ساقي حجاج الجبل: أبيع الماء البارد للحجاج.. ولا أفرح بالعيد لانشغالي بتوفير لقمة العيش

TT

«مويه بارد.. مويه بارد».. نداء يطلقه «ساندو»، ذلك الطفل البرماوي صغير السن، الذي لا يتجاوز عمره العاشرة، متسلقاً الجبل المطل على جمرة العقبة من جهة اليمين في مشعر منى، حاملاً في يديه قارورتي ماء مبرد، من صندوق صغير في أسفل الجبل، خبأه خلف حاوية نفايات، خوفاً من السطو عليه من قبل بعض الحجاج.

وتستغرق رحلة «ساندو» لصعود الجبل وبيع قارورتي الماء التي يحملها والنزول مرة أخرى لجلب الماء نحو سبع دقائق، وقد تزيد وتنقص بحسب الطلب على الماء من قبل الحجاج، وهو بذلك يقدم خدمة توصيل مياه الشرب للحجاج غير النظاميين، والمنتمين إلى الجنسيات الباكستانية والأفغانية واليمنية والبنغالية والهندية والبرماوية، ممن نصبوا لهم خياماً في أعلى الجبل، أو احتموا بتضاريس الجبل من صخور وأشباه كهوف.يقول البرماوي «ساندو» بدأت بيع الماء هنا منذ يوم التروية، عندما بدأ الحجاج بالتوافد إلى هنا، وهو أمر يتكرر منذ ثلاثة أعوام، حيث يقومون بالتسلل من بين الجبال الجنوبية والشرقية لمنطقة منى، حيث ينصبون الخيام ويفترشون سطح الجبل، فهم في العادة لا يحملون معهم أي شيء غير لباس احرامهم وسجادة أو «حصيرة»، وبعضهم لديه شبه خيمة، حيث ينصب قطعة من القماش أو البلاستيك ويربطها بين صخرتين، ويمكث تحتها طيلة أيام الحج.

ويتسلق «ساندو» الجبل بقدمين حافيتين، ويلبس ملابس رياضية خفيفة وقديمة، ولم يذهب أبداً إلى المدرسة، ويعيش مع أسرة فقيرة وصغيرة في «صندقة» خشبية في أحد جبال مدينة مكة المكرمة، ولا يعرف أي مكان آخر غير مكة وجبالها.وعن عيد الأضحى والفرح به والصلاة مع والده في مصلى العيد، ذكر «ساندو» أنه لا يقصد مصلى العيد أو الفرح به إلا في عيد الفطر، أما عيد الأضحى فإنه مشغول جداً هو وأسرته في البحث عن المال، فأبوه يحلق للحجاج في الجبل، وأخوه الأكبر يشتري وينقل المياه البارد من الثلاجات المتنقلة القريبة منطقة رمي الجمرات، وتساءل «ساندو» كيف أفرح بالعيد وأنا لا أملك سوى «فانلتين» وبنطلون واحد؟!.