دعوة لتنظيم النسل بــ 7 أبناء

من أجل مجتمع أسري أفضل بدون المساس بتعاليم الدين

TT

ظل مفهوم تحديد النسل في المجتمع الخليجي، والسعودي على وجه الخصوص من الممنوعات بوجود حواجز عرفية تحذر كل من يتخطاها، وارتبطت كثرة الابناء بثقافة المجتمع حتى تعدت معدلات المواليد في السعودية نسبة الاربعة في المائة متخطية المعدلات العالمية.

من ناحية اخرى، ظلت المرأة في المجتمعات العربية وخاصة في البيئات البدوية منها ترهق بكثرة الإنجاب ـ فيما ان هناك ازواجا في بعض المجتمعات العربية يسعون الى تحديد عدد الاطفال ويمنعون رغبة نسائهم في الانجاب لأكثر من ثلاثة اطفال ـ حبا للأطفال وامتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»، وبين هؤلاء واولئك يقفز سؤال قديم بين الزوجين للتداول ولا سيما في المجتمع السعودي المحافظ المتمسك بتعاليم الإسلام، فإلى أي الأرقام العددية يقف تحديد النسل؟! ولماذا وصولا، وكيف يتم ذلك وفقا للشرع ورأفة بالمرأة؟.

ويوضح ذلك المحامي محمد العريفي بقوله ان من حقوق الزوجة ألا يحرمها زوجها من الإنجاب أو يحصر الإنجاب في طفل أو طفلين أو ثلاثة أطفال فقط وهذا حدث فعلا وفي المقابل من الظلم على الزوجة أن يفرض عليها زوجها أن تنجب خمسة عشر طفلا أو أقل أو أكثر وهذا حصل أيضا لذا أرى أن العدد المعقول للإنجاب هو سبعة أطفال وقد استنبطت ذلك من الشريعة الإسلامية السمحاء التي لم تدع شيئا إطلاقا نحتار فيه إلا وقد أوجدت له حلا شافيا كافيا كما قال اليهود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عجبا لهذا النبي علمهم حتى الخراءة.

وعن استنباطه لهذا العدد ذكر طريقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أتته امرأة في المسجد تشتكي زوجها وتبكي ولا تتكلم ففهم رضي الله عنه قصدها حيث انها تشتكي من أن زوجها لا يبيت معها وتستحي من البوح بذلك فأمر رضي الله عنه زوجها بالمبيت معها كل رابع ليلة على الأقل وعندما سأله الصحابة رضي الله عنهم كيف حددت هذا العدد فأجاب رضي الله عنه بأني قد فسحت له أقصى حد فافترضت أن لديه أربع زوجات وعاملته بهذه الطريقة.

وذلك استنباط لأحكام الشرع علما أن سيرة الخلفاء الراشدين الأربعة فقط رضي الله عنهم تعتبر شرعا مضافا إلى السنة النبوية.

مؤكدا بأن المجتمع قد ضاع بين فريقين فريق ينادي بألا يزيد عدد الأطفال عن طفلين وكحد أقصى عن أربعة أطفال ويتحجج في رأيه بأنه كي يستطيع الوالد أن يوفر رعاية طبية مناسبة وتعليما راقيا وغذاء وافرا ويستطيع السيطرة على تربيتهم وكذلك قلة الفرص الوظيفية في المستقبل، وفريق ثاني يقول ندع الإنجاب مفتوح العدد لوجوب التكاثر لأقصى درجة مستندين الى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»، وقال تعالى: «وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها»، ويرى العريفي بأن كلا الفريقين معهما بعض الصواب ولكنهما على خطأ وذلك لأن الإنسان يجب أن يكون واسع الإدراك وإذا لم يكن مدركا فعليه بالاطلاع ممثلا على ذلك بالحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» فهل من المعقول أن يقول شخص أنا مسلم منطق هذا الحديث وليس هناك داعي أن أصلي أو أصوم، فالناس سالمون من لساني ويدي فبطبيعة الحال نقول له لا فهذا حديث صحيح وثابت في معناه وجميع أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم شريعة لكن الحديث معناه مطلق.

