«ستوريا وي» حي عربي قديم في قلب نيويورك الأميركية

المهاجرون القدماء صمموا ما شاهدوه آخر مرة في بلدانهم

TT

المعلم أبو سعيد يجلس في ذلك المقهى الذي تستنشق رائحة النرجيلة التي تخرج منه على بعد مئات الأمتار، أثناء دخولي المقهى كان أبو سعيد يسألني عما إذا كنت أهلاويا أم زملكاويا، نسبة إلى الأهلي والزمالك أهم أندية مصر في كرة القدم، قلت لأبي سعيد بأنني لست مصريا، ولست سوى زائر للمقهى.

ويقول أبو سعيد: هذا المقهى أول مقهى للنرجيلة في أميركا، وتأسس قبل نحو ثلاثين عاما من الآن، ويعرفه كثير من المصريين في أميركا، بل إن أغلب من جاء إلى مصر منهم كان له ذكرى ومرور بهذا المقهى. ويبدو أن المقهى قديم ومتهالك ولا بد أن تشرع الأبواب دائماً لتخرج رائحة النرجيلة من المقهى لأنه سبق أن واجه شكاوى من القاطنين في العمارة بسبب الرائحة.

ويعتبر مقهى أبي سعيد هو الأقدم في الحي العربي الذي يقع في شارع (ستوريا وي) في نيويورك، ويبدو أن الحي العربي قديم جدا ويشبه ما نشاهده في الأفلام العربية القديمة كطريقة الحديث وما يقدم فيه من خدمات.

ويظهر في الحي العربي الكثير من المحلات التي تستورد بضائعها من الدول العربية وتباع للعرب الذين لا يزالون متمسكين بما كانوا يتذوقونه ويعيشونه في بلادهم، حتى الأفلام العربية الجديدة وأشرطة الأغاني الحديثة تجدها تباع في هذه المنطقة العربية.

في أحد جوانب هذا الحي، يوجد أحد المحلات الذي سماه مالكه باسم (الموضة الإسلامية)، وكان يختص بملابس النساء الإسلامية، ولا تحتاج أن تدخل المحل لكي تعرف ما يباع فيه، فقط يمكن مشاهدة المعروض من الخارج لمعرفة ماهية المحل، لدى دخولك للمحل سوف تجد أشكال الحجاب التقليدية والعباءات التي لا تلبس الآن وانتهت منذ زمن طويل ولم تعد فتاة مسلمة تلبسها. ويصر صاحب المحل على أن بضاعته التي يبيعها تجد رواجاً كبيراً برغم أنني كنت الوحيد في المحل في وقت كان الشارع العربي فيه يعج بزحمة شديدة.

وائل، الشاب اللبناني والذي جاء لنيويورك في عام 1991 مهاجراً وباحثاً عن عمل يذكر: أعرف هذه المنطقة العربية منذ وصولي لأميركا، وأجدها لم تتغير كثيراً، وتتشكل الغالبية من سكانها من المغاربة واللبنانيين، ولكن يملك المحلات غالباً المصريون والمغاربة. اللبنانيون يفضلون العمل خارج هذه المنطقة.

ولدى سؤاله لماذا تبدو المنطقة قديمة، قال: «أعلم جيداً أن الأوضاع الآن مختلفة، وأن هذه الأحياء تشبه الأحياء العربية القديمة، وربما يكون السبب أن المهاجرين القدماء جاءوا بثقافتهم القديمة معهم ونمت مع أبنائهم الذين لم يشاهدوا بلدانهم الأصلية مطلقاً، بل يملكون فكرة شبه خاطئة عن بلدانهم، فلم يشاهدوا ما حدث من تطور لم يعرفه القدماء بطبيعة الحال ولا من وسيلة لكي يعرفه الجدد، خاصة أنه أصبحت فرص الهجرة قليلة لأميركا بسبب الأحداث الإرهابية وهكذا لم تعد الهجرة لأميركا بتلك السهولة».

المطاعم والأجواء في المنطقة العربية يصفها وائل بأنها تعينه قليلا على تحمل أجواء الغربة، فهو يجلس بشكل شبه يومي للعب (الطاولة) مع أصدقائه العرب وأبناء بلده من اللبنانيين، «ويصبح الجو أكثر حميمية عندما نجلس مع بعضنا».