آثار حنين تطمس في رمال بدر بعد هدم السور الواقي

TT

تجمع كتب التاريخ والسيرة النبوية على أن موقعة بدر، وما صاحب فصولها من معجزات إلهية، هي البداية والأساس لتاريخ نشأة كيان الإسلام وتعزيز انتشاره، كما يعدّونه تحولاً نوعياً في مجرى الصراع بين المشركين والمسلمين، بحيث شكل الانتصار ديمومة وبقاءً للدين الإسلامي، وهذا ما دعا به النبي محمد صلى الله عليه وسلم «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض».

وتقع مدينة بدر على بعد 150 كلم غرب المدينة المنورة، وتبعد عن البحر الأحمر بنحو عشرين كلم شرقا، وتحديداً عند نهاية وادي الصفراء قبل مصبه في البحر الأحمر بمسافة 10 كلم، وهي ملتقى الطرق بين (ينبع، المدينة المنورة، جدة، ومكة المكرمة)، وهي مقر المحافظة، وعدد سكانها يتجاوز 30 ألف نسمة.

وأساس مدينة بدر أنها كانت من أشهر موارد مياه العرب، كما كانت أحد أسواق العرب المشهورة، ترتادها القوافل التجارية، ويعود أصل التسمية إلى رجل من بني غفار اسمه (بدر من قريش بن مخلد بن النضر بن كنانه) وهو أول من حفر بئراً في بدر.

وفي التاريخ الإسلامي، تكتسب مدينة بدر مكانة، حيث دارت على أرضها رحى معركة بدر الكبرى التي أعز الله بها الإسلام، ويضم ثراها شهداء تلك المعركة والعديد من معالم تلك الموقعة المفصلية بين المسلمين والمشركين من صناديد قريش.

الدكتور تنيضب الجهني، المؤرخ والآثاري، يرى أنه بجانب السرد التاريخي للمعركة وفصولها، فإن شواهد ومعالم المعركة ومعالمها القائمة وأشهرها مسجد العريش ـ الذي كان بمثابة مركز قيادة الرسول أثناء المعركة ـ ومقبرة الشهداء ـ تضم رفاة شهداء معركة بدر الأبرار ـ والعدوة الدنيا (مكان قدوم المسلمين من المدينة المنورة)، العدوة القصوى (مكان قدوم المشركين من مكة المكرمة)، جبل الملائكة (بالجهة الغربية من الموقعة)، وعنده سمع صليل سيوف الملائكة عندما تنزلت لتؤازر المسلمين، كل تلك الشواهد ما زالت بحاجة إلى الكثير من العناية والاهتمام بها تقديراً للمكانة الدينية والتاريخية والدروس والعِبر التي تتابعت شواهدها ما قبل وأثناء وبعد المعركة من العِبر والدروس وما يؤمن به المسلمون أنه انطلاقة فجر دينهم في أول تحد ومواجهة على الأرض، فكانت وقعة بدر الكبرى التي فقد فيها تكافؤ القوى، لا في العدد ولا في العدة، ومع ذلك منيت قريش بهزيمة ساحقة، أدت إلى مقتل عدد كبير من رؤوسها، وأسر آخرين، ووقوع الغنائم بأيدي المسلمين، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون).

أما المتعهد السياحي عبد الحميد هباش، فإنه يلفت النظر إلى أنه ورغم صدور خطة التنمية السياحية للمنطقة، التي ركزت على المواقع الأثرية وأهمية استغلالها، إلا أن ما يحذر منه هو والكثير من المهتمين بالآثار هو عدم منح المواقع الأثرية والتاريخية الأولوية في الاهتمام والرعاية وإعادة تأهيلها، مما يعرضنا إلى فقدها نتيجة الهدم والتجاوزات عليها، ويروون أن موقع موقعة بدر واحد من أبرز تلك المواقع التي يجب أن تطولها يد العناية والاهتمام الرسمي وبشكل فوري ودعم الجهود الفردية التي تبذل للحفاظ عليها، كما أن هدم السور الذي كان يحيط بقبور الشهداء يعرضها للطمس بسبب الرمال واندثار المعالم.