زوجات يصرخن: أزواجنا المتقاعدون يعدون علينا حركاتنا

د. العجروش: الانطواء والاكتئاب أكثر مشاكل المتقاعدين

TT

يعتبر خروج الزوج إلى العمل كالمعتاد متنفسا للزوجة لكي تؤدي واجباتها اليومية وهي واجبات تتخللها في كثير من الأحيان، زيارات صباحية الى الاهل والجيران، كما تستغل بعض الزوجات بعض اوقات فراغهن لممارسة هوايتهن المفضلة المتمثلة في الحديث عبر الهاتف الى صديقة أو قريبة تاركات بعض المهام المنزلية في عهدة الخادمة، وهي نشاطات يصبح صعبا على الزوجة ممارستها في ظل وجود زوج متقاعد يعد عليها سكناتها وحركاتها، وقد تتلاشى تدريجيا وتصبح الأمور الإعتيادية التي كان الزوج لا يقف ولا يعلق عليها أخطاء من الواجب تصحيحها، حتى ان كثيرا من الزوجات يشتكين من رتابة الحياة مع الرجل المتقاعد، وازدياد حساسيته تجاه بعض الأمور التي كانت تعتبر سابقا من الأمور العادية، وقد تشتعل المشاكل في كثير من الأحيان بين الاثنين إذا ما أحست المرأة أن ما يفعله الرجل هو من صلب عملها المنزلي.

وتقول حنان س. و هي ربة منزل، ان زوجها أصبح يتدخل في أمور لم يكن يعيرها اهتماما قبل التقاعد، فقد كان مهتما بوقت الغداء ودرجات الأولاد في المدرسة وعمله، أما الآن فأصبح جالسا في البيت يهتم بديكورات المنزل وجمال الحديقة وطريقة لبس الأولاد ونومهم لدرجة أنه صار يعلق على طريقة جلوسهم وأكلهم بشكل واضح، مما جعلها تشعر بأنه يتدخل في مسؤولياتها في البيت وأصبحت في نظره مقصرة في واجباتها وحرصها على الاهتمام بالبيت وتربية الأولاد.

وتضيف أمل ن. بأنها قاطعت معظم صديقاتها لتكون بجانب زوجها وأوقفت بعض النشاطات التي داومت عليها لمدة سنين، لتذمره الدائم من عدم وجودها في المنزل، وتتمنى عودة مقاهي المثقفين التي لم يعد لها ظهور من سنين طوال لتشغله عنها، وتستطيع مواصلة أسلوب المعيشة الذي اعتادت عليه قبل جلوس زوجها في البيت وتدقيقه في أصغر الأمور التي لم يكن يراها من قبل.

أما حالة والد هيا ع. الذي يسكن معها منذ وفاة والدتها، فهي تختلف إلى حد ما فوالدها عانى من اكتئاب حاد بعد التقاعد بسبب عدم كفاية الراتب لمصاريف أسرته، مما اضطره لتخفيض بعض تكاليفه عن السابق حتى تتمشى مع دخله التقاعدي.

أما د. سمير ح. رجل متقاعد فيقول، بأنه كان يرى الكثير من الأخطاء في بيته قبل تقاعده ولم يكن يعيرها اهتماما بسبب عدم توفر الوقت، أما بعد تقاعده صار من الواجب عليه تصحيح ما يمكن طالما سنحت له الفرصة لذلك.

ويضيف محمد ط. متقاعد، ان حالته الصحية أجبرته على التقاعد حيث تسبب وجوده في البيت وتأففه الدائم في إزعاج من البيت، لكن محمد يستدرك بانه لا يستطيع التحكم في تداخلاته بسبب عمله السابق كمدير مما اثر في أسلوب تعامله مع أفراد أسرته وهو يرى انه لا يستطيع التعايش مع أسلوب الحياة الجديدة.

وعن ما سبق تفيد الدكتورة مديحة العجروش أخصائية سلوكية بأن الانعزال، والانفراد بعد التقاعد، يورثان أموراً، في مقدمتها الوساوس والكآبة، اللتين تسببان كراهة الناس والانطواء، فالرجل في هذه الحالة يعتمد كثيرا على زوجته بأن تخرجه من الكآبة التي أصابته من الجلوس في البيت والاعتماد عليها في الكثير من الأمور التي كانت سهلة المنال بالنسبة له. فأصبح يقع عليها اللوم والمسؤولية ويعتقد أنها هي المسؤولة عن ما هو فيه.

وتضيف العجروش بان الزوجة بشكل عام ليست مسؤولة عن المراحل التي يمر بها الزوج في حياته حيث ان العبء يزيد على الزوجة التي تجد نفسها مضطرة لتحمل اوامر وتوجيهات زوجها وهي امور لم تكن تثير انتباهه في السابق.

ويذكر انه للاهتمام بالمتقاعدين تأسست في الغرب، جمعيات لتهيئة العامة لقبول المتقاعدين وبذل الجهد في دراسة كل ما يتعرضون له بعد ما قدموا في حياتهم من خدمات جليلة، وإرشادهم إلى قضاء ما عندهم من فراغ، حتى لا يتسرب إليهم الملل، ويضجرون ممن حولهم، حيث ترشدهم هذه الجمعيات إلى طرق لتمضية وقتهم مثل ممارسة الرياضة، حتى يحس المتقاعد بقيمته في المجتمع وبأن ما قدمه من خدمات لم يذهب ادراج الرياح.