الإرهاب يستمر في استهداف صغار السن وتوظيفهم

د. العاني: خير لنا شاب يرسم بدلاً من أن يفجر * د. النفيسة: يتورط الصغار لضعف مخزونهم الديني والثقافي

TT

حين أعلن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة للعالم عبر أحد تسجيلات الفيديو، والذي بثته وتناولته مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، وذلك قبيل دخول القوات الأميركية للعاصمة الأفغانية كابول لإسقاط نظام طالبان «نحن نريد استثمار حماسة الشباب في حربنا ضد الإرهاب، وبالأخص من هم في الفئات العمرية التي تتراوح بين 18 ـ 25 عاما». حمل المعنيون في الدول العربية والإسلامية ـ الذين يعلمون أن تلك الفئات العمرية المستهدفة لن تكون إلا من داخل حدودها، ومن أبناء وطنها ـ الأمر محمل الجد.

ولهذا، لم تكن حرب الحكومة السعودية على الإرهاب بواسطة المكافحة الأمنية فقط، ولكنها شملت الجانب الفكري المغذي للفكر الأصولي المسلح، وذلك عبر نشراتها الدورية في وسائل الإعلام، والمحاضرات والندوات في مدارس وجامعات المملكة.

ومع ذلك حملت قائمة الـ36 من المطلوبين الأمنيين لوزارة الداخلية 21 شابا تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عاما، ويتوزعون ما بين عشرة أشخاص يمارسون أعمالا إجرامية داخل المملكة، و10 آخرين ما زالوا خارجها وبانتظار عودتهم، وكذلك بما سيحملونه من الخارج معهم.

وكان عبد العزيز التويجري (22عاما)، ومحمد الغيث (23 عاما)، اللذان شاركا في عملية الهجوم على منشأة ابقيق النفطية ـ شرق السعودية ـ بالإضافة إلى من سقطوا في استراحة اليرموك، ومعظمهم في نفس المرحلة العمرية للتويجري والغيث، آخر من سقطوا من شباب الوطن بعد محاولتهم للعبث به، فهل هذا دليل على فشل احتوائهم ضمن الخطة الفكرية الجارية. أم ما زالت الخطة بحاجة للمزيد من الوقت والطرق الجديدة.

ويرى الدكتور مصطفى العاني الباحث في مركز الخليج للأبحاث والدراسات أن سبل احتواء هؤلاء الشباب لا تتم إلا عبر ثلاثة عناصر هي المنزل، والمدرسة، والمجتمع.

ويقول الدكتور العاني عن مكمن العلة والمشكلة في تجنيد الشباب تنبع من «نحن في العالم العربي والإسلامي لم نأخذ عمل وحركة الجماعات الأصولية في الماضي بمحمل الجد، وتركناهم يعملون، ولهذا وببساطة وصلنا لهكذا نتائج».

ويعتبر الدكتور علي النفيسة مدير التوجيه والتوعية بوزارة الداخلية السعودية أن تورط صغار السن في أعمال إرهابية يعود إلى أسباب مختلفة، ويذكر منها «ليس لديهم مخزون ديني وثقافي يؤهلهم للتمييز، وفهمهم للدين سطحي، وبالذات من كان منهم حديثا بالالتزام».

وعن ما إذا كان ذلك ناتجا عن تردي أوضاع أسرهم المادية أو لتعليمهم البسيط، يقول النفيسة: «في الحقيقة بعض من انخرطوا في هذه الجماعات الأصولية أوضاع أسرهم المادية جيدة جداً، بل لا أخفيك سرا بعض منهم كانوا من مدمني المخدرات، والسفريات للخارج، فالمشكلة لا تنحصر بهذة الزاوية فقط».

ومن جانبه، لا يرى الدكتور مصطفى العاني قضية الانفتاح هي السبب وراء اتجاه من هم في فئات عمرية صغيرة إلى طريق الإرهاب، مستدلاً بمن خرجوا من دول المغرب ومصر رغم الحياة الإنفتاحية المتوفرة لديهم.

وعن ما إذا كانت الدول العربية والإسلامية تعمل لفصل شبابها عن قضاياهم المعاصرة (قضية فلسطين، والأوضاع في العراق، وأفغانستان)، التي تساهم في شحنهم للتحول إلى قنابل بشرية، يقول العاني: «إستحالة أن يتم هذا، ولكن ما نحن بحاجة إليه أن يكون هناك تفسير إعلامي واع للأحداث».

ويدعو الخبير والمختص بشؤون الإرهاب الحكومات العربية والإسلامي بتبني استراتيجية بعيدة المدى في مواجهة الفكر الإرهابي، معتبراً أن ما يحدث لا يصبو عن كونه إجراءت آنية، قائلاً: «ما يحدث من ندوات ومحاضرات توعوية لا بد أن تتعدى النمط السائد وهو مجموعة من كبار السن يتحدثون، والصغار يستمعون، لا بد من مشاركتهم في الحوار، والتعبير عن حريتهم».

ولكن الدكتور النفيسة يؤكد من جانبه أن ما يجري في المملكة من استراتيجية فكرية لمواجهة الإرهاب هو خطة بعيدة المدى، رابطاً استمرار هذة الخطة بانقشاع الغيمة السوداء التي تسير فوق رؤوس الشباب.

وعند سؤال مدير التوعيه والتوجية بوزارة الداخلية الدكتور النفيسة عن انضمام صغار السن إلى تلك الجماعات على الرغم من استمرار وتواصل التوعية الفكرية في المملكة، أجاب قائلاً: «من قاموا بتحريضهم مارسوا عليهم حجراً فكرياً، بحيث لا يستمعون إلا لهم، وذلك بعد تكفيرهم لولاة الأمر، والعلماء، واستغلال هولاء المحرضين لنقطة أن هولاء الشباب حديثو التزام وتدين».

ويقدم الدكتور مصطفى العاني حلاً لإحتواء هولاء الشباب من براثن الإرهاب، بقوله: «لا بد من تدعيم المواهب، وذلك بإنشاء مراكز لا ترتبط بمواهب فكرية أو سياسية، وقيام هيكلة هذه المراكز على تشجيعهم وتدعيم مواهبهم، فخير لنا وللعالم أن يكون لدينا شاب يستخدم ريشة الرسم بدلاً من التفجير».