مذكرات مساهم خسر 75% من استثماراته

باع كل ممتلكاته ودخل بثمنها سوق الأسهم

TT

روى لي مستثمر رحلته في سوق الاسهم السعودية منذ أن استثمر فيها قبل عامين حتى ان اخرجته، فقال «دخلت سوق الأسهم على خلاف مع أسرتي، فوالدي لا يرتاح كثيرا لسوق الاسهم، وذكر لي عدة مرات ان السوق التي تعطيك مكاسب سريعة قادرة بأن تسلبها منك بسرعة اكبر، ولكني لم انصت الى والدي واستثمرت كل ما املك من مال، وبعت بيتي وسيارتي، ومغسلة ملابس كنت امتلكها، بل وكل ممتلكاتي، ودخلت سوق الاسهم بقوة، وفعلا استرجعت رأس مالي في وقت قصير، وربحت الكثير، ولم اكد اصدق ذلك، وحاولت اقناع والدي بأن يبيع عمارته ويدخل معنا في سوق الاسهم، ولكن والدي قال لي بالحرف الواحد «انت تحلم» وفعلا اخذت اعدد مكاسبي في سوق الاسهم، واعرضها على اقاربي واصدقائي واقنعهم بالدخول معي في السوق، حتى انني كنت أأسف انني لم ادخل سوق الاسهم من قبل لأكون قريبا من المكاسب الطائلة.

واشتهرت في السوق ولم يمض وقت طويل حتى تبينت لي جوانب في السوق غير ما يسمى بقوى العرض والطلب، جوانب مناورة في السوق، فتعرفت على احد الصناع في السوق، وكان لي بمثابة دليل قوي، يحسن الحديث والتشاور، وهكذا اصبحت على علم بتحركات اصحاب القرار، مع ان حجم استثماراتي لا تؤهلني ان اكون صانعا، ولكن اكتفيت ان اكون ظلا لصانع.

وهكذا كنت اطلع على التشاورات، والمداولات بعد اغلاق السوق، وكنت اتمتع بمكاسبي اليومية في سوق تدار فيه الاسهم باتقان وفن. ولكن النعيم كما يقولون لا يدوم، فانقطعت عني اخبار صناع السوق، ولم يعد صاحبي يطلعني عليها، واصبح يتهرب مني، ويختلق الاعذار والحجج عندما ارغب في مقابلته، وهكذا خفيت عني اخبار صناع السوق، ولم اعد اعرف اتجاهاتهم المقبلة، واصبحت بمفردي في السوق. وتعرضت السوق اخيرا لعملية حصد كبيرة، ووقع ما لم يكن في الحسبان، فقد قرر صناع السوق ان يقوموا بعملية «تكنيس» كبيرة في السوق، فدعست الاسهم وسحقت وتحولت اموال المحافظ الصغيرة لتضاف الى محافظ صناع السوق، ولما كنت من صغار المستثمرين، فرأيت ان اناور في خروجي من السوق، وتنقلت بين الشركات اتجنب الضربات المرسومة، فاستطعت ان اتجنب خسائر كبيرة ما كان غيري ممكن ان يتجنبها. ولما حمي وطيس السوق بعت اسهمي بخسارة 20 في المائة في ثلاث شركات مضاربة وانتقلت الى اربع شركات اخرى مضاربة مستغلا تدني سعرها على امل ان اعوض خسارتي، ولكن لم تتمكن الشركات التي اخترتها من الثبات فهي كذلك محكوم عليها بالتراجع ولم تبق الا شركة واحدة كانت ثابتة واذا تراجعت، فهي لا تتراجع كثيرا، ثم تعود تتماسك فتصعد، ولا اخفيكم كنت معجبا بها وكنت قبل ذلك من احد المكتتبين في اسهمها ووضعت كل ما كان لدي في الشركات الاخرى من اموال على اسهمها، وعللت النفس بأنها شركة سيكون لها مستقبل، فهي تتمتع بحماية قوية من شركة سابك. ولكن الذي حدث انها تراجعت خلال ايام الى اكثر من 50 في المائة من السعر الذي كانت عليه عندما قررت الشراء عليها، ومع ذلك فلقد قررت ان اثبت ثبات الجبال، واصرف النظر عن بيع اسهمها والخروج من السوق، وقلت في نفسي سوف تعاود الصعود وتعوض خسائري، ولكنها في تراجع متواصل وكأنها الفت ذلك واخذت عليه. وانا الان لست في حاجة الى آلة حاسبة لأعرف مدى خسارتي عندما خرجت من السوق فلقد خسرت 75 في المائة من المبلغ الذي استثمرته بعد ان استرجعت السوق كل مكاسب السنتين الماضيتين. وعرفت يقينا انني كنت في حلم».