ويعود العريفي ليشرح كيف استنبط أن النسل يحدد في الشريعة بسبعة أطفال بقوله: إن المرأة لا يكتمل نمو جسمها إلا عند تمام العشرين عاما وقبل ذلك تبني جسمها منذ الولادة إلى أن تصل إلى العشرين عاما وذلك ثبت طبيا وكذلك ثبت أن الجنين يأخذ من قوة أمه ويمتص من عظامها وسائر جسمها فكيف نكلف المرأة بالحمل قبل العشرين وجسمها منشغل ببناء نفسه ولم يكتمل بعد بل كيف نزيد عليه عبء تغذية جنين سوف يسلب من قوتها فهذا ضرر عليها وظلم ومخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث قدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» منوها الى أن الإنسان يبلغ ذروة قوته العقلية والجسمية والنفسية عند بلوغ سن الأربعين عاما كما قال تعالى: «ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة» والرسول صلى الله عليه وسلم كلف بالرسالة عند بلوغه الأربعين عاما فالإنسان يبدأ بتزايد القوة من الولادة إلى حين وصول عمر الأربعين فيبلغ القمة ثم يبدأ من القمة إلى القاع أو القبر فيتناقص وتتناقص قوته من بعد عمر الأربعين، حتى يصل إلى أرذل العمر إن عاش فيصل إلى الثمانين مثلا ثم يموت والأعمار بيد الله ويوصي الأطباء بضرورة عمل الفحص الدوري الشامل للجسم سنويا وذلك بعد عمر الأربعين تحديدا وفي بعض الدول الغربية تلزم الشركات بعمل هذا الفحص لمنسوبيها مجانا لمن تخطوا عمر الأربعين عاما تحديدا، متسائلا كيف نلزم المرأة بالحمل بعد هذه السن وتغذية الجنين في رحمها تسعة أشهر؟ ونحن نعلم أن الجنين سوف يمتص من جسمها وينقص من قوتها وهي أساسا بدأت بالتناقص بعد وصولها عمر الأربعين فهذا ضرر عليها وظلم وإلحاق الضرر بالغير يناقض شرع الله سبحانه وتعالى كما قال صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» والظلم حرام كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث قدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما». مستنتجا من ذلك أن الفترة المناسبة لحمل المرأة هي الفترة الزمنية المحصورة بين عمر العشرين والأربعين حفاظا على صحة المرأة.

وقد ثبت علميا أن الرضاعة الطبيعية هي ضرورة للطفل ولا يوجد لها مثيل ولا بديل وهذا ظلم بحق للطفل والظلم محرم شرعا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث قدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» وحرمان الطفل من الرضاعة الطبيعية بدون سبب أو بحجة المحافظة على جمال صدر المرأة أو الرغبة في حمل جديد ظلم واضح للطفل وسلبه حق من حقوقه لأن الرضاعة من حقوق الطفل منحها الله الخالق سبحانه وتعالى إياها، حيث انه يستحيل تعويضه عنه خاصة أول يومين من الرضاع حيث ان الحليب في أول يومين من الرضاعة يحتوي على مواد مناعة تحميه طوال حياته وذلك ثبت طبيا وبعد ذلك فإن الحليب الطبيعي الباقي يدخل في بنيان نسيج المخ وإذا لم يحصل عليه الطفل يقوم مخ الطفل بإنتاج ذلك ذاتيا ولكن يكون المخ بهذه الطريقة أضعف وهذا ثبت علميا أيضا وقد يقول كثير من النساء بعاميتنا «لم يضر ابن فلان عدم رضاعته الطبيعية فهو يأخذ ترتيبه الأول في المدرسة وابني أرضعته طبيعيا وهو ضعيف في الدراسة فنقول نحن: إن ابنك لو أرضعته صناعيا لأصبح أضعف والابن الذي رضع صناعيا لو أرضعته أمه من صدرها لأصبح أذكى وعلينا ألا ننسى قول الله تعالى «وفصاله في عامين».

