مطالبة بتفعيل دور المثقفات السعوديات في وزارة الثقافة والإعلام

شكوى ضد غياب المرأة عن المنظومة الثقافية واعتباره إجحافا لحقها

TT

تساءلت مثقفات سعوديات حول عدم توجه وزارة الثقافة والإعلام، منذ انضمام الثقافة إلى الوزارة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات وتأسيس وكالة للشؤون الثقافية العام الماضي، في تفعيل حضور المرأة بشكل رسمي داخل أروقة الوزارة، وتحت المظلة الرسمية شأنها في ذلك شأن بقية الوزارات بالدولة.

وكانت الناقدة الدكتورة لمياء باعشن أوضحت أنها على ثقة كبيرة بمسؤولي وزارة الثقافة والإعلام إلا أنها تقول «لا أعتقد أن رأيي حول تفعيل مشاركة المرأة رسمياً في الوزارة لم يخطر لهم على بال، لكني أجد المشاركة تبدو طبيعية وبديهية».

وتتابع باعشن حديثها «المرأة كانت دائماً منتجة للفعل الثقافي، ومحركة لديناميكيته على جميع الأصعدة فهي كاتبة وروائية ومفكرة وباحثة وناقدة وشاعرة وفنانة تشكيلية وممثلة ومطربة، ولن نجد نشاطا نستطيع أن نصفه بالثقافي إلا وكانت المرأة موجودة فيه بقوة، لذا فإن غيابها عن المنظومة الرسمية هو إجحاف وظلم لها، فهل تسلب وهي صانعة للثقافة من حقها في حمل مسؤوليتها وفي إدارتها والإسهام في تنشيطها بشكل ملموس»؟.

وأضافت «إذا كانت وزارة الثقافة وزارة جديدة وتفضل أن تبدأ بأفراد ذكور وتحجب النساء حتى يستقيم لها الأمر، فإننا يجب ألا ننسى أن هذه الوزراة هي توأم لوزارة عتيقة هي الإعلام التي عملت بها المرأة منذ بداياتها وهي تتبوأ فيها مناصب عليا أتت تقديراً لجهود المرأة البارزة على مدى عهود طويلة، فهل من المنطقي أن يكون هناك استراتيجية تسير عليها الوزارة في نصفها الإعلامي وأخرى يتبعها نصفها الثقافي!».

وتجد باعشن أن وزارة الثقافة قد أقرت بضرورة وجود المرأة في جميع قطاعات الحياة العامة وتقول «هنالك مرسوم ملكي يحث الوزارات على خلق وظائف نسائية تفي بحاجة النساء للعمل، فكيف تكون الثقافة استثناء لذلك التوجه المزأمن لتشكيلها، فتتخلف عن الركب وتبدأ مسيرتها من حيث بدأ الآخرون لا من حيث انتهوا؟! والمرأة المثقفة تقف موقف الند مع الرجل فكراً وعطاء ومقدرة، وأعتقد أن الوقت مناسب جداً للسماح لها بالدخول في منطقة المسؤولية وتمثيل النساء على المستوى الرسمي، ولا يمكن أن تغيب هذه الحقيقة عن أذهان المسؤولين في وزارة الثقافة والاعلام وهم رجال فكر وأدب وثقافة عالية».وشاركتها الرأي الناقدة والكاتبة سهام القحطاني السؤال والتي وجدت أن أسباب غياب المرأة عن دهاليز الوزارة في جانبها الثقافي موزعة حسب خريطة أهمية الأدوار ووفق قيمة ما تضيفه من تأثير في وعي المجتمع، وتقول «ما يجب أن نضعه في حسباننا أن المشكلة هنا ليست فيما ينبغي أن يكون، أي إصدار قرار من أجل تفعيل دور المرأة فقط».

