غياب وسائل الإعلام عن أول انتخابات للمهندسين السعوديين

لم يتبق عليها سوى ثلاثة أيام

TT

في الوقت الذي لم يتبق فيه سوى ثلاثة أيام على أول انتخابات مهنية تشهدها البلاد في قطاع المهندسين تقرر لها يوما 25 و26 من الشهر الجاري، ما زال الاهتمام الإعلامي بالحدث هو الأقل من نوعه على مستوى الانتخابات الأخرى التي جرت في السعودية منذ مطلع العام الجاري.

واتفق مراقبون إعلاميون وأعضاء في الهيئة السعودية للمهندسين بوجود تقصير في تغطية التجربة الانتخابية الأولى لانتخابات المهندسين رغم الاستعدادات الكبيرة التي بذلت داخل الأروقة التنظيمية للهيئة تمثلت في إجراء ثلاثة لقاءات تعريفية بالمرشحين في المدن الرئيسية وأصدرت مطبوعات لبرامجهم، غير أن غياب التنسيق الإعلامي فوّت إلى حد كبير الفرصة في استثمار الروح الانتخابية داخل الهيئة إلى جدوى اجتماعية تعزز الخطوات الأخرى التي انتهجتها الحكومة السعودية في هذا الشأن.

وأوضح الدكتور محمد المبشر وهو أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام محمد بن سعود أهمية انتخابات هيئة المهندسين السعوديين، وكذلك انعكاسات التجمعات والانتخابات في المهن على الوضع الاجتماعي للبلدان باعتبارها عينا للمجتمع على مراقبة الأداء الحكومي والخاص، وتشارك في دفع العجلة التنموية.

وأشار في الوقت نفسه إلى أن غياب الدور الإعلامي يقلل من حجم وتأثير التجربة، وتعميمها على الهيئات الأخرى، فيما لو كانت وسائل الإعلام أعطت مساحة أكبر يراها الدكتور المبشر »مشجعة« للجهات الأخرى في التماهي مع معطيات التجربة الانتخابية لهيئة المهندسين والاستفادة منها في تحريك هيئاتهم وضخ الدماء فيها، بطبيعة التأثر والتأثير التي يلعب التسليط الإعلامي دورا كبيرا فيها على الآخرين.

من جانبها قالت الدكتورة المهندسة ندى النافع، الأستاذة في قسم الإسكان وإدارة المنزل بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، ان الغياب الإعلامي مسؤولية مشتركة على الطرفين، مشيرة إلى أنها كعضو في الهيئة لم تعلم بالانتخابات سوى عن طريق الصدفة، وقالت انه كان ينبغي على الهيئة «بعث رسائل على بريد الأعضاء وأخذ رأيهم، والتشاور معهم في الآليات والكيفيات التي يمكن اتباعها لخلق روح المشاركة منذ المراحل الأولى للتجربة الوليدة».

وأضافت النافع «أن بعض المرشحين الذين هم الآن في قائمة المرشحين رسميا علموا بالانتخابات عن طريقها« في إشارة إلى تفويت الفرصة على آخرين كانوا يودون الدخول في سباق الترشح، غير أنها لامت وسائل الإعلام في المرحلة التالية التي شهدت اللقاءات التعريفية نتيجة غياب الإعلاميين التي قالت انها وأعضاء كثيرين قاموا بإبلاغهم للتفاعل معهم في أول عرس انتخابي لهيئة المهندسين السعوديين، مؤكدة أن الهدف من إبلاغ الصحافيين ليس بهدف الضوء الإعلامي بقدر ما هي «نظرة استشرافية لأهداف البعد الانتخابي في تشكيل وعي المجتمعات».

وفيما أيد إعلاميون ممارسون للمهنة حقيقة تلك الانتقادات إلا أنهم أعادوا الكرة لملعب الهيئة الحالية للمهندسين السعوديين والتي وصفوا أعمالها بـ»التحفظ« في كثير من مراحل الإعداد، إضافة لغياب المنسق الإعلامي داخل الهيئة في التواصل مع الإعلاميين.

