قطار «الأوزان المرتفعة» يعبر بسرعة عالية في الطرقات السعودية

ازدياد معدلات السمنة لأرقام قياسية

TT

في الوقت الذي كانت الجهات الصحية توزع منشورات توعوية قبل أيام في جدة عن مخاطر السمنة، كان موظف الأمن في أحد مطاعم الوجبات السريعة الكبرى يقف عند الباب لتنظيم دخول طوابير الناس الراغبين في الحصول على وجبة مشبعة بالدهون والمخاطر.

الماركات العالمية من المطاعم لا تزال هي وجهة الشباب والفتيات للترفيه كل مساء في ظل غياب تام للمناشط الأخرى التي يفرغ فيها الشباب طاقاتهم بدلا من أن يفرغوها كل ليلة في شطيرة عالية السعرات من »هامبورجر« والبطاطس المقلية.

يقول فواز الحازمي، وهو يمضغ شطيرة من اللحم، ويجيب بسرعة عن رأيه في زيادة الوزن لدى السعوديين: «ماذا نفعل؟، كل الأمكنة تقدم هذه الوجبات. ممارسة رياضة المشي في الأماكن المناسبة، يعتبره البعض محاولات للتحرش بالفتيات والعائلات.. القنوات الفضائية في شقتي المتواضعة تحرضني على الجلوس لفترات طويلة، لا أعرف بالضبط ماذا أفعل؟».

وبينما يدافع أحد الجالسين على الطاولة المجاورة عن مسألة رضاه بوزنه الزائد، معتبرا أن المسألة هي قناعات شخصية للفرد نفسه: «أنا سعيد جدا بوزني، رغم أنه يفوق المعدل المثالي بأكثر من 13 كيلو، لا أعاني من أي أمراض، ولست حريصا على ممارسة الرياضة. أعتقد أن من يعانون هم أولئك المهووسون ببرامج الحمية والأجهزة الرياضية الذين يقعون فريسة لتجار الشحوم».

الهجوم العنيف الذي كان يشنه الرجل في معرض رده كان يرافقه هجوم آخر على وجبة سريعة كانت أمامه: «ليس هناك أجمل من هذه الوجبة يتبعها مشروب غازي ثم غفوة حتى المساء».

ويعتبر الاعتماد على الوجبات الغذائية التي تحمل سعرات حرارية مرتفعة والوجبات السريعة الغنية بالدهون هي ما تسود نمط حياة المجتمع السعودي، حيث أكدت الإحصاءات الأخيرة ارتفاع معدل انتشار السمنة في السعودية بشكل واضح، خصوصاً عند النساء بنسبة 24 في المائة مرتفعة عن الرجال الذين بلغت نسبتهم 16 في المائة، بينما ارتفع المعدل عند النساء في العشر سنوات الأخيرة إلى 30 في المائة نتيجة انخفاض مستوى إحراق الوحدات الحرارية في حالات تقدم العمر وزيادة الوزن التي تصاحب الحمل وما بعد الولادة.

من جهتها تؤكد الاختصاصية النفسية زينب الغامدي، أن عدم الشعور بالثقة واتخاذ القرارات الخاطئة لدى النساء اللاتي يعانين من زيادة الوزن، يصعب في فترات معينة من قدرتهن على فهم أجسادهن بشكل عضوي ونفسي متناغم، وهو الامر الذي يشكل عبئا على وظائفهن الاساسية، سواء مع الزوج أو على مستوى نطاق الأسرة. كما دعت الغامدي إلى أن تتفهم المرأة مسألة زيادة وزنها وتحاول التكيف معه والتدرج في إنقاصه من دون أن يصبح الأمر هاجسا سلبيا تترتب عليه بعض الاعراض الاكتئابية أو المخاوف القهرية.

ولا يستثنى الرجال من ذلك، حيث إنهم معرضون للإصابة بهبوط القلب وزيادة الإصابة بسرطان الثدي والقولون والبروستاتا، إضافة إلى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب المفاصل، وتصلب الشرايين، ولتخفيف خطر الإصابة بالأمراض والأعراض المرتبطة بالزيادة في الوزن أو السمنة، لا بد من تخفيف الوزن ولو بمعدل من 5 إلى 10 في المائة، كون هذه النسبة من شأنها تحسين الوضع الصحي والنفسي والحد من خطر الموت المبكر، إضافة إلى اتباع وسائل الوقاية من السمنة كاتباع نظام غذائي متوازن وممارسة بعض التمارين الرياضية المتاحة، وبعض الأدوية المساعدة على إحراق الدهون التي ينصح بها الأطباء.

غير أن اللافت في الأمر هو ازدياد العيادات المتخصصة في برامج الحمية وإنقاص الوزن، وعمليات شفط الدهون وتصغير المعدة، فيما تنشط من جهة أخرى محلات العطارة في انتاج وصفات شعبية مجهولة تزعم التنحيف خلال أيام وتستهدف «البدناء» في الاماكن المتوقع وجودهم فيها، غير أن معدلات الزيادة في الوزن لدى السعوديين تعكس واقعا آخر لتلك المراكز والوصفات وهو عجزها حتى الآن في إحداث نقلة نوعية تساهم في ضبط عوامل الازدياد والمشاركة الشعبية في حملات توعوية عن أخطار الوزن الزائد.