وبحسب رؤية القحطاني فإن المشكلة تتمثل فيما هو كائن بصيغة الأحادية غير القابلة للزيادة والنقصان والمؤدية لتجميد دورها التنموي في وزارة الثقافة والإعلام على المستوى الرسمي وهي تكمن وجهة نظرها في عدة محاور، أهمها كما تذكر «هيمنة الفكر المتزمت المعتمد على العادات والتقاليد غير الشرعية والمحاولة لإقصاء المرأة داخل فكرنا الجمعي، مما يؤدي إلى تعطيل صناعة القرار السياسي فيما يتعلق بالمرأة وتفعيل دورها التنموي بشكل عام، وفي وزارة الإعلام والثقافة بشكل خاص، وهو للأسف ما يمثل السلطة السائدة في المجتمع ويتحكم في قراراتها، حيث ترى أن دورها التنموي الثقافي من الثانويات وليس رئيسيا».

وتتابع سهام «إضافة إلى التصور الخاطئ لعالم الثقافة في ذهنية العقلية التقليدية السائدة بأنه أدعى للاختلاط والرذيلة، ولذا فهي تمانع بقدر كبير أي نشاط يجمع ما بين المرأة والرجل في وزارة واحدة، وكل وزارة بدورها تحرص على تجنب محرضات حفيظة هذه العقلية، وأي خطوة شجاعة من أي مسؤول في هذا المجال هي خطوة تهدد مستقبل ذلك المسؤول».

وتضيف «أعتقد أن هناك أجندة عملية تبنى على أهداف لا تعتمد على التخطيط ونشاط يحققها، وهذه ليست مشكلة أجندة وزارة الإعلام والثقافة بل وباقي وزارتنا، فالأمنيات عادة أكبر من الممكنات، وتفعيل الدور التنموي للمرأة في وزارة الثقافة والإعلام هو هدف يؤمن به المسؤول وهو مؤكد، لكن كيف يتحقق هذا الهدف، الأمر يتطلب قرارا سياسيا صارما، وهيمنة صوت المرأة على الرأي العام، وتخطيطا، وميزانية، وبحثا عن كفاءات جادة، ومساواة في فرص صناعة القرار ما بين الرجل والمرأة».

وتتابع «نحن لا نريد أن تكون المرأة مجرد موظفة في الوزارة لتسيير العمل الروتيني، بل نريد لها دورا في صناعة القرار الإعلامي والثقافي، وهذا حتى الآن لا يتقبله عقلية الرجل بمستوييه (المسؤول والمثقف)، لأنه حتى الآن لا يؤمن بقدرة المرأة في تأسيس قواعد المؤسسات التي تمثل البنية التحتية للوعي الاجتماعي مثل الثقافة والإعلام».

وترى القحطاني أنه ينبغي على المرأة المثقفة أن تمارس ضغطا على الرأي العام في تفعيل دورها التنموي الثقافي عبر تكاتفها وتسليط الضوء على قضيتها كل واحدة في موقعها الثقافي وتقول «الأرض ممهدة لذلك الآن خاصة أن الحكومة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله تقف بجانب المرأة» وتجد القحطاني أن تفعيل هذا الدور لن يتأتى ما لم تسع لتحقيق وجودها السياسي في المجتمع، كونه سيمنحها بعد ذلك أحقية صناعة القرار.

من جانبه بين لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام، أن الوزارة من جانبها الثقافي منشغلة في تأسيس البنية التحتية للأنظمة من أجل لمّ شمل المؤسسات الثقافية التي ظلت لفترة زمنية طويلة خارجة عن سلطتها، «ففيما يتعلق بالأندية الأدبية الثقافية فهي إلى الآن لا توجد بها قوانين وضوابط تحدد المنتمين إليها من الأعضاء وهو ما ينبغي تحديده من أجل تفعيل فكرة الانتخابات لمجالس الأندية الأدبية».

وتابع «حول مشاركة المرأة بهذه الانتخابات «نسعى لإشراكها ولكن ينبغي تحديد أنظمة عضوية الأدباء أولا وهذا يحتاج إلى ما يقارب سنتين تقريبا». أما فيما يتعلق بإشراك المرأة في الفعل الثقافي الرسمي بوزارة الثقافة فقال «هناك حديث ومداولات حول ذلك، ولكن هل من الضروري أن تتحدد مشاركة المرأة بالرأي الثقافي بإيجاد مكتب لها بالوزارة، أم أنه يمكنها ذلك من خارج الوزارة؟».