لكن الدكتورة النافع عادت لتدافع من جهتها عن الهيئة باعتبارها عضو ولكن برؤية شخصية تعبر عن وجهة نظرها بالقول «ان الجو العام في البلاد يسير باتجاه تعميم الروح الانتخابية، وكنا نتمنى من الإعلاميين البحث عن الخبر منطلق أن الصحافي من يصل للحدث قبل وقوعه».

وقالت »ان اللقاءات التعريفية الثلاثة في جدة والرياض والدمام كانت كافية لأن تحصل انتخابات المهندسين على نصيبها من كعكة الحضور الإعلامي أسوة بانتخابات أخرى ليست بأكثر أهمية« في إشارة لانتخابات الغرف التجارية التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

ومن جانب آخر يرى أكاديميون ومهنيون أن غياب التغطية الإعلامية لا يعني بالضرورة عدم وجود تأثير على المستوى الاجتماعي باعتبار أن هموم المهنيين في وظائف مختلفة تتشابه وتتقاطع في كثير من الأحيان، كما أن علاقاتهم الاجتماعية تتواءم من حيث الصبغة الأكاديمية والظروف الاجتماعية وهو ما يعني نقل الخبرات الانتخابية والتأثيرات السلبية والايجابية لتجربة المهندسين السعوديين عبر وسائل أخرى غير وسائل الإعلام مثل المجالس العامة أو مرافق العمل أو الاجتماعات والمؤتمرات التي تشارك بها جهات مهنية مختلفة.

ويقول محمد الضميان وهو محام سعودي ينتظر مع رفاقه قرارا من مجلس الوزراء السعودي يتوقع صدوره خلال الفترة المقبلة بخصوص تمكينهم من تشكيل هيئة للمحامين السعوديين. «لقد قمنا بمتابعة الوضع، وعلمنا أن الأمر رفع إلى المقام السامي للنظر فيه، وأرى أنه بتشكيل هيئات للمهن، وإجراء انتخابات خلالها يساهم في نشر ثقافة العمل النقابي، والذي يهدف للمصالح العامة لا الشخصية».

ولا يختلف حال الدكتور نبيل نظام الدين وهو طبيب متخصص في أمراض الكلى عن الضميان في أمل إنشاء هيئة متخصصة للأطباء السعوديين، ويقول »قبل ما يقارب 15عاما كان هناك ما يشابه الهيئة، أو تجمع للأطباء، ولكن ذلك لم يعد موجودا بعد تشكيل الهيئة السعودية للتخصصات الطبية».

ويرى نظام الدين أن هيئة الأطباء لم تحقق ما يصبو إليه وهو وزملاؤه، وكذلك اعتبارهم تحت مظلة واحدة، ألا وهي وزارة الصحة «ومن هناك تكون النتائج غير منتظرة من الطبيب في حالة قيامه بدعوى تظلم من إدارته للوزارة، لأنها تمارس دور المظلة له والخصم في الوقت نفسه». مشيرا إلى أن تجربة المهندسين السعوديين في انتخاب مجلس إدارتهم سيكون حافزا أكبر لتسريع خطوات المهنيين في الهيئات الأخرى نحو الخطوات الصحيحة في تفعيل أدوارها مهنيا واجتماعيا.

يشار إلى أن 71 مهندسا مرشحا سيتنافسون للحصول على أصوات أكثر من عشرين ألف ناخب من المهندسين والمهندسات، في الفوز بأحد المقاعد العشرة التي تمثل أول مجلس إدارة منتخب للهيئة السعودية للمهندسين، بعد أن فتحت الهيئة المجال لكل مهندسيها غير المسجلين بالتقدم لعضوية الهيئة ومنحتهم حق التصويت دون اشتراط التسجيل بفترة زمنية سابقة، فيما يبدو أنه رغبة من الهيئة في تفعيل العملية الانتخابية وتحويلها لسلوك عام في أوساطها الهندسية من السعوديين وذلك في المدن الرئيسية في السعودية الرياض وجدة والدمام يومي 25 و26 من ديسمبر الحالي، فيما ستكون في المناطق الباقية ليوم واحد هو 26 من الشهر نفسه.