«أنت ومالك لأبيك» قاعدة قد تنقذ الآباء الذين يقتلون أبناءهم

حقوق الإنسان السعودية تدرس الوضع

TT

كأنما نزعت من قلبه كل مشاعر الانسانية، حمل والد نوره ـ ذات السنوات الاربع ـ بكلتا يديه وطفق يضربها ثم رمى بها على الجدار، ففاضت روحها البريئة على الفور. اما شقيقتها الكبرى ريم 7 سنوات فقد فلتت من مصير اختها باعجوبة، لكنها ادخلت المستشفى في حالة نفسية سيئة، نتيجة الاثار الواضحة للتعذيب والكي بالنار في كل اجزاء جسدها الصغير. هكذا قال أحمد صالح احد اقارب الطفلتين، وقال ان الطفلتين تلفظتا بعبارات غير لائقة، فكان ذلك دافع الوالد في تصرفه الوحشي.

ويضيف أحمد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» واصفا الوضع الاجتماعي للأسرة »الأب كان يعمل في احدى الشركات ثم فصل قبل أكثر من ثلاث سنوات، وتزوج من أخرى بعد أن طلق والدة الطفلتين التي تعيش الآن مع أهلها في منزل آخر بينما الطفلتان الضحيتان كانتا تقيمان مع والدهما وزوجته الجديدة».

هذا أحد نماذج قضايا العنف الاسري التي طفت على السطح، يستهجنها المجتمع، ويقلب شفتيه ممتعضا من قسوة الآباء الذين تجردوا من مشاعر الحب والخير حتى لفلذات الاكباد.

عطية الحارثي المتحدث الإعلامي في المحكمة الشرعية بجدة يبين رأي القضاء في عقوبة الآباء الذين يقتلون أولادهم بقوله «ان القضاء يعاقب كل إنسان يقوم بجريمة ما وأن هذا الفعل جريمة بحد ذاتها، ويعاقب الأب على فعلته هذه بعقوبة تعزيرية، ويختلف العقاب باختلاف الحالة وتتدرج من غرامة مالية أو حبس حتى تصل إلى القصاص».

وعن المفهوم الخطأ المتعارف بين الناس بأن لا توجد عقوبة للأب الذي يقتل أولاده والتي تستند على قاعدة شرعية يقول الحارثي «هذه قاعدة غير صحيحة ومفهوم خاطئ ويجب تصحيحه لأن الشريعة الإسلامية أوجدت لكل جريمة عقابا وأن هذا الفعل جريمة وتعاقب عليها الشريعة ويحكم فيها القضاء بعدما يقوم بعرضه على هيئة الشريعة الطبية واجراء التحاليل الطبية».

الدكتور حسين الشريف المشرف على جمعية حقوق الإنسان السعودية في منطقة مكة المكرمة تحدث عن عقوبة الاب بقوله «بعض القضاة يعتمد على قاعدة شرعية (أنت ومالك لأبيك) و(الأب لا يأخذ بدم ابنه)»، واستدرك بأن الجمعية الآن بصدد إعداد دراسة حول هذا الموضع سواء من الناحية الشرعية أو من ناحية المواثيق والاتفاقات الدولية في حق الإنسان في الحياة، وأنه حق لا يمتلكه الأب ليقوم بقتل أبنائه بدون أن يعاقب.

ويؤكد الشريف على موقف الجمعية من وجوب معاقبة الجاني سواء كان أبا أو أي شخص آخر، ويبرر ذلك بأن »هذا اعتداء على حق الإنسان في الحياة، وإذا كان للقاضي رأي آخر وفق ما تقتضيه ظروف القضية فذلك راجع إليه، لكن نحن كجمعية لا بد لنا من المطالبة بعقاب الجاني سواء كان بالقصاص أو بعقوبة تعزيرية شديدة تتناسب مع الفعل الإجرامي الذي قام به، لأن هذا الجرم فيه اعتداء صريح وواضح على حق الإنسان في الحياة».

من جانبه قال المحامي خالد الحربي «ان العقوبة في مثل هذه القضية لها قسمان، قسم للحق الخاص وآخر للحق العام، وأن الحق الخاص دائما لا يحاسب الأب على ما يسببه من ضرر على الابن، أما في حال مطالبة أحد أولياء الدم الآخرين بحقه في معاقبة الجاني فإن القضية ترفع لحكم القاضي الذي ينظر في القضية».

ويستطرد الحربي قائلاً «بالنسبة للشق الثاني في العقوبة وهو الحق العام فينظر فيه القاضي بناء على طلب المدعي العام الذي يمثل حق الدولة لردع مثل هذه الأفعال».

ويضيف «لا يوجد عقاب منصوص لجريمة قتل الأب لأحد أبنائه كما في بقية الدول، حيث ان هناك حدا أدنى للعقوبة وحدا أعلى لها، أما في محاكمنا الشرعية فإن العقوبة يحددها القاضي بحسب ما يرتئيه فقد يعفو عن الجاني، أو يصدر حكمه التعزيري بالتوبيخ أو الحبس أو الغرامة المالية بدون ضابط».