق ضوابط محددة الى جانب توفيرها لفرص عمل لسكان المناطق المجاورة لها، وأنه من المتوقع أن ينجز إستكمال منظومة المناطق المحمية في المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة وأن تحقق قفزة نوعية في استثمار المحميات.

مجلة »الوضيحي« التي خرج عددها الثاني بعد تجديد جلدها تماهيا مع قوانين وطبيعة الحياة الفطرية، أشعلت أصابع أبوابها العشرة لتلقي الضوء على جوانب تنبض بالأمل في واقع البيئة والحياة الفطرية، مشفوعة بصور أخاذة تلون الحياة وفصولها الأربعة في مناظر إبداعية. ونجح الإخراج الفني للمجلة (إنتاج وتصميم المحترف السعودي) والتي أظهر فيها المخرج العالمي كميل حوا آفاقا جديدة تعكس اختزال الواقع في عنوان لافت، أو صورة تغني عن ألف كلمة، في ترتيب وتبويب ينبض بحيوية وإغراء في المتابعة، بعيدا عن الرتابة المجبولة عليها معظم المجلات المتخصصة.

موضوع الغلاف الذي تجشم عناء سبر أغوار البحر الأحمر وخليج عدن ليقدم لنا كاتبه عبد الله السحيباني، باقات من الحياة التي يحفل بها المحيطان المائيان، من خلال موسوعة بصرية لأعماق البحر الأحمر وخليج عدن وشواطئهما بعدسة المصور الفنان ناصر صفوت.

وترصد ذاكرة البيئة التي يحتضنها الصياد سلامة منيف في حوار شيق مع المجلة يحكي فيه قصة تحول الصياد إلى حام للصيد. كما تطرح المجلة في باب (قراءات)، استعراضا لكتاب «الذئاب» للكاتبة «جنفياف كاربون» حول عودة الذئب وعدائه التاريخي للإنسان كونه في أساطير وحكايات التراث الثقافي البشري رمزا للشر، وصولا إلى الواقع الوجودي للذئب في المنطقة العربية.

ومن الذئاب إلى عالم النمور تسلط صفحة «عن كثب» الضوء على النمر العربي الذي ينتمي لعائلة القطط والذي يوجد منه ستة أنواع في الجزيرة العربية انقرض منها نوعان، والذي انتشر في جبال السروات والحجاز وجبال طويق.

وضم العدد الجديد من المجلة التي تصدرها الهيئة العليا للحياة الفطرية وإنمائها في السعودية تقارير خاصة بالحياة الفطرية وأشكالها في المحميات السورية في تقرير للكاتب أكرم درويش تناول فيه المحميات السورية التي تبلغ 18 محمية ما بين البرية والبحرية، وتقرير آخر عن غابات العرعر في جبال عسير بقلم هانز بارث أستاذ الجغرافية الفيزيائية بجامعة ريجنسبرغ بألمانيا، ومن الأشجار التي تموت من رأسها، تطل المدن التي تلتهم الأشجار وهو من الموضوعات الرئيسية للمجلة. كما شمل العدد صفحات خفيفة للقراءة مثل زائد ناقص وهي المعنية بأنواع من السلالات التي تم اكتشافها وأخرى شارفت على الانقراض، فبين القارض خانيو الذي اتسعت معه رقعة قبيلة القوارض، إلى الضأن العربي الذي أفناه الصيد الجائر.

يتناول الحوار الذي أجراه الكاتب أحمد البوق مع المهندس عبد اللطيف آل الشيخ، مواجهة ومعالجة المشكلات البيئية في محاولة للتأهيل البيئي لوادي حنيفة، والذي شكلت الممارسات المتجاهلة للمعايير البيئية تدميرا لبيئاته المتعددة، وتغييرا لتضاريسه كما أن الحوار مزود بألبوم مصور للوادي، رسم ملامح الحياة الفطرية، الى جانب تقرير مفصل فيه موقع الوادي في الشعر والتاريخ.