أكثر من 40 غابة طبيعية تشكو الإهمال وتنتظر الاستثمار

الباحة تستجدي رعاية هبتها الربانية

TT

أكثر من 40 غابة تحتضنها منطقة الباحة (جنوب السعودية)، أشهرها غابة رغدان والزرائب والقمع وغابات عمضان ودوس وغابات بيضان وغابة شكران ووادي الشاعر وغابات جبال بني ظبيان، تشكل جاذبا رئيسا للسياحة على مدار العام، وفي فصل الصيف على وجه التحديد.

لكن السياحة وأدواتها ومقوماتها لا تقوم فقط على الطبيعة التي وهبها الله، وبالتالي تحتاج إلى مقومات أخرى يأتي في مقدمتها الحفاظ على البيئة من التلوث بفعل ممارسات الإنسان، في ظل غياب الرقيب وعدم الإحساس بالمسؤولية· من هنا يبرز دور البلدية بالدرجة الأولى لمتابعة المواقع السياحية طوال العام وليس عند اقتراب موسم الاصطياف، كما هو الحال في بلدية الباحة، التي رغم محاولاتها، إلا انها تظل دون المطلوب.

هذه الغابات ـ وفي ظل عدم وجود الحدائق عدا واحدة ـ فإنها بحاجة إلى خدمات الملاهي والألعاب للأطفال وبحاجة إلى متابعة أعمال النظافة والتنظيم وفتح الطرق إلى كل موقع داخل الغابة، ليتمكن السائح من اختيار الموقع المناسب في الوقت نفسه.

ويطالب المواطنون باستثمار الغابات بفتح المجال امام القطاع الخاص. ويستنكر المواطن محمد العلي، الذي زار الباحة لقضاء عدة أيام في ربوعها، وجود ورش لإصلاح السيارات في واجهة بعض القرى، ويحمّل البلدية مسؤولية منح التراخيص لمثل هذه الورش التي مكانها المناطق الصناعية، حتى تحافظ القرية على جمالها الاخاذ، ويدعو إلى زيادة الاستثمار بإنشاء القرى السياحية كقرية رغدان المجاورة لغابة رغدان، التي يعتبرها البديل الأمثل للسكن في الفنادق التي تنحصر في فندق قصر الباحة الوحيد· ويرى أن القرى أفضل للعائلات من غيرها.

أما المواطن فوزي أحمد، من مكة المكرمة، فيؤكد على ضرورة المحافظة على الموروث الشعبي والصناعات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، ويرى أن إيجاد مقرات لها داخل سوق الباحة القديم، يعطي خصوصية للمنطقة كما هو الحال في أكثر البلدان السياحية، وقد تشكل رافدا اقتصاديا لا يستهان به، ويتساءل: لماذا لا يتم تدريب بعض المهتمين بالطراز المعماري القديم الذي تجسده مباني البيوت القديمة والحصون، وبالتالي حفاظا على المهنة من الاندثار وتوجيها للشباب للعمل الذي يكسبهم رزقا يغنيهم عن الجلوس في انتظار الوظيفة.

ويرى زميله جميل عدنان، أن المسؤولية تقع على مراكز التدريب المهني التي لم تطور مجالات التدريب، وتقتصر على مهن قد لا يمارسها المتدرب بعد تخرجه.

أما المستثمر محمد جابر، المشرف على مجموعة الحكير في الباحة، فقال لا بد من تسهيل إجراءات الاستثمار في المنطقة، حيث ان المدة التي يمكن أن تعود على المستثمر بالربح قصيرة، نظرا لأن أجواء المنطقة التي يغلب عليها الشتاء أطول منها في الصيف، لذلك لا بد من تشجيع الاستثمار حتى لا يعزف رجال الأعمال عن إقامة مشروعات سياحية· ويستثني بالقول ان المنطقة تساعد بتباين طبيعتها وأجوائها بين الاعتدال صيفا في السراة، وشتاء في تهامة، التي تشهد هذه الأيام إقبالا من المواطنين الباحثين عن الدفء.

وبطرح هذه الآراء على غرم الله خماش، مساعد أمين بلدية الباحة، أكد أن الجهود تبذل عاما بعد عام، ومنها العمل على ازدواجية بعض الطرق كما هو طريق الملك عبد الله الموصل لغابة رغدان، كذلك تزويد الشارع الموصل بين مستشفى الملك فهد وقرى بيضان الذي تلتقي فيه الإنارة مع طريق الحجير بجوار الغابة، وشق الطريق الدائري الذي انتهى العمل فيه هذا العام الذي يربط الطريق السياحي إلى المندق بالحجير، والذي يشكل مطلات جميلة على جانب من القرى المجاورة للباحة، ومنها بني سعد والجادية والطويلة ورغدان، كما تم زرع مئات أعمدة الإنارة الخضراء في جبال بيضان والمطلة على هذه القرى، إلى جانب الخدمات الأخرى. ويشكو من العبث بهذه الخدمات ومن الكتابة على الجدران الاستنادية، ويدعو الجميع إلى الالتزام بقواعد الاستفادة من هذه الخدمات التي هي في الأصل من أجلهم.

تجدر الإشارة إلى امارة منطقة الباحة ممثلة في نائب أمير المنطقة الدكتور فيصل بن محمد بن سعود، والهيئة العليا للسياحة ممثلة في امينها العام الأمير سلطان بن سلمان، قد وقعا قبل عامين مذكرة تفاهم لتطوير السياحة في المنطقة والتعاون بشكل فاعل وفقا لمنهج الشراكة لضمان وتنفيذ نتائج وتوصيات السياسة العامة لتنمية قطاع السياحة وتطويره، وعلى إثره قام فريق من الهيئة بمسح ميداني نتج عنه تحديد 60 موقعا استثماريا قابلا للتطوير ينتظر أن تسهم في السياحة بالباحة.