مسنون وأطفال في الحج لا يستطيعون سبيلا

يحملون فوق الظهر وعلى الأكتاف

TT

رغم المشقة التي يلاقيها الحاج إلى بيت الله العتيق، سواء أكانت هذه المشقة بدنية أو مالية، إلا أن الإقبال على الحج ما زال في تنام مستمر، حتى مع تخصيص حصة محددة لكل دولة، ومع حث السعودية لحجاجها في الداخل بأن يتركوا الفرصة لحجاج الخارج، وذلك بعدم تكرار الحج إلا بعد مضي خمسة اعوام.

رغم كل ذلك، إلا أن بعض الحجاج لا يكتفي بالحضور لوحده فقط، بل يصطحب معه بعضا من أهله، كالوالدين والزوجة والأولاد، وليست المشكلة هنا، بل في اصطحاب المسنين او صغار السن، والذين يجدون مشقة كبيرة جداً في التنقل بين المشاعر المقدسة، حيث تقدر المسافة التي يقطعها الحاج من بداية يوم التروية وحتى طواف الوداع بفرض أنه كان ماشياً بأكثر من 40 كيلومترا، فضلاً عن الازدحام وأشعة الشمس.يقول الحاج البنغالي أبوالكلام علي رحمت، 37 عاماً: عملت في دبي لمدة ثلاثة أعوام وكان هدفي من ذلك هو توفير المال اللازم لتحقيق أمنية والدتي المسنة التي تبلغ من العمر 78 عاماً، بالحج مرة واحدة قبل موتها، وها آنذا مع والدتي في مشعر منى، وقبل قليل رجعنا من رمي الجمرات، والحمد لله حتى الآن حجنا يسير بأفضل مما توقعت. وعن صعوبة تنقل والدته بين المشاعر المقدسة، ذكر رحمت أنه يحمل والدته على ظهره كلما شعرت بالتعب الشديد، مضيفاً «مع أنها ترفض حملي لها، بحجة أنها تريد أن تسير في أرض الله لطلب غفرانه ورحمته، وترغب في الشعور بقسوة الحج ومشقته أملاً في رحمة الله». أما الحاج رحمان عبد الله، الذي قدم من إندونيسيا، تحدث، وهو يدفع بعربة يحمل والده فيها، عن سبب قدوم والده إلى الحج رغم أنه مسن ويبدو عليه عدم القدرة، «والدي حلم بالحج منذ أن عاد جدي (والد والده) من الحج قبل أكثر من 40 عاماً، حيث استغرقت رحلته أكثر من 6 أشهر قطع خلالها البر والبحر، ولكن ظروف والدي المادية لم تسمح له إلا في هذا العام، ولكنه في المقابل فقد قدرته البدنية، لكنه أصر على القدوم، خاصة وأنه مكث يجمع المال منذ أكثر من 15عاماً، ولذلك لم أقف في طريق تحقيق رغبته». في مقابل رؤية عدد لا بأس به من الحجاج أعمارهم تتعدى الستين عاماً، وتصل في بعض الأحيان التسعين عاماً، هناك أطفال صغار في السن، أعمارهم لا تتجاوز الثلاثة أعوام، وبعضهم عمره أقل من 12 شهراً، تشاهدهم جنباً إلى جنب مع الحجيج في كل مكان، حتى في رمي الجمرات، وهي المنطقة الأكثر اختناقاً وازدحاماً من أي مكان آخر، فتراهم محمولين على أكتاف آبائهم أو متشبثين بصدور أمهاتهن، يتعرضون لكل ما يتعرض إليه الحاج من شمس ومطر وزحام وعدوى.الفلبينية فاطمة، تبلغ من العمر 29 عاماً، تقول: أنا أعيش في السعودية منذ أكثر من عامين، وأعمل في مستشفى خاص في جدة، وليس لدي أقارب هنا، ولدي طفلة صغيرة اسمها زهرة، عمرها سبعة شهور فقط، وعندما قررت الحج هذا العام، عرفت أنها ستأتي معي إلى مشعر منى، لأنني لم أجد مكاناً أضعها فيه مطمئنة، فعملت لها جراباً ووضعتها على صدري». مضيفة بعد اطلاقها لضحكة قصيرة «زهرة نائمة طوال الوقت، ويبدو أن الشمس أو الزحام أو كثرة الحركة لم تحرك فيها ساكناً، ولم تبك حتى اللحظة». وتوقف الحاج المصري رأفت محمد وولده فوق رأسه، وقال: «كيف يهنأ لي الحج وولدي ليس معي؟! رغم أن والدتي ووالدي على قيد الحياة، وكان بإمكاني تركه عندهما، لكنني مؤمن بقضاء الله وقدره، وهي فرصة أنه يزور الكعبة والمشاعر المقدسة». وأضاف «إذا كان المسألة كلها تتوقف على تعبي أنا من حمله، فليس هناك مشكلة، لعله يحملني في آخر عمري لزيارة مكة». ورغم توجيه البعثات والحملات بنصح الحجاج بعدم اصطحاب الأطفال الصغار في الحج، إلا أنه لا يمكن منعهم من ذلك، لأنها مسؤولية الوالدين بالدرجة الأولى، ولعل توجيه التوعية في المواسم القادمة إلى الحجاج من خلال عرض بعض الحوادث التي تعرض لها الأطفال في منى وعرفات ومزدلفة ورمي الجمرات، لعلها توصل الرسالة.