ترشيح استخدام أسلوب «الحرب البيولوجية» للقضاء على حمى الضنك في جدة

وزير الزراعة: المسطحات المائية ستتعرض لرش قوي بالطائرات

TT

تستعد السعودية حاليا لخوض حرب لا هوادة فيها للقضاء على البعوض المتسبب في إصابات حمى الضنك، التي تشهدها جدة على الساحل الغربي للبلاد، فيما يرجح أن تكون هذه الحرب «حربا بيولوجية» بمشاركة عدد من الجهات ذات العلاقة.

ويأتي ذلك فيما دعا خبراء في مجال الصحة لشن «حرب بيولوجية» تستهدف القضاء على البعوض الناقل لمرض حمى الضنك الذي استوطن بمدينة جدة السعودية، لتصبح واحدة من المدن الموبوءة بهذا المرض على مستوى العالم.

وأكد عالم سعودي خبير في مجال الأحياء الدقيقة والطفيليات، أن الحل الوحيد للسيطرة على هذا المرض هو القضاء عليه من جذوره عن طريق نوع من «العفن» قام باكتشافه يمكنه القضاء على يرقات «الناموس» الناقل للمرض.

في هذه الأثناء، أكدت وزارة الزراعة السعودية، أن دورها في مكافحة مرض «حمى الضنك»، الذي ظهر أخيرا في مدينة جدة (غرب البلاد)، هو دور مساند لأمانة مدينة جدة.

وكشف الدكتور فهد بلغنيم وزير الزراعة السعودي، عن وجود خطة متكاملة لدى وزارته، في إطار دورها المساند للجهات ذات العلاقة هناك، إلى جانب المعدات والآليات والكوادر البشرية، التي رصدتها وزارته لمواجهة «حمى الضنك».

وأوضح بلغنيم لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارته تقوم بدور مساند لما تقوم به أمانة مدينة جدة في جانب مكافحة البعوض الناقل لمرض «حمى الضنك»، مؤكدا أن الدور الأساس في مكافحة هذا المرض مناط بأمانة المدينة السعودية.

وأوضح الوزير أن «دور وزارة الزراعة، هو دور مساند للأمانة، في مكافحة البعوض، خصوصا خارج مدينة جدة، وفي المسطحات المائية الكبيرة التي تحتاج إلى رش قوي من الطائرات».

من جهته، قال الدكتور محمد بن سليمان الشاذلي، رئيس قسم الأحياء الدقيقة والطفيليات والمشرف العام على وحدة المجاهر الإلكترونية في كلية الطب بجامعة الملك فيصل (مكتشف العفن ويملك براءة اختراع عالمية فيه)، ان الوسائل الموجودة حاليا لمكافحة البعوض تبقى طرقا كلاسيكية في محاربة البعوض، ولا بد من المضي قدما في الوسائل البيولوجية التي تتجه لها الأبحاث في معظم دول العالم، خاصة أن الطرق المتبعة في المكافحة ينجم عنها من جهة أخرى أمراض خطيرة يأتي في مقدمتها السرطان.

الدكتور الشاذلي الذي كان يتحدث أمس خلال ورشة عمل عن (الآثار السلبية عن تكوّن المستنقعات الناتجة من المخلفات السائلة ومياه السيول «حمى الضنك»)، أقيمت في جامعة الملك عبد العزيز، ضمن حملة توعوية كبيرة تستهدف كل مناشط الحياة والمجتمع في السعودية، قال ان «هناك أبحاثا في أميركا عن طريق الهندسة الوراثية لكي يتغذى الناموس على بعضه، وان مفاوضات تجري بينه والعديد من مراكز الأبحاث لمعرفة آلية «العفن» المكتشف».

وأكد أن العمل الوطني في هذا الاتجاه البيولوجي سيضمن القضاء على الامراض الوبائية وليس مكافحتها ضمن خطة واستراتيجية عالية المستوى، بدلا من الحلول المؤقته للكوارث بعد حدوثها.

وأوضح الدكتور الشاذلي لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود الحالية في القضاء على المستنقعات ليست كافية على اعتبار أن الغربان والقرود تشكل ما سماه «مستودعا كبيرا» لبعوضة حمى الضنك، وهو ما يتطلب القضاء على أسراب الغربان التي انتشرت بشكل كبير في جدة، مؤكدا أن الخطوة القادمة هي انتظار الموافقة على دعم المشروع لتطبيقه رسميا في مكافحة البعوض، مشيرا الى أن هناك مشروعا تم تقديمه إلى جهات الاختصاص بتكلفة 10 ملايين ريال.

الحضور الذي تفاعل بشكل كبير مع ورقة الدكتور الشاذلي والمعلومات القيمة التي تناولها، بدا عليه التجاوب خاصة أن معظم الأوراق السابقة التي غطت ورشة العمل تناولت نفس المعلومات السابقة عن المرض، وهو ما كان دليلا واضحا على نقص المعلومات حول مرض حمى الضنك حتى لدى المختصين أنفسهم.

غير أن الجدية التي كان المختصون يتعاملون بها مع كل ورقة علمية لم يقابلها في الجانب الآخر حضور لمسؤولين حكوميين من «صنّاع القرار»، وهو ما يعني أن مختلف الحوارات كانت في دائرة ضيقة من الاكاديميين والمختصين في هذا المجال رغم «شعبوية» المرض، الذي بات مهددا لكل قاطني ثاني أكبر مدينة سعودية.

وفي الوقت الذي ألقت فيه معظم الأوراق باللوم على جهود أمانة المدينة وعمليات الرش فيها، ومدى جديتهم في معالجة مواطن تكاثر البعوض، قال مسؤول في أمانة جدة حضر الدقائق الأخيرة من الندوة الصباحية، ان هناك خللا كبيرا في آلية صرف المبالغ المعتمدة للمناقصات، وأنهم يحتاجون لأكثر من 180 يوما لاستصدار التعميدات المالية، وهو ما يرى المسؤول بأنه أمر «مربك لحضورهم في الوقت المناسب».

من جهته أعطى عضو المجلس البلدي في جدة ورئيس قسم طب الأسرة في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور حسين البار، نبذة عن جهود المجلس في هذا الشأن، مشيرا إلى عدد من التوصيات والزيارات الميدانية لأماكن انتشار البعوض وما تم التوصل إليه مع الجهات المعنية· كما انتقد بشدة الميزانية التي كانت معتمدة في عقد الصيانة ومكافحة البعوض في السنوات الخمس الماضية، التي قال بأن نصيب المكافحة لا يتعدى مبلغ 21 مليون ريال لمدينة جدة، أي نحو أربعة ملايين ريال فقط سنويا.

الدكتور البار كشف عن حملة توعوية جديدة تبدأ اليوم لمكافحة حمى الضنك تشمل المدارس والجامعات والأماكن العامة، خاصة أن معدلات الاصابة خلال الشهرين الماضيين توازي ما تم تسجيله خلال العام الماضي، حيث بلغت الاصابات منذ بداية العام نحو 350 إصابة تركز نحو 75% من الحالات في الرجال، و25 في المائة في النساء.