والآن وقد اقتنعنا أن الفترة الزمنية المناسبة للإنجاب للحفاظ على صحة المرأة هي الفترة المحصورة بين عمر العشرين سنة إلى عمر الأربعين سنة واقتنعنا بضرورة الرضاعة الطبيعية لمدة سنتين وإذا أضفنا مدة الحمل تسعة أشهر تصبح فترة حمل الطفل وإرضاعه هي: سنتين + تسعة أشهر = 33 شهر. والفترة الزمنية المناسبة للإنجاب هي عشرون سنة فقط لدينا العدد المناسب للإنجاب: عشرون سنة - 33 شهرا = 7،27 أي 7 أطفال تقريبا فلا نزيد على السبعة حفاظا على صحة المرأة. وينتقد الشيخ محمد بن يحيى النجيمي الأستاذ في كلية فهد الأمنية قسم العلوم الشرعية والخبير بالمجمع الفقهي الإسلامي الدولي مصطلح التحديد مستعيضا عن ذلك بمصطلح التنظيم كون التحديد لا يجوز كما أجمع الفقهاء في حين أن التنظيم جائز بمعنى أن تجعل المرأة بين كل طفل وأخر ثلاث أو أربع أو حتى خمس سنوات مستدلا على ذلك بقول الصحابة «كنا نعزل والقرآن ينزل» ما يعني أن التنظيم كان يحدث في عهد الرسول مؤكدا على جوازه وذلك حفاظا على صحة المرأة وحتى لا تقع في الحرام وهو التحديد. وعن العدد الذي حدده المحامي محمد العريفي عن فترة العشرين وحتى الأربعين يعلق الشيخ النجيمي على ذلك بقوله «لا يمكننا الجزم بعدد محدد كون ذلك محرما ولكن مع جواز التنظيم قد يزيد العدد على السبعة وقد يقل وهو جائز كونه سائغ للمرأة الاختلاف في عملية التنظيم كما قلت سابقا في عدد السنوات وكونها أيضا قد تتعب من الحمل أو لا تنجب في الأصل إلا بمقويات وكل امرأة أدرى بظروفها». وترى الدكتورة هناء أكرم أخصائية النساء والولادة أن على المرأة عدم الإذعان لرغبة الزوج في مسألة كثرة الإنجاب، خاصة أولئك اللاتي لديهن مشاكل صحية مسبقة كأمراض القلب أو اللاتي تتكرر لديهن عملية الإجهاض لأي سبب كان لأن الرحم سيتأثر وبتالي سيؤثر سلبا على صحة المرأة الحامل والجنين كما تنصح النساء أيضا بعدم التخوف من عملية الحمل كونها مرحلة طبيعية بالنسبة للمرأة فجسدها مهيأ لذلك، مؤكدة على ضرورة التأكد من ذلك بالكشف الصحي الدقيق لمن تخطت الثلاثين ومبينة أن المرأة السليمة والخالية من الأمراض والتي لا تعاني أيضا من بعض الأمراض المصاحبة للحمل كسكر الحمل يمكنها الإنجاب في الحالات الطبيعة في غير التوائم مابين خمس إلى سبع مرات أي أطفال على أن يقل عدد مرات الإنجاب تبعا لوجود توائم مشددة على أهمية الفصل ما بين كل طفل وآخر منعا لأي مشاكل صحية والتي قد تحدث في الرحم خصوصا، مؤكدة الدكتور أكرم على ضرورة الرضاعة الطبيعية وذلك لصحة الطفل.

وتعلق على عملية إكراه المرأة على الحمل أو حرمانها منه وهي ترغب، قالت الأخصائية الاجتماعية صالحة الأسمري: على الزوج مهما كان محبا للأطفال ألا يكره زوجته على الحمل لمجرد زيادة النسل لأن من شأن ذلك أن يضر بالمرأة والطفل اجتماعيا ونفسيا وربما أيضا صحيا فتكرار الحمل والولادة بشكل متواتر يتعب المرأة كونها تقوم بعمليتين مختلفتين الحمل والعناية بالطفل الآخر وهذا ينعكس تلقائيا على الطفل والجنين كما أن حرمان المرأة أيضا من حقها الطبيعي في الحمل وإشباع إحساسها بالأمومة لأكثر من طفل له تأثير بالغ على المرأة نفسيا وقد يولد لديها عقدة النقص كما أن له تأثيره الاجتماعي أيضا ليس على الأم فحسب، بل على الأبناء مستقبلا فالكثير من الأبناء يفضل أن يكون لديه من ثلاثة إلى أربعة إخوان وذلك للمشاركة الاجتماعية على فرضية الذكر يريد أخا والأنثى تريد أختا والذكر يحن للأنثى والأنثى تحتاج لذكر لذا من واجب الأبوين مراعاة ذلك وعدم الإضرار ببعضهما أو بأبنائهما مشددة على ضرورة التفكير دائما بما هو في صالح الأسرة ككل والتي ترى أنها تتكون بالوالدين من ثمانية أشخاص على الأكثر.