السعوديون يقبلون على كتب ودورات تنمية المهارات

حفظ القرآن والمستقبل المشرق بضائع تسوقها الخريطة الذهنية

TT

«الخريطة الذهنية» مصطلح ظهر في نهاية عقد الستينات على يد المعلم الإنجليزي توني بوزان، للدلالة على أسلوب معين لتنظيم الأفكار والتخطيط البعيد المدى، ويعتمد على رسم ما يريد الإنسان تحقيقه في ورقة واحدة بشكل منظم مع استبدال الكلمات بالرسوم المعبرة، وجمع كل ذلك في ورقة واحدة وبطريقة مركزة ومختصرة يستحضرها الذهن بسهولة وسرعة كما تقول كتب هذا العلم التي أصبحت تملأ مكتبات المملكة.

ويكاد اهتمام الشارع السعودي بهذا الأسلوب وغيره من الأساليب التي تعتمد على علم البرمجة اللغوية والعصبية يشكل ظاهرة، حيث سجلت مبيعات الكتب التي تشرح هذا العلم وطرقه نسبة عالية مقارنة ببقية المبيعات من الكتب كما أوضح محمد فيلالي البائع بإحدى مكتبات جدة، إضافة إلى كثرة الدورات التي تدرب عليها.

ويقول الفيلالي: زبائن كتب البرمجة اللغوية متنوعون جداً، فهناك المراهقون، والجامعيون، والموظفون، والكبار، والرجال والنساء على حد سواء، ويضيف غالبية هؤلاء يبحثون عن التقدم في حياتهم العملية والشخصية، وتطوير مهاراتهم؛ واستدرك الفيلالي قائلاً: لكن معظمهم يطلب الكتب المترجمة إلى العربية، وقلة هي التي تشتري هذه الكتب بلغتها الأصلية الإنجليزية.

ولا يقتصر الإقبال على استخدام الخريطة الذهنية على طلاب الجامعات والمدارس والموظفين فقط، ولكن لها شعبيتها في مدارس تحفيظ القرآن، حيث يقبل طلبة هذه المدارس على استخدام هذه التقنية لمساعدتهم في حفظ القرآن الكريم كاملاً، وتقوم بعض جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن باستقطاب مدربين مختصين لعقد الدورات والاستفادة من خبراتهم في هذا المجال، ويقول سامي عبد الحي الطالب بإحدى مدارس تحفيظ القرآن: التحقت بدورة تدريبيه في استخدام تقنية الخريطة الذهنية لتطوير قدرتي على الحفظ وتحقيق أهدافي، وكنت أحفظ حينها 13 جزءاً فقط، لكنني الآن أحفظ القرآن الكريم كاملاً.

ويتفق أسامة رفعت (المعلم) بأحد المعاهد المتخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية مع سامي حول نجاعة أسلوب الخريطة الذهنية في التعلم فيقول: طبقنا هذا الأسلوب في معهدنا ووقفنا على نتائجه الإيجابية، وعلى العموم هذا أمر علمي ومثبت ومعظم الذين يعارضونه لا يعلمون في الحقيقة عما يتكلمون.

والخريطة الذهنية هي إحدى الأفكار المنبثقة عن العلم الجديد الذي أثار جدلا كبيراً حول فاعليته وهو البرمجة اللغوية والعصبية، وكما يزعم ممارسوه ومعتنقوه «فإن استخدام فرضيات البرمجة اللغوية تغير العديد من المفاهيم لدى الإنسان في التعامل مع ما حوله، حيث تكسبه المرونة في التعامل مع مختلف الأمور، إضافة إلى تعدد الخيارات أمامه، فيصبح أكثر قدرة على اكتشاف جوانب الأمور المختلفة بإيجابياتها وسلبياتها» ويصبح أكثر قدرة على تقبل التعديلات التي قد تطرأ على الأمور من حوله، وهذا يوسع مداركه وقدراته ويعطيه إمكانات أكثر مما لو كان يتعامل مع الأمور كلها منظور واحد بحسب ما يقوله الدكتور عوض القرني المدرب المجاز في البرمجة اللغوية والعصبية.

إلا أن الإقبال المضطرد من فئات كثيرة لاستثمار هذه العلوم والإفادة منها بما فيها أسلوب الخريطة الذهنية يصطدم برفض فئات أخرى تصنفها على أنها من العلوم الباطنية التي تتكئ على السحر والشعوذة والخرافات، فيقول الطالب سلطان الجهني: أنا لا أصدق مثل هذه الخزعبلات التي يدعيها أشخاص يكسبون من ورائها الملايين، فنجاح الإنسان أو فشله يعتمد على إرادته لا غير، وكما قال الأجلاء من شيوخنا كالقرضاوي فإن الخريطة الذهنية وخزعبلات البرمجة اللغوية يقصد من ورائها التدليس على المسلمين وغسل أدمغتهم.

ويعلق الدكتور عوض القرني على هذه الرؤية المنكرة لفائدة وحقيقة وجود الخريطة الذهنية بقوله: الذين يعارضون فكرتها لم يفهموا تماماً المراد منها، وأنا أمثلها لهم بالخريطة الجغرافية فالتضاريس الموجودة فيها لا تعدو كونها رموزاً ليست هي الحقيقة تماماً، وإنما هي رموز تشير إليها.

واستطرد قائلاً: كل إنسان لديه خارطته الذهنية ـ حتى هؤلاء المعارضين ـ التي تتحكم فيها عدة عناصر مثل تربية الإنسان والقيم التي وجهته في حياته والثقافة والبيئة التي يعيش فيها، والقدرات واللغة التي يمتلكها ومعتقداته، وتختلف من شخص لآخر، وهذا ما تنبه إليه علماؤنا القدامى الذين فرقوا بين ما في الأذهان وما في الأعيان.

وبرغم المعارضة التي يبديها البعض لتطبيق هذه النظريات وتشكيكهم في فعاليتها، فإن عدداً من أنجح الشركات والشخصيات على مستوى العالم استفادت من هذه التقنيات وطبقتها لتطوير الأداء من بينهم: توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ولاعب التنس الدولي أندريه أجاسي، ومن شركة كوكا كولا وفيات وبي أم دبليو وأميركان أكسبريس.