أمسية شعرية تثير حراكا في نادي الشرقية

TT

تحولت امسية شعرية ثقافية في النادي الأدبي بالدمام (شرقي السعودية) الى شد وجذب بعد ان ألقى الشعراء الثلاثة المشاركون في الأمسية قصائد وصفها الحضور بـ (المتجاوزة) رغم اجماعهم على قيمتها الشعرية.

الناقدون للأمسية كانوا يعلنون اهتمامهم بالقصائد فرادى ويتحفظون عليها امام بعضهم البعض، بينما اعتبرها أخرون (متجاوزة) وأعلن بعض المداخلين عن اسفه قائلاً: كدت اخرج من القاعة.

وبالرغم من الآراء المختلفة ابدى الجميع اعجابهم بشاعرية الشعراء محمد الحمادي، وطلال الطويرقي، وصلاح بن هندي، وتميز قرائحهم، فيما عدّ البعض هذا الإعجاب تناقضا لا يتسق مع آرائهم التي صدعوا بها في مداخلاتهم.

الأمسية التي بدأت بتقديم لمديرها عبد الرحمن المهوس ليبدأ فارس الأمسية الأول صلاح بن هندي قراءة اولى قصائده التي جاءت بعنوان (التاريخ) وأهداها الى روح الشاعر العربي الكبير بدر شاكر السياب، وهي قصيدة مشحونة بالعاطفة والألم والانكسار.

المداخلات التي انطلقت بعد الامسية كانت لها بداية، ولكنها لم تجد النهاية، فقد بدأها الدكتور عبد العزيز العبد الهادي الذي عبر عن اعجابه بشاعرية الضيوف، إلا ان حديثه كان مشوباً بحسرة مما سمع، حيث قال «القصائد من الناحية الفنية زاخرة بالصور، وتكشف عن شاعرية متميزة ويحمد للشعراء لغتهم السليمة فيما قدموه من قصائد ومراعاتهم للوزن، وهي تجربة تبشر بالخير».

وأضاف «لكنها ليلة تجاوز فيها الشعر شيئاً من حدودنا على حد وصفه، واقتطع مثالاً شعرياً مما قرأ لصلاح بن هندي، واعتبره العبد الهادي مخالفاً لما عرفه عن هذا الشاعر، وانه كان يستطيع ان يعبر دون ان ينزلق في مثل هذه المزالق (لأني سمعت منه كثيراً)، ليقاطعه الشاعر بأنه لا زال كذلك لكنه ـ وبطريقة ساخرة ـ يذكر بأنه لا زال في فورة الصبا».

اما عيسى القطاوي فكرر ما قاله غيره من اجادة الشعراء فنياً والتزامهم بالوزن والقافية وحسن الإلقاء لكنه عاب عليهم الغزل البصري قائلاً: «كالكفر البواح كان الغزل المباح».

اما الدكتور احمد كنعان فذكر انه لم يرد ان يداخل، لكن طلب منه وقد اعتبرها ورطة وقع فيها، لكنه استطرد: نحن امة غارقة في الحب والعشق والغزل الى شوشتنا وابدى اعجابه بالمستوى الفني العالي بما سمع لكنه ابدى ضيقاً بما اعتبره (ابيات اباحية) كما طالب في مداخلته الشاعر الطويرقي بترك الشعر والاكتفاء بكتابة الرواية.

ويرى البعض ان في تلك الانتقادات المقرونة بالاعجاب، تناقضا كبيرا، وهو ما يشير اليه خليل الفزيع امين سر النادي والشاعر والكاتب الصحافي المعروف بقوله «كيف يتم امتداح الشعراء ثم ينتقدون في نفس الوقت في جانب آخر! كما شكر الشعراء على شجاعتهم منوهاً بأهمية شعر الغزل وروعته نافياً ان يكون فيما سمع أي اسفاف او اباحية».

ويستدرك الفزيع «صحيح ان النادي لم يتعود على مثل هذه الجرعات من الشعر، لكني اشد على ايدي هؤلاء الشعراء« لتضج بعدها الصالة بالتصفيق ويواصل الفزيع مدافعا «اعباء الحياة كبيرة ولسنا بحاجة للمزيد من المتاعب».

ولكن المفاجأة التي احرجت المسؤولين في نادي الشرقية ان النصوص التي قرأت غير التي ارسلت في وقت سابق للنادي، على أنها ستقرأ في الامسية، وهو ما يؤكده عبد العزيز العبد الهادي نائب رئيس النادي الذي لم يكتف بمداخلته الأولى بل اعقبها بمداخلة قال فيها «ان النصوص التي قرأت ليست التي ارسلت للنادي»، مبدياً عتاباً أخوياً على مدير الأمسية.

من جهته اعتبر الشيخ عبد الرحمن العبيد ان الأمسية ناجحة ورائعة ولكنه رفض طرح مثل هذه القصائد، وقال «استمتعنا بهذه الأمسية وأتحنا الفرصة للجميع كي تظهر الآراء والتوجهات وليحصل الجميع على حقهم في الرأي والرأي الآخر، ولكن هذا الغزل المكشوف قد يكون مقبولاً في المجالس لكن في نادٍ ادبي ثقافي فلا».

شعراء الأمسية اعتبروا تلك الآراء غير دقيقه، وهو ما أشار اليه الشاعر طلال الطويرقي فقد ابدى شكره للقائمين على النادي، لكنه كان يأمل في سماع آراء اكثر دقة وتبحر لا آراء تذكرنا بالرسالات الجامعية ـ على حد قوله ـ وهو الرأي الذي وافقه عليه بقية الشعراء.