مديرة تعليم البنات في الإحساء لـ«الشرق الأوسط»: المعلمة مسؤولة عن حماية أفكار طالباتها من الانحراف.. وتطوير المناهج مستمر

TT

شددت بدرية بنت عبد الله آل الشيخ مبارك مديرة الإشراف التربوي للبنات بوزارة التربية والتعليم بمكتب الهفوف بالإحساء على ضرورة حماية أفكار الطالبات من شوائب الغلو والانحرافات الفكرية، عن طريق دور المعلمة القدوة. وطالبت المعلمات بأن يتمثلن الدين الإسلامي الحق النقي من شوائب الغلو، والانحرافات الفكرية، الدين الإسلامي الذي يدعو إلى الوسطية، بلا إفراط ولا تفريط، وان يستقوا من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي امتثل أوامر ربه.

وأكدت المبارك لـ «الشرق الأوسط» أن الحوار الفكري في رأيي هو الطريق الأسلم إلى المعرفة والوصول إلى الحقائق عن طريق استعمال العقل والفكر، وإيصالها إلى الآخرين، والحوار مقرون بالجانب الخلقي واحترام الآخرين والحرص على مصالحهم والرغبة في إيصالهم إلى الصواب وليس الإضرار بهم.

وترى مبارك أن عملية تطوير المناهج الدراسية عملية تربوية لابد أن تأخذ طابع الاستمرارية، وقالت إن مناهجنا الحالية ليس بها أخطاء تفرض الإصلاح، ولكن هي متابعة للتطور العلمي، كما أن العديد من المناهج الدراسية خضعت لعملية التطوير سابقا، بما فيها المواد الدينية ومواد اللغة العربية والرياضيات الحديثة.

أسئلة ومحاور حول الطالبات وتعليمهن وطرق حماية أفكارهن من الانحراف وعن المرأة السعودية والحوار الوطني وجهتها «الشرق الأوسط» لمديرة الإشراف التربوي بتربية وتعليم بنات الإحساء بمركز الهفوف فكان هذا الحوار....

> كيف ترين مشاركة المرأة السعودية في جلسات الحوار الفكري الوطني في دوراته المتكررة في مناطق المملكة وبمواضيع مختلفة تخاطب المرأة والشباب والوطن؟

ـ مشاركة المرأة السعودية في جلسات الحوار الفكري الوطني في دوراته المتكررة تجربة ناجحة ودل على نجاحها ذلك التفاعل الفكري بين الحاضرين ونتائج ايجابية تمثلت في توصيات شكلت نقلة نوعية في تحقيق كل ما من شأنه أن يخدم هذا الوطن الغالي وتتوافق مع مساعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله والذي اسر قلوب شعبه باهتمامه وتوجيهاته الحكومية لهم.. أريد ان أوضح فكرة معينة، المرأة السعودية ليست مغيبة عن الساحة كما يتداول الآن وإنها طفت على السطح من متاهات الإهمال. لا.. المرأة السعودية كانت موجودة ومازالت ولها دورها ونشاطها وتفاعلها واهتمام ولاة الأمر بها أوصلها إلى مناصب عديدة على رأسها منصب وكيل وزارة في التربية والتعليم كما أنها تقيم اللقاءات التربوية وتشارك فيها على أعلى المستويات من المحاضرات والندوات والحوارات الهادفة هذا من الناحية التربوية كذلك من الناحية الاجتماعية فالجمعيات الخيرية النسائية لها دورها الفعال الذي يضاهي دور أخواتها في أي بلد آخر ولكن الجديد هو التسليط الإعلامي العالمي عليها ودخولها هذا المضمار.

> في خضم تلك المشاركة تفاعلت وتبارت الأقلام النسائية السعودية بمختلف انحاء المملكة وكتبت الآراء والمقترحات في ظل ذلك لاحظنا غياب القلم النسائي الاحسائي إلى ماذا تعزين ذلك؟

ـ لقد لمست التفاعل النسائي في الإحساء مع مشاركة المرأة بل معظمهن يتابعن جميع الجلسات ودارت حوارات ساخنة أيضا بين المتابعات للاحداث إما غيابهن الإعلامي فانا احمل جزءا من المسؤولية للمندوبات الصحافيات فهن الطريق الأمثل الذي يوصل صوت أخواتهن إلى المجتمع بعمل التحقيقات الصحافية ومناقشة الأحداث فلو كانت هناك تغطية لوجدت الكثير من الأقلام النسائية الأحسائية ولبرز ذلك التفاعل.

> تتهم أكاديميات وتربويات الإحساء بالجمود الثقافي والإفلاس الفكري وعزوفهن عن المشاركة في قضايا الوطن والمجتمع واقتصارهن على قاعة الدرس والطالبات والمحاضرات؟ ما رأيك؟

ـ كثير من التهم أصحابها براء منها، وكذلك أخواتي الأكاديميات والتربويات في الإحساء، فالإحساء تزخر بذوات الفكر النير والمتفاعلات مع قضايا الوطن والمجتمع والباحثات على قدر كبير من الوعي والثقافة وتشهد لهن المحاضرات التي يلقينها والندوات التي يشاركن فيها بذلك.

> ماذا عن وجهة نظرك في مبدأ الحوار والانفتاح على الآخر وتبادل الثقافة والأفكار بين مختلف الاتجاهات والمذاهب والبيئات؟

ـ الحوار الفكري في رأيي هو الطريق الأسلم إلى المعرفة والوصول إلى الحقائق عن طريق استعمال العقل والفكر وإيصالها إلى الآخرين والحوار مقرون بالجانب الخلقي واحترام الآخرين والحرص على مصالحهم والرغبة في إيصالهم إلى الصواب وليس الأضرار بهم.

الوقت الحاضر هو أحوج ما يكون إلى الحوار الهادف وتبادل الثقافة والأفكار بين مختلف الاتجاهات والمذاهب والبيئات، والدعوة إلى الحوار إنما هي تجديد أوامر الدين الإسلامي الذي دعا الله سبحانه وتعالى رسوله إليه في قوله (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). فهذه دعوة للحوار الهادئ الهادف إلى مصلحة المحاور فدائما الحوار يؤدي إلى التقارب فالنفس البشرية تميل بطبيعتها إلى الاطمئنان للأمور الواضحة والمبينة والتي شاركت فيها بالرأي أما ما يتسم بالغموض فدائما توجس منه خيفة وقد يدفعها لأن تكون حاجزا أمامه بل وحتى تصل إلى مهاجمته لإضعافه. فبالحوار يتجلى ضوء الحقيقة وتتضح مناراته لتسهل للكل السير فيه على الهدى لبلوغ الأهداف الإصلاحية الشاملة للجميع والمفلس الذي يطفئ هذا الضوء ليقبع في ظلامه الدامس ويخرج من المسيرة الطيبة.

> كيف يمكن للمعلمات والمثقفات والتربويات حماية أفكار الطالبات بالمدارس والجامعات والمجالس العلمية من الإرهاب والغلو والتطرف في شؤون حياتهن العلمية والعملية والاجتماعية والدينية؟

ـ حماية أفكار الطالبات تأتي عن طريق القدوة الحسنة فلا بد للمعلمات أولا أن يتمثلن الدين الإسلامي الحق النقي من شوائب الغلو والانحرافات الفكرية، الدين الإسلامي الذي يدعو إلى الوسطية فلا إفراط ولا تفريط دين حسن الخلق، الدين المتمم لمكارم الأخلاق وأن يستقوا من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي امتثل أوامر ربه بقوله: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ما أعظم هذه الآية في الدعوة إلى الإحسان إلى من عاداك وبأن هذا الإحسان سيحول هذا العدو إلى ولي حميم. كما يجب أن تقف المعلمات والمربيات موقفا صارما ضد الغلو والإرهاب والتطرف ومحاربته ومتابعة بذوره لاقتلاعها قبل أن تنمو وتثمر دمارا للمجتمع والوطن.

> يحدث أحيانا أن تقف المعلمة أمام الطالبة عاجزة عن الإجابة في بعض المواضيع يفسره البعض بضعف ثقافة الأستاذة هل في ذهنك تفسير آخر لهذه الظاهرة؟

ـ يفترض ألا يمر على المعلمة موقف عجز عن إجابة أو سؤال تطرحه الطالبة، فلا بد للمعلمة أن تطور نفسها دائما، ولا تكتفي بما حصلت عليه في أثناء دراستها الأكاديمية، فلا بد من متابعة ما يستجد من أبحاث ودراسات في تخصصها وكذلك أن تنوع من قراءتها وثقافتها في مختلف المجالات، كما انه ينبغي على المعلمة أن تكون يقظة وواعية في مواقفها التربوية وتوجيهها للطالبات.

أما إذا كان عجزها من نوعية الأسئلة التي قد تطرحها بعض الطالبات وتكون صادرة عن معلومة مشوشة، فيجب على المعلمة المربية أن توجه تلميذاتها إلى التفكير السوي السليم والبعد عن المفاهيم المنحرفة، وفي كل الأحوال يجب أن تقف المربية موقف الواثق الموجه وأيضا الباحث فلا يمنع أن يشارك الجميع في البحث عن موضوع معين ليصلن إلى الإجابة السليمة وتوجيههن إلى طرق البحث العلمي الصحيحة.

> هل تعتقدين أنه يمكن الاستفادة من المرأة السعودية في مجالات أخرى غير المتعارف عليها في مجتمعنا المحلي كالشرطة والجوازات والسجون والوظائف العسكرية ما لم يكن فيه اختلاط ولم يكن مخلا بتعاليم الشرع المقدس؟

ـ نعم والحقيقة المرأة موجودة في بعض القطاعات التي ذكرتها ويمكن الاستفادة منها بل ستكون كذلك ناجحة جدا لو فتحت المجالات الأخرى لها كالمصانع والمؤسسات التجارية النسائية وغيرها وأقول إن المرأة المسلمة بحجابها الشرعي واحترامها لذاتها وحفاظها على عفتها تستطيع أن تثبت نفسها في أي مجال خاصة في وطننا الغالي الحاكم بالشريعة الإسلامية، وهذا سيجعل البيئة التي ستعمل بها بيئة بعيدة عن الاختلاط والإخلال بتعاليم الشريعة السمحاء.

> البعض من التربويين يرون ضرورة تطوير المناهج الدراسية بالمملكة.. ما رأيك في فكرة تطوير المناهج؟

ـ المناهج الدراسية غاية في الأهمية فهي القاعدة الأساسية التي يبنى عليها كل ما يتصل بالأهداف الايجابية للمجتمع، والبحث العلمي ذو خاصية متطورة متجددة، فالقوانين والنظريات العلمية، خاضعة للدراسة والتدقيق فليس هناك علم يقتصر على حد معين سواء في العلوم البحتة أو العلوم الإنسانية كما أن البيئة الاجتماعية المتطورة ودخول التقنيات الحديثة أسهمت في رفع مستوى التلقي لدى أفراد مجتمعنا.

بناء على ذلك أرى أن تطوير المناهج عملية تربوية يجب أن تأخذ طابع الاستمرارية وعملية التطوير التربوي ليس معناها أن مناهجنا الحالية بها أخطاء ينبغي إصلاحها أو خلل يحتاج من سده ولكن هي متابعة للتطور العلمي كما أن العديد من المناهج الدراسية خضعت لعملية التطوير سابقا بما فيها المواد الدينية ومواد اللغة العربية والرياضيات الحديثة، وبما أن هذا التطوير تقوم به كوادر وطنية مدركة احتياجات أفراد مجتمعها المتمسك بعقيدته الإسلامية السمحة والتي تعد المرجعية لكل تطوير يخدم المجتمع فنرحب بهذا التطوير.

> كيف تنظر بدرية الشيخ مبارك إلى ظاهرة التعارف بين الجنسين البنات والأولاد في غرف الماسنجر والشات وعبر الشبكة العنكبوتية العالمية؟

ـ كم يؤلمني جلوس الكثير من أبنائنا وبناتنا أمام الإنترنت لساعات طوال للتحدث عبر الماسنجر وغيرها.. هدر وقت وجهد وإخلال باستخدام التقنية الحديثة فبدلا من أن يستفاد منها في الحصول على المعلومات المفيدة التي تزخر بها نستخدمها للتسلية والأحاديث الخالية من المواضيع والأخطر أن يكون بين الجنسين المختلفين وحتى إن كان هناك سرية في الأسماء ولكن هدر للمشاعر وانتهاك حرمتها والتي يجب أن يحافظ عليها إلى أن تخرج في طريقها الشرعي.

> يقال إن طالبات الأحساء عرفن بالتفوق العلمي وحسن الخلق بين طالبات مدارس الشرقية.. كيف ترين ذلك؟

ـ كمربية أرى أن جميع الطالبات سواء في الشرقية أو في الأحساء هنا فجزء منهن يسعدنا بتميزهن ويحزننا خروج بعضهن عن الجادة وأنا لست مطلعة على طالبات الشرقية ولكن ولله الحمد معظم طالبات الأحساء يتميزن بحسن الخلق والأدب واحترام النظم المدرسية كما أننا سنويا نجني ثمار جهودهن تفوقا ملحوظا وما جائزة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد حفظه الله إلا خير شاهد على هذا التفوق ففي معظم مهرجاناتها كان للأحساء الحظ الأوفر فيها.