معلم يحول مدرسته إلى بيئة تراثية تبين ثراء المنطقة التاريخي

«حمار» يحضر يوما دراسيا في القطيف

TT

حول معلم مادة اجتماعات بمدينة القطيف (شرق السعودية)، مدرسته إلى قرية تراثية تمثل البيئة القطيفية من حيث النشاط والعمل والعادات والتقاليد بطريقة فنية رائعة، واستلزم منه هذا العمل التنازل عن وقت الراحة والإجازة الرسمية في سبيل اخراج عمل فني يحسب لمدرسته. ويقول المعلم احمد آل مسري، من مدرسة اليرموك الابتدائية بمدينة صفوى «استغرق منى العمل 4 أشهر وعشرة أيام، حتى خرج بهذه الصورة»، ويضيف «بدأت العمل في شهر ديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي، حتى انتهيت منه هذا الأسبوع، خلال هذه الفترة كنت أعمل في الفترة الصباحية في أداء جدولي اليومي الذي يتضمن 23 حصة في الأسبوع وأحضر إلى المدرسة في الفترة المسائية لكي أنجز المعرض». ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل ان الإجازات الرسمية كالإجازة الأسبوعية وإجازة الحج وإجازة منتصف العام صادفت الإعداد لمعرض القرية التراثية التي يعمل عليه المعلم الفنان آل مسري، مما دعاه إلى قضاء هذه الإجازة بين جدران المدرسة لكي ينجز ما بدأه من عمل، ويعبّر عن ذلك بقوله «لست نادماً على قضاء الإجازات في العمل عندما أرى النتيجة التي أبهرت الجميع وعلى رأسهم مدير التعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور عبد الرحمن المديرس، الذي افتتح المعرض وأشاد به».

القرية التراثية التي تتوسط المدرسة تقع على مساحة 480 مترا مربعا استهلكت 3000 سعفة نخل وحوت 76 مجسماً وكلفت ما يقارب 12 ألف ريال، وصمت عددا من الأشجار الحقيقية وحمارا (قاري باللهجة المحلية)، كدليل على وسائل النقل القديمة في يوم الافتتاح، وعنزة مع صغيرها.

ويقول آل مسري «الشكر لكل من دعمني وآزرني في هذا العمل، خصوصاً طاقم المدرسة الذين كانوا خير عون لي، كما أخص بالشكر زميلي المعلم أحمد آل إسماعيل على ما قام به من جهود مميزة كان لها الأثر الكبير في اخراج العمل بهذه الصورة». وتحتوي القرية التراثية التي بنيت داخل المدرسة على مناخات متعددة تبين ثراء الحياة القطيفية، تبدأ بالكتاتيب لكي تعرف الزائر بتاريخ التعليم في بلادنا وما وصل إليه من نهضة وتطور جناح البحارة والأنشطة والأدوار التي يقومون بها وتراثهم الغنائي، ثم جناح البائع المتجول، ثم جناح الفلاحين، وجناح المنازل القطيفية، وتتعدد الأجنحة لتبلغ 18 جناحاً، يترافق فيها العرض مع الصوت، فعندما تقف أمام حجرة النوم تجد مجسم امرأة على سرير النوم وهي تحتضن الطفل لتسمع بكاء الطفل، كما تسمع في جناح البحارة غناء رواد البحر وأهازيجهم والزهيريات التي يبدعون في غنائها مبدوءة بـ «يا مال يا مال».

ويقول المعلم آل مسري «عندما حضر مدير عام التعليم إلى المعرض لافتتاحه رفعت المجسمات وألبست الطلاب ملابس البحر وعلمتهم طريقة الغناء وكذلك في الكتاتيب والبائع المتجول».

وشارك في العمل المنجز 20 طالباً، كما رعته شركتان من مدينة صفوى، يقول آل مسري «في بداية العمل قمت بشراء المستلزمات من حسابي الخاص، لكن بعد أن أنجزت جزءا كبيرا منه دفعت الشركتان الراعيتان لي ما أنفقته على المعرض وأكملت باقي المستلزمات».

ويؤكد آل مسري على الدور التعليمي الذي يقوم به من خلال وضع رسالة أمام كل جناح عبارة عن آية كريمة أو حديث شريف أو معلومة صحية، والسبب ـ كما يقول ـ أن معظم زوار المعرض من الطلاب لذلك، وضعت هذه الرسالة لكي يرتبط ما يشاهده الطالب بقيمة عليا لديه تعزز فيه الجانب الإيجابي.

للمعلم آل مسري مشاركات ومعارض متميزة، ففي العام الماضي أقام معرضاً عن الإرهاب جذب له الأنظار لجرأة الفكرة وطريقة تنفيذها فقد استقبل المعرض زيارات من مدارس المنطقة الشرقية بمعدل 4 مدارس يومياً، وأذاع التلفزيون السعودي تقريراً عنه عبر أحد برامجه ونقل المعرض في حينها إلى مشروع الزواج الجماعي لمدة ستة أيام، وزاره ما يقارب من الـ 7000 زائر لما حقق من النجاح.

المعلم المشرف على المعرض لا يتمنى أكثر من أن تفسح إدارة التعليم المجال لزيارة المعرض في الفترة المسائية لكي يطلع أبناء المنطقة الذين لا يستطيعون الحضور في الفترة الصباحية على تراث القطيف خصوصاً، والمنطقة الشرقية عموماً، الذي بدأ يندثر بسبب الإهمال.

جدير بالذكر أن المعلم أحمد آل مسري حصل على جائزة المعلم المتميز في عام 2004 على مستوى المنطقة الشرقية.