لطيفة العفالق : الوزارة تحكم التعليم الأهلي ببرامجها حتى لا يحسب شريكا في النهضة التعليمية

مديرة مدارس الأنجال لـ«الشرق الأوسط»: «التربية والتعليم» مطالبة بتذليل الصعاب وحل مشكلة استقرار المعلم

TT

أوضحت مديرة مدارس الأنجال الأهلية في الأحساء، لطيفة بنت عبد الله العفالق، حاجة المدارس الأهلية إلى الدعم والسرعة في تطويع الأنظمة وتذليل الصعاب من قِبل وزارة التربية والتعليم وحل مشكلة استقرار المعلم السعودي في المدارس الأهلية.

وقالت العفالق في حوار لها مع «الشرق الأوسط»، إن الوزارة ما زالت متخوفة من جعل التعليم الأهلي شريكاً حقيقياً في عملية النهضة التربوية والتعليمية في السعودية، وأنها لا تريد من هذا التعليم أن يخرج عن إطار استراتيجياتها وخططها ومناهجها، موضحة أنه من الظلم تقييم تجربة المعلم السعودي، لأن المدارس الأهلية لا يتاح لها إلا المعلمون حديثو التخرج، الذين بمعدلات متدنية، وعادة يكونون غير قادرين على مواجهة أعباء المتطلبات الكبيرة للمدرسة الأهلية، وإلى نص الحوار.

> يتطلب التعليم الأهلي وجود معلم يتمتع بمواهب وقدرات تختلف كثيرا عن المعلم في التعليم الحكومي، ما هي قدرة جامعاتنا وكلياتنا التعليمية على إيجاد هذه النوعية من المعلمين؟ وهل المعلم السعودي قادر على تحمل متطلبات وأجواء المدارس الأهلية من مضاعفة الجهد والتميز في العطاء؟

ـ لا شك بأن المعلم القادر على القيام بمتطلبات التعليم المعاصر هو المعلم المطلوب في المدارس الأهلية، وفي إطار سعي هذه المدارس إلى التميز والإبداع تزداد المسؤولية على أولئك المعلمين لمواكبة ذلك السعي، ونحن في المدارس الأهلية لا نستطيع تقييم تجربة المعلم السعودي، لأننا لو فعلنا ذلك في ظل الواقع الحالي لكان تقييمنا ظالماً بحقه، لأن المدارس الأهلية لا يتاح لها إلا المعلمون المتخرجون حديثاً وبمعدلات متدنية، حيث يقبل الخريجون المتفوقون مباشرة في القطاع الحكومي، لذلك يكون المعلم السعودي في المدارس الأهلية ضعيفاً وغير قادر على مواجهة أعباء المتطلبات الكبيرة للمدرسة الأهلية. وعلى الرغم من ذلك، فإن المعلم السعودي لو استمر في المدارس واستفاد من خبراتها، فإنه قادر كغيره على مواكبة هذه المتطلبات، المشكلة تنحصر في عدم استقرار المعلم السعودي، وهذه مشكلة مزمنة تحتاج إلى حلول جذرية، إضافة إلى ذلك فإن بعض الأقسام في الجامعة والكليات ما زالت تخرج معلمين غير مؤهلين بالشكل الكافي للقيام بمهامهم التربوية والتعليمية، خاصة قسم اللغة العربية، الذي يعاني من ضعف معظم المعلمين والمعلمات الخريجين.

> ينفر كثير من المعلمين السعوديين من العمل في المدارس الأهلية، هل يعود السبب الرئيسي إلى ضعف الرواتب فقط؟

ـ لا أعتقد أن ضعف الرواتب هو السبب في نفور المعلم السعودي من المدارس الأهلية، لأن هذه المدارس تدفع الرواتب المناسبة للكفاءات التعليمية، سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين، لكن السبب الرئيسي هو حجم الجهد المطلوب في المدرسة الأهلية من يوم دراسي طويل ودورات تدريبية ولقاءات واجتماعات مقارنة مع الجهد المطلوب في المدرسة الحكومية، إضافة إلى ما يرافق ذلك من استقرار نفسي، حيث ان الاستقرار في المدرسة الأهلية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجهد والمثابرة والالتزام والتجديد والصبر، وهذا ما لم يكتمل بعد في المعلم السعودي المتخرج حديثاً.

> ما هي الاستراتيجية التي يتعامل بها التعليم الأهلي مع العقول والمواهب وتنميتها بالعلم والمعرفة؟

ـ نحن نؤمن في مدارس الأنجال الأهلية بأن المدرسة التي يجب عليها قيادة المجتمع نحو التغيير المطلوب، التغيير الذي يجعل الأمة تأخذ موقعها الريادي بين الأمم، يجب أن تقوم المدرسة بدورها في بيان المكانة التاريخية لأمتنا ودورها في بناء الحضارة الإنسانية، يجب أن يدرك الطلاب أن من قام بذلك هم أجدادهم، وأنهم بالتالي يحملون مورثات العظمة والمجد والقدرة على المساهمة في الحضارة الإنسانية من جديد، يجب أن يكونوا فاعلين لا منفعلين، والتعليم الأهلي يجب أن يكون رائداً في صنع الاستراتيجيات الكفيلة بكشف هذه المورثات وتعزيزها ودفعها للظهور من جديد، وفي مدارسنا كان لنا السبق في العناية بالموهوبين، حيث أثمرت هذه العناية عن اكتشاف العديد من الموهوبين الذين شاركوا بأعمال إبداعية على مستوى محافظة الأحساء ثم على مستوى السعودية.

> بصفتك مستثمرة في التعليم الأهلي، كيف ترين أهمية الشراكة التربوية التي تسعى وزارة التربية والتعليم الى تعزيزها بشكل جاد مع القطاع الخاص؟

ـ لا يمكننا أن ننكر الدور الإيجابي لوزارة التربية والتعليم في دعم التعليم الأهلي، لكن الوزارة ما زالت متخوفة من جعله شريكاً حقيقياً في عملية النهضة التربوية والتعليمية. إن الوزارة تدعم التعليم الأهلي، لكنها لا تريده أن يخرج عن إطار استراتيجياتها وخططها ومناهجها، فكيف يمكن للتعليم الأهلي أن يقوم بعمليات التطوير واستحداث المناهج المتطورة وهو مكبل بالمناهج الدراسية التي تأخذ معظم وقت المدرسة والطالب، إننا نؤمن بالرقابة، لكننا نحتاج إلى المرونة.

> نعيش اليوم في عصر متغير في المعرفة ولا يمكن التوقع بسرعة التغير ولا اتجاهاته، ما هو دور المنهج في مواكبة هذه التغيرات من استحداث المعلومات والقدرة على تغيير الخطط والأهداف؟ وهل للتعليم الأهلي مناهجه الخاصة؟

ـ ما زالت المناهج الدراسية عاجزة عن مواكبة التغيرات الهائلة في الحياة، خاصة ما يتعلق بالتفجر المعرفي والتطور التكنولوجي، ولكي يكون لنا موضع قدم في هذه الحياة لا بد لنا من إعداد الإنسان إعداداً يمكنه من جعل هذه القدم قادرة على الانطلاق جنباً إلى جنب مع الأقدام الأخرى، ولا يكون ذلك إلا بإيجاد مناهج متطورة تراعي الاحتياجات وتنمي الاهتمامات وترقى بالتفكير. إننا نطمع إلى مناهج تربطنا مباشرة بالمناهج العلمية المتطورة في العالم مستفيدين من تقنيات الاتصال التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، من دون أن نهمل قيمنا وأخلاقنا المرتبطة ارتباطاً متيناً بديننا وعقيدتنا، والمناهج التي نخطط لها هي المناهج المرتبطة بالمجتمع والحياة الاجتماعية، التي تكرس العمل الجماعي وتحمل المسؤولية الفردية.

> ماذا ينتظر ملاك مدارس التعليم الأهلي من وزارة التربية والتعليم في تسريع عملية الاستثمار وتطويره؟

ـ ملاك المدارس الأهلية ينتظرون من وزارة التربية والتعليم الدعم والسرعة في تطويع الأنظمة وتذليل الصعاب وحل مشكلة استقرار المعلم السعودي في المدارس الأهلية (عن طريق إعطاء المدارس الأهلية وظائف للمعلمين تعتبرها وظائف حكومية تدفع الوزارة جزءاً من الراتب والمدارس الجزء الآخر).

> ينظر المجتمع إلى التعليم الأهلي على أنه مطالب بالعمل والإنتاج والإبداع، من خلال تجربتكم ما هي النتائج والإنجازات الملموسة في ذلك من خلال المستقبل الذي حظي به خريجو مدارس التعليم الأهلي بشكل عام؟

ـ إذا لم يكن التعليم الأهلي قادراً على الإنتاج والإبداع، فإنه غير جدير بأن يستمر ضمنظومة العمل التربوي المعاصرة التي لا ترحم الضعفاء، إن المجتمع يحتاج إلى جيل قوي متمكن ومبدع ليكون قادراً على النهوض، ونحن في التعليم الأهلي نؤمن بذلك إيماناً راسخاً، لذلك فنحن نجري تقييماً سنوياً لخريجي مدارسنا الذين هم بدورهم يتواصلون معنا بحكم العلاقات الوثيقة التي تربطهم بالمدارس، ونستطيع القول اننا راضون عن التجربة ونطمع لتعزيز النجاحات فيها، فطلابنا الذين انخرطوا في مجالات متعددة وهذا لا يهمنا كثيراً ـ أقصد نوعية الاختصاصات ـ ما يهمنا هو أنهم نجحوا في هذه المجالات، لقد علمناهم كيف يختارون ما يريدون، ويحبون ما يختارون، لذلك فهم سينجحون.

> أعرف أنكم توجهون بضرورة ربط المدارس بالمجتمع، وأصبحت لديكم أيام خيرية تشارك بها الطالبات والأمهات يعود ريعها للمؤسسات الاجتماعية والخيرية، كيف جاءت هذه الفكرة، وما هي نتائجها؟

ـ إن ربط المدارس بالمجتمع هي فكرة ليست جديدة، إنما تدعو إليها كل المؤسسات التربوية، وتؤكد عليها جميع الدراسات والأبحاث العلمية المتعلقة بهذا المجال، لكن ربط المدارس بالعمل الخيري، إنما هي فكرة تولدت بحكم انخراطي بالمؤسسات الاجتماعية والخيرية. وكوني رئيسة لجمعية فتاة الأحساء الخيرية ومشاركة في العمل الخيري قبل مساهمتي في العمل التربوي والتعليمي، وبرأيي أن هذين المجالين الخيري والتربوي هما مجالان يمكن أن يؤثر كل منهما بالآخر، لذلك كانت التجربة في مدارسنا رائدة وبنّاءة، لقد استطعنا تنمية الروح التعاونية الخيرة في المجتمع من خلال مشاركة الطالبات والأمهات في أيام العمل الخيري التي نقيمها باستمرار في المدارس، لقد تكون لدينا جيل جديد يحب أن تظل شعلة العمل الخيري التطوعي متقدة في وطننا. لقد حاولت ألا أحصر العمل الخيري في تأمين الاحتياجات المادية فقط، إنما عملنا على أن تكون المشاركة التطوعية بالأفكار والطاقات البشرية.