.. والمثقفات يطالبن بإمرأة تشغل المكان الشاغر

TT

لم يكن الجدال حول غلبة النظرة السلبية والقاسية في الشعر الغربي للمسلمين والعرب ولشخصية النبي محمد عليه السلام التي أعلنتها الدكتورة فاطمة إلياس أستاذة النقد الإنجليزي بكلية التربية بجدة الشغل الشاغل لجماعة حوار بالنادي الأدبي الثقافي بجدة مساء يوم الثلاثاء الماضي 21 مارس، بل شغل الجدال بجانب ذلك اقتراح امرأة تشغل مكان الدكتور عبد الله المناع عضو مجلس الإدارة المستقيل بعد توليه منصب نائب رئيس النادي الأدبي بـ 24 ساعة فقط، من باب أهمية إدراج المرأة في عضوية مجلس الإدارة لتكون تجربة المثقفات تجربة متكافئة مع توجه مؤسسات المجتمع التي سبقت المؤسسات الثقافية خاصة تجربة الغرفة التجارية بجدة.

وكانت ورقة إلياس التي قدمت فيها تحليلا وقراءة لمجموعة كبيرة من قصائد الشعر الغربي خلال محورها «قراءة الشخصية العربية في الشعر الغربي» ضمن موضوع «أنا والآخر» الذي تناقشه جماعة حوار لهذا العام، قد أثارت جدالا وإعجابا قويين من الحاضرين بسبب تتبعها التاريخي والعميق، وكما قالت «النظرة السلبية المتطرفة للعرب المسلمين ونبينا محمد عليه السلام تعتبر للأسف غالبة في الشعر الغربي، فلطالما وصف عليه السلام بأنه محب للنساء وشبق وأنه دجال وكاذب وهرطوق منشق في قصائد شعراء غربيين كاثوليكيين ومتزمتين».

وأشارت إلياس من خلال ورقتها التي تتبعت فيها الشعر الغربي لعصور زمنية قديمة ممتدة لما قبل العصور الوسطى، حيث سيطرة الكنيسة والتعصب المسيحي الذي لم يتقبل الإسلام حينها ونظرتهم القاسية للرسول على أنه هرطوق منشق عن الدين المسيحي، وبحسب ما قالت «زعمهم أن الدين المسيحي هو الأصل وأن العرب قبل الإسلام كان منهم مسيحيون وقد انشق عنهم الرسول، مما أدى إلى وصفهم إياه بالهرطوق من الهرطقة أي الانشقاق».

وأشارت لأبرز أصحاب هذه النظرة حينها وهو الشاعر جون ليدجت الذي كانت لقصيدته (سقوط الأمراء) أثر كبير في تعزيز السلبية لدى الشعراء اللاحقين به، وكما قالت «لقد شكك في نبوة محمد وأنه مات بسبب الإفراط في شرب الخمر ليسقط صريعا تنهشه الطيور». وكانت إلياس قد بدأت قراءتها بتسليط الضوء على الشعر الغربي الإيجابي الذي امتدح من شخص النبي محمد واعتبره شخصية عربية مفكرة ونادرة ومن أمثال من ذكرتهم إلياس «الأديب الفرنسي فيكتر هيجو» (القرن 19)، حيث كتب قصيدة بعنوان «السنة التاسعة للهجرة» والتي تغنى فيها بالرسول محمد وامتدح فيها أخلاقه وشجاعته وملامح شخصيته النادرة بحسب قولها، وتابعت: قصيدته تعتبر من أجمل القصائد الغربية التي تغنى فيها بالرسول وكانت ردا على الشاعر الفرنسي فولتير الذي كتب مسرحية مسيئة للرسول والمسلمين عنونها بـ «المتطرف أو محمد»، وكان لها صدى في الأدب الأوربي وقد أساء كثيرا فيها للنبي، حتى أن هيجو دافع عن النبي في هذه القصيدة وجعلها ردا لما وصفه بـ (وقاحات فولتيير).

وضمت إلياس الفيلسوف والأديب الألماني جوته إلى هيجو في نظرته الإيجابية لصورة النبي عليه السلام خلال قصيدة بعنوان «أنشودة محمد» التي تغنى فيها بأخلاقه وفكره، إلا أنه على الصعيد الآخر أشارت إلياس إلى وجود شعراء غربيين كاثوليكيين ومتزمتين نظروا لمحمد وللمسلمين العرب على أنهم شبقيون محبون للنساء وسفاكون للدماء وقتلة ومغتصبون، خاصة بعد سيطرة ما تناقله الرحالة الغربيون في كتبهم لما رأوا عليه حال العرب، ومن أمثال هؤلاء الذين ذكرتهم إلياس «صاحب الفردوس المفقود والفردوس المردود» الأديب جون ميلتون الذي تأثر بالشاعر الإيطالي دانتي في الكوميديا الإلهية حيث أخرج المسلمين من الجنة وأدخلهم النار، واعتبر الجنة فقط للمسيحيين في فردوسه».

وتابعت: أيضا الشاعر سامويل بتلر الذي كتب في عصر التجديد قصيدة ساخرة من العربي المسلم بعنوان «هيوديبراس» وكانت إلياس قد استرسلت في ورقتها لتضم مختلف العصور الزمنية حتى العصر الحديث الذي اعتبرت فيه أن الصورة الشعرية لم تعد ذات قيمة وأهمية فخفت عما قبل، في حين أخذت السينما ووسائل الإعلام تناقل هذه الصورة السلبية عن المسلمين.

وكانت الندوة التي ألقتها إلياس قد جاءت بعد تولي مجلس الإدارة الجديد لمهامه بعد تعيين الوزارة له برئاسة الدكتور عبد المحسن القحطاني، الذي توجهت له احدى الحاضرات باقتراحها بالإجماع إلى أهمية أن تشغل المرأة المقعد الذي خلفه المناع فارغا بعد استقالته وبحسب قولها: «أهمية هذا الاقتراح يأتي في كون نادي جدة امتاز بسبق الريادة تجاه تفعيل دور المرأة، لتتبعه في ذلك بقية الأندية الأدبية، إضافة إلى أن مدينة جدة اتسمت دائما بالسبق التنويري وهي لم تعد خطوة عسيرة في ظل توجه الدولة لتعزيز دور المرأة».

إلا أن القحطاني في ختام الملتقى كان قد أعلن أن المناع ما يزال عضوا في مجلس الإدارة لأنه لم يتوجه باستقالته إلى النادي، وقال: نحن معينون من قبل الوزارة وليس بيدنا ترشيح أحد، والوزارة هي التي تتولى هذا الأمر ولسنا نحن، خاصة أن المناع لا نزال نعتبره عضوا معنا وليس مستقيلا.