قل لي ماهو حجم مكتبتك أخبرك ما معدل ثقافتك

د. مطاوع: الجنس والدين والسياسة.. ثالوث سيئ السمعة رائج بين القراء

TT

تعد المكتبة المنزلية نواة أساسية للمكتبات العامة وهي من أقدم ما عرفه الإنسان في العصور القديمة وبحسب الإعلامي حسين نجار «يرجع إنشاء المكتبة المنزلية إلى حب الإطلاع والرغبة في العلم والمعرفة»، إلا أن اقتناء السعوديين لها تباين بين الدور الوظيفي كونها تحمل غذاء روحيا وفكريا يجمع ألوان الطيف المعرفي وبين اعتبارها جزءا جماليا يضفي نوعا من الدفء، وبحسب المعلمة ميس أبو حطب «يبعث وجود المكتبة في صالة المعيشة شيئا من الدفء والحميمية».

إلا أن تحول مكتبة المنزل من حيز تشغله الكتب إلى مكان تحتله شاشة التلفزيون الملونة وسيديهات تحمل صورا لأبطال أفلام الأكشن والدراما لا يخفف من وطأتها إلا بعض الرومانسية الحاضرة بخجل والملونة بأحلام البنات، وبالرغم من أن الدور الذي تلعبه المكتبة المنزلية ليس قاصرا على مجرد حفظ الكتب، بل اعتبرت وسيلة تعبيرية عن المستوى الثقافي لمقتنيها وإن لم يرافقها وعي بأهمية ما يقتنون في ظل الحرص على الوجاهة الاجتماعية أمام الآخرين.

إلا أن نافذة الآفاق المعرفية الجديدة التي تفتحها مكتبة المنزل من خلال الدوريات ووجود الكتاب الفصلي جعلت من وجودها في المنازل السعودية وسيلة تواكب عجلة التغيير اليومي، وكما أوضح نجار «الحياة لا تقف عجلتها وهناك حركة معلوماتية متدفقة، لذلك فوجود المكتبة المنزلية يعد من الأمور الأساسية»، وبين أهمية وجود الدوريات والكتب الفصلية في مكتبة رجل الشارع العادي الذي ربما لا تحظى مكتبته إلا بشيء قليل منها وبعض كتب مدرسية لا تسمن ولا تغني من جوع.

يطل الوجه الآخر لكثير من البيوت التي لا تحرص على وجود الكتاب أصلا، كما أوضح ذلك الدكتور أنمار مطاوع «تنقصنا ثقافة النشأة على قراءة الكتاب»، وفي حين يظهر جليا حرص النخبة المثقفة على وجوده يبرز التباين في نوعية الكتب المقتناة بين العامة وذوي الاختصاص، وبحسب مطاوع «من الطبيعي جدا أن تكون مكتبة المتخصص مكتبة شاملة لمجالات اهتمام صاحبها سواء كانت أدبا أو اقتصادا».

إلا أن الحرص على تنمية الثقافة القرائية يجعل تخصيص جزء منها لبقية أفراد الأسرة مهما وهو ما أشار إليه نجار «من المهم تخصيص جزء لكتاب الطفل وللرواية والقصة وغيرها من الكتب التي يمكن أن تثير الحافز للقراءة»، وفي ظل اختلاف السعوديين حول الدور الذي تلعبه المكتبة المنزلية في الثراء المعرفي والثقافي تطل المكتبة الإلكترونية كتقنية حديثة طرقت الأبواب المغلقة للمساهمة في نشر ثقافة القراءة وكما أوضح مطاوع «إلى حد ما استطاعت المكتبة الإلكترونية بصغر حجمها أن تحل محل المكتبة المنزلية وأن تكون رفيقا دائما لأصحابها من خلال الأقراص المدمجة واحتوائها على كم معلومات ضخم يسهل الوصول إليها والتعامل معها في أي وقت».

التعددية المعرفية والثقافية للكتب التي يحرص السعوديون على اقتنائها تتأرجح كفتها بين سندان الممنوع الذي تتهافت العقول إليه ومطرقة ترسيخ الفكر الواحد الذي يحاول تنصيب نفسه باعتباره فكرا مقدسا وبحسب تعبير مطاوع «الجانب الديني غير المشبع يقف وراء نهم الكثيرين والإقبال الشديد على كتب تحمل ألوان الطيف الديني المختلفة وإن كان أغلبها لا يحمل فكرا معتدلا»، وبين التركيز على الجوانب العبادية الطقوسية مثل فقه المعاملات تطل كتب الثالوث المحرم الجنس والدين والسياسة التي تلقى رواجا بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

العناوين السياسية التي حملت توقيع كاتبيها من رجال سياسة كانوا ملء السمع والبصر استطاعت أن توجد لنفسها مكانا بارزا داخل مكتبة المنزل تقاطعت فيها خطوط حياة السعوديين بـ «حياتي» العنوان الذي حمله كتاب الرئيس الأميركي بيل كلينتون والتي تفوح منه رائحة النساء الموقعة ببصمة الحسناء مونيكا لوينسكي.

وبحسب تعبير مطاوع «أصبحت الكتب التي تتناول الموضوع السياسي موجودة في سوق النشر السعودية خاصة كتب السير الذاتية، التي تغطي الجوانب الشخصية للسياسيين وهي أمور يحرص عليها القارئ في ظل ما يثار من شائعات وأقاويل».

إلا أن لغة التسامح التي حظي بها توأم الثالوث المحرم السياسة والدين لم تكن كذلك مع الكتب التي تتناول الجنس، لأن الحرمان الذي تمارسه بعض الجهات من خلال منع تداول أي عناوين جنسية وعدم تسهيل وصول هذه النوعية ليد القارئ مضافا إليها واقع الحال الذي يقع تحت ظله المتلقي أمام المتاح من «الكتب سيئة السمعة« بحسب تعبير مطاوع «منع الكتب التي تحمل فكرا علميا يناقش هذه الموضوعات، وجعل من الكتب سيئة السمعة، التي تبيع مادتها على فتات الحاجة والظمأ عند المتلقي تلقى رواجا أكبر».