جدة تشن حربا على الغربان بعد مخاوف أنفلونزا الطيور

هاجرت من (الواق واق) واستقرت في مدينة النورس

TT

يقول أهالي جدة إنها وصلت إلى مدينتهم لأخذ قسط من الراحة، قبل استكمال رحلتها نحو المناطق الاستوائية الدافئة في افريقيا، وان عددها كان يبلغ 10 آلاف، غير أن منظر النفايات على كورنيش عروس البحر الأحمر أغراها بالتوقف، واختيارها وطنا جديدا لها بدلاً من وطنها السابق.

وتروي فئة أخرى من سكان جدة أن وجود طائر الغراب جاء نتيجة لفكرة أحد أمناء مدينة جدة السابقين، الذي استوردها من غابات نهر الأمازون في البرازيل، للاستفادة منها في القضاء على القوارض المنتشرة على كورنيش جدة، التي بلغت خطورتها إلى قرض مراكب البحارة والصيادين.

هكذا تحكى قصة انتشار الغربان السوداء على ساحل البحر الأحمر السعودي، التي وجه الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، باتخاذ كافة الاجراءات والتدابير لمكافحتها، وأعلنت أمانة مدينة جدة على ضوء ذلك التوجيه بدء حملتها أمس الأول، بمسيرة انطلقت من ميدان النورس على امتداد طريق الكورنيش.

وأوضح المهندس احمد المحنبي، مدير عام صحة البيئة بأمانة جدة، أن فترة الحملة تمتد لمدة شهر واحد، مبينا أن هدف حملة القضاء على الغربان يتركز في الحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين، مطالبا إياهم باتباع التعليمات والإرشادات التي أعلنتها الأمانة.

وأشار المهندس المحنبي، إلى أن الغربان المنتشرة هي دخيلة على المنطقة، بقوله «الغربان في جدة من فصيلة الغراب الهندي، والغراب الجنوب افريقي، وهي تتغذى على جيف الحيوانات والقوارض وفضلات الطعام، وأن مواقع إنشاء أعشاشها يكون دائما على ارتفاعات منخفضة تتراوح ما بين 8 إلى 12 مترا، وتقوم بحفظ بيضها داخل هذا العش، ومعدل تفريخها يبلغ بيضة واحدة في موسم التفريخ».

من جانبه، بين عوض القحطاني، مدير إدارة الوقاية الصحية، أن أفضل سبل مكافحة الغربان تتم بإزالة الأعشاش وسحب البيض، مضيفاً «يتم وضع السموم المناسبة والمختارة على الأطعمة التي توضع كطعم للغربان في الأماكن التي ترتادها للتغذية، وبالذات خلال ساعات الفجر الأولى (وجبة إفطار الطيور) وقبل طلوع الشمس، لأن الشمس تبطل مفعول السم». وعبر القحطاني عن دور المواطن والمقيم في مساندة الحملة، عبر المبادرة بتقليم الأشجار للتقليل من مواقع الأعشاش السكنية للغربان، وبالإضافة إلى التخلص من النفايات من بقايا الأطعمة بشكل يومي وفوري.

تجدر الإشارة، إلى أن خطر الغربان على صحة العامة يتنامى مع انتشار مرض انفلونزا الطيور، التي قد تساعد في نقل هذا الفيروس إلى الإنسان. وعند سؤال الكاتب محمد الحساني، المتخصص في قضايا الخدمات العامة بالمدن، من خلال كتابته في الصحف السعودية، عن كيفية انتقال الغربان، وما هي العوامل المناخية التي تناسبها للعيش، أجاب قائلاً «أعتقد أن انتقالها جاء في مواسم الهجرة، التي تتمثل في فترة فصل الشتاء، والانتقال لمواقع دافئة، وتلك المواقع تتوفر بكثرة في القارة الافريقية». ويضيف الحساني «يعود وجودها وتكاثرها في مدينة جدة إلى البيئة الدافئة والمناسبة لها، كذلك النفايات المتراكمة على الكورنيش بسبب عدم الوعي لبعض السكان والأهالي، الذين يقومون بترك بقايا أطعمتهم مما يوفر لهذه الغربان طعاما مناسبا».

ويروي الحساني أنه شاهد كثيرا من الغربان الموجودة في جدة، خلال زيارته للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، وعلق قائلا «كان يطلق عليها في الماضي بلاد (الواق واق) بسبب كثرة الغربان فيها، وهي تهاجر في فصل الشتاء نحو افريقيا، وتكون جدة إحدى محطات سفرها إلى افريقيا، لكن في ما يبدو ومن خلال ملاحظتي بتكاثرها هنا منذ أكثر من 10 سنوات، أن بيئتنا تناسبها».

وتشتهر الغربان بذكاء وانتباه نادر بين الطيور، مما يصعب اصطيادها المباشر، وقد تشكل خطورة على الإنسان بمهاجمته كردة فعل على قتلها، كما تجذبها المعادن اللامعة كالذهب والفضة، وكثيرا ما توجد نفائس على أعشاشها يسرقها ذكور الغربان لبناء العش الذي يتكون عادة من أسلاك الحديد والأخشاب المتينة. وتنتشر الغربان بشكل كبير على طول سياحل البحر الأحمر الشرقية والغربية، خاصة في موانئ الدول المطلة